تحية للمرأة السورية في عيدها

صلاح بدرالدين

مقتضيات وأسباب اضطهاد
المرأة عديدة ومتشعبة ونصيبها أكثر بأضعاف من نصيب شريكها الرجل فهما يتشاركان في
الظلم الاجتماعي والاستغلال الطبقي على قدم المساواة على أصعدة الفقر والعوز
والبطالة وحقوق العمل واستغلال الأيدي العاملة وتوزيع الثروة والضمان الاجتماعي
والصحي وكذلك التفرقة والتميز القومي لللأسباب العنصرية وهناك مجالات أخرى تنفرد
المرأة فيها بالتعرض للاضطهاد والاستغلال تعود اما الى التقاليد البالية خاصة من
جانب الفئات المحافظة التي تعتبرها قاصرة وغير كفوءة ومنقوصة الوعي والادراك أو الى
النظرة الدينية الرجعية التي لاترى في المرأة الا كونها للمتعة وخدمة المنزل وتربية
الأطفال غير مسموح لها الظهور والتواصل مع المحيط وخارج حدود البيت أو التعلم
وارتياد المعاهد والجامعات أو العمل والانتاج .
فصل الدين عن الدولة مدخل رئيسي لتحرر المرأة كما تثبت لنا تجربة أوروبا عندما تم
ابعاد رجال الدين عن مفاصل التحكم بالسلطة والقرار وعزل الكنيسة عن ادارة البلاد
والتدخل بالسياسة بعد أن كانت المرجعية والآمر الناهي في عقود القرون الوسطى
الظلامية التي عاشتها البلدان الأوروبية وذلك بعد تعاقب الانتفاضات والثورات وخاصة
الثورة الفرنسية وهذه الحقيقة تفسر مدى تعلق نشطاء ثورات الربيع بمهمة عزل حركات
الاسلام السياسي عن موقع القرار التي أرادت تشويهها في أكثر من بلد .
طبعا
المرأة ليست طبقة معينة مستقلة لحالها بل تتوزع بين كافة الطبقات والفئات
الاجتماعية وعندما تنخرط في حركات ارهابية فأسبابها مثل الأسباب التي تدفع الرجل
أيضا للتورط في تلك المنظمات وهناك أسباب عديدة لتلك الظاهرة منها ردود الفعل على
الظلم الاجتماعي والاضطهاد ومقارعة الأنظمة الدكتاتورية بنفس وسائلها الارهابية
والانطلاق من مفاهيم خاطئة كالبحث عن الجنة والشهادة من أجل الحياة الأخرى الأكثر
عدلا واعتناق ثقافة المغامرة والقضاء على الآخر المختلف .
النضال من أجل مساواة
المرأة بالرجل لايقتصر على النساء فقط خاصة وأن مسالة تحرير المرأة واستعادة وتعزيز
حقوقها يتشابك عضويا مع المجالات النضالية الأخرى ولاتتجزأ عنها كالكفاح من أجل
الحرية والكرامة والعدالة وضد الدكتاتورية والاستبداد وفي سبيل التقدم وحقوق
الانسان وحرية الشعوب والأقوام الأقل عددا والمغلوبة على أمرها .
الحركات
النسوية الموجودة القديمة منها والحديثة تقوم بدور ما في التخفيف من اضطهاد المرأة
ولكن في الدول المحكومة بالأنظمة والحكومات الاستبدادية والتي تشن حروبا على شعوبها
كالحالة السورية مثلا فان فرص نجاحات تلك المنظمات محدودة ان لم تكن معدومة ولاشك
أن الوضع يتطلب تضافر الجهود المشتركة بين تلك المنظمات من جهة وبين باقي الحركات
النضالية من أجل الحرية والديموقراطية .
  لقد أثبتت المرأة السورية عن جدارتها
مرة أخرى منذ اندلاع الثورة حيث وقفت بصمود منقطع النظير أمام جميع الأهوال وتحملت
ومازالت فوق طاقتها مآسي القتل والتدمير والهجرة والنزوح وشاركت في الثورة والعمل
السياسي وقدمت الكثير ومازالت من أجل الأجيال القادمة والوطن وسعادة المجتمع .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…