كوردستان واستحقاقات الاستقلال

عيسى ميراني

 

الحملات العدوانية التي
تعّرض لها الكورد في كل الأزمنة وإن اختلفت ألوانها كان القاسم المشترك بينها
جميعاً هو القتل والإبادة وإلغاء الهوية، إلا أن الاعتداء الأخير الذي تزعمه تنظيم
داعش على الكورد في (شنكال وكوباني والمناطق الأخرى) أعاد إلى الأذهان المآسي
والويلات التي تعرض لها شعبنا على مر العصور بأبشع عدوان عنصري همجي بقطعٍ للرؤوس
وسبي للنّساء وتهجير ممنهج تحت شعارات إسلامية والإسلام منهم براء. وبسبب الثورة
الإعلامية والتغطية المستمرة لمشاهد العنف والأحداث تحوّل هذا العدوان إلى قتلٍ
بلون آخر وهو القتل النفسي والمعنوي للإنسان الكوردي إلا أن صمود الكورد في خنادق
القتال على طول خط المواجهة من أقصى الشرق الى كوباني أثبت للعالم بأن الكورد هم
الاجدر في ملاحم الصمود، وظهر ذلك جلياً في معارك التحرير للمناطق التي طُهّرت من
رجس تلك الوحوش البشرية. 
واستطاع الكورد تحقيق بعض المكاسب في هذه المرحلة. فقد غيرّوا المعادلة السياسية
لصالحه بعد أن كانت عصية عليه على مر العصور وحوّلوا الجفاء الدولي إلى اهتمام من
خلال تحويل عاصمة الكورد الى قِبلةٍ للقادة والساسة من دول أوروبا المختلفة لا سيما
دول القرار بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، وأصبحت الورقة الكوردية أداةً
للمنافسة للمرّشحين على الرئاسة الأمريكية فجميع المرشّحين يصرحون أنه إذا فاز في
الانتخابات الرئاسية سيدعم الكورد واستقلالهم. وإضافة إلى ذلك كسروا حاجز مركزية
الحكومة العراقية من خلال الحصول على الاسلحة وبيع النفط دون المرور بالحكومة
المركزية واصبحت كل هذه المكاسب سبباً للاهتمام الدولي بقضيتنا المصيرية وحافزاً
للاستفتاء على استقلال كوردستان، وهو ما أكده الرئيس مسعود بارزاني في مؤتمر ميونيخ
وبسبب الترابُط العضوي بين أجزاء كوردستان المختلفة خيمت هذه الظروف على كوردستان
سوريا التي اصبحت جزءاً مهما من المعادلة السياسية الدولية بسبب اخلاص الكورد
وتفانيهم في الدّفاع عن مقدساتهم والتزامهم بوعودهم، وبدأت تباشير غدٍ مشرق تلوح في
الأفق لا بد من استغلاله لمصلحة الكورد الذين ذاقوا الويلات من إخوة الدين والاخوين
سايكس وبيكو ويجب أن نقول معاً وبصوت عالٍ: ذهبت “سايكس بيكو” وكوردستان قادمة كما
قال الرئيس مسعود بارزاني في أكثر من محفل. وحتى يتحقّق ذلك الحلم يجب تكثيف الجهود
لتمتين الجبهة الداخلية ونبذ الخلافات والعمل لأجل المصلحة الكوردية العليا وهي
مهمة كل من يحمل راية الكوردايتي فان كوردستان قادمة بهمة البارزاني والبيشمركة
الأبطال، وقادمات الأيام ستكشف الكثير.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…