الوجه الآخر «للهيئة العليا للتفاوض»

صلاح بدرالدين 

  هكذا عودتنا – المعارضة
السورية – على اخفاء الحقيقة وعدم الشفافية فبعد اخفاق – المجلس الوطني السوري – في
تحقيق أية خطوة نحو الأمام والحاق الأذى بالثورة وتشتيت تشكيلات الجيش الحر
باعتبارها العمود الفقري لمشروع الانتفاضة والتغيير وذلك لعدم الانصياع لتعليمات
الاخوان المسلمين المتسلطين على المجلس والمتحكمين بتوزيع أموال الداعمين في تقديم
طلبات الانتساب لعضوية حركتهم والامتثال لقراراتهم وبعد أن استعيض عن المجلس با –
الائتلاف – بارادة خارجية ومن دون العودة الى قوى الثورة والحراك الوطني لم يعلن
أحد ماذا حصل ولماذا تم تغيير الاسم ولم نسمع عن أية مراجعة أو نقد ذاتي بل أن
الجميع شاركوا عمليا في اهانة الشعب السوري وتجاوز ثورته والادعاء زورا بتمثيلها.
  بالرغم من كل تراجعات الائتلاف وعجزه عن تحقيق ولو خطوة واحدة باتجاه حماية
الثورة ومدها بالدعم العسكري اللازم للدفاع ووقف الهجرة والنزوح أو تحسين أحوالهم
في المخيمات وأماكن اللجوء وفشله حتى في ادارة الصراع السياسي والدبلوماسي مع
النظام ومبالغته الكلامية المنافية للواقع في التبجح بوجود أكثر من ستين دولة صديقة
ومعترفة به كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري والتي ضاعت بطرفة عين بعد الاتفاق النووي
والهوة التي اتسعت يوما بعد يوم بينه وبين قوى الثورة والثوارلم يعلن يوما أنه أخطأ
أو أخفق أو أساء التقدير حتى انعقد مؤتمر الرياض ووضع حدا لدوره من دون ضجيج تماما
كما حصل مع سلفه غير الصالح – المجلس الوطني السوري – .
  هذا التردي المتدرج
والأداء السلبي والتهرب من المحاسبة والذي يعتبر نقطة من بحر والمخفي الأعظم الذي
لم يعلن بعد من أشكال الفساد والافساد وتمرير الأجندات الاقليمية والدولية والتنازل
عن الأهداف وتحويل الانتفاضة كمشروع ثوري وطني ديموقراطي يرمي الى اسقاط الاستبداد
وتفكيك سلطته واعادة بناء سوريا التعددية الجديدة الى مجرد لعبة سياسية قد تنتهي
بعقد صفقة مع النظام القائم والمشاركة في سلطته على قاعدة الحفاظ على كل مؤسساته
كماهي نقول أن كل ذلك ليس بالنموذج الحسن الذي يعتد به ولايشكل بأي حال تعبيرا عن
ثورة وطنية أشعلها شعبنا وقدم من اجلها مئات الآلاف من الشهداء .
  مؤتمر الرياض
وهيئته التفاوضية 
  عشية انعقاد مؤتمر الرياض كان المشهد العام يوحي برضوخ –
الائتلاف – الضعيف المتهالك غير المستقل لمتطلبات اللعبة الدولية واستعداده
للاستجابة الى مطلب التراجع عن أهداف الثورة في اسقاط النظام الى القبول بالتعاون
معه في حكومة وحدة وطنية أو – انتقالية – لافرق بحسب توافق القطبين الأكبرين المعبر
عنه في فيينا 2 ولكن لم يكن يمتلك الجرأة وكان يحتاج الى توفير مقومات جديدة مثل
استمالة فصائل عسكرية ذات وزن حتى لو لم تكن من الجيش الحر وكذلك غطاء عربي مؤثر
مثل السعودية بعد اهتزاز الصدقية القطرية – التركية لارتباطهما بمشروع أسلمة وأخونة
الثورة السورية وضلوعهما في تفضيل اللون الواحد على حساب استبعاد جموع الوطنيين
الثائرين والعلمانيين ومن ضمنهم قطاعات وأفراد من شرفاء الجيش الحر.
  لم يوفق
القائمون على تنظيم مؤتمر الرياض في تجاوز الأخطاء الماضية المكررة خاصة في مسألة
توكيل الأمر الى لجنة تحضيرية سورية ولأن الهدف كان التفاعل مع التوافق الدولي بأي
ثمن اكتفى المؤتمر من حيث الشكل الظاهري بالموجود من – الائتلاف – و – هيئة التنسيق
– ومجموعات أخرى أقرب الى الموالاة وذلك لتحقيق ما أطلق عليه با (الاجماع) وكان
الأخطر والأكثر تأثيرا اغراق (الهيئة العليا التفاوضية) بأشخاص كانوا حتى الأمس
القريب من صلب النظام والهدف هو تأمين غالبية ناشطة مقتنعة بالتعاون مع النظام وليس
اسقاطه بل الحفاظ على مؤسساته كما ورد في وثائق فيينا 2 ومجمل ممارسات المبعوث
الدولي.
  يجب الاعتراف بأن متنفذي – الهيئة العليا للتفاوض – يديرون باتقان
ماأوكل اليهم من مهام خاصة في مجال الانشغال بالأمور الهامشية وليس المصيرية
الأساسية والبراعة في متابعة اختراقات وقف الأعمال العدائية ومراقبة وتحديد مصادر
النيران مثل الشرطة الدولية لكأنهم ومن دون أن يدروا يمارسون نفس تكتيك النظام في
اطالة عمر الصراع من أجل كسب الوقت وكل من يراقب تصريحاتهم على الفضائيات يدرك أنهم
يسعون الى تضخيم قوة الأعداء والخصوم وخفض المعنويات واطلاق أقوال مدروسة مثل :
الثورة تواجه نصف الكرة الأرضية وكل العالم يتآمر عليها ليس من أجل اتخاذ الحيطة
والحذر والمزيد من الاستعدادات الدفاعية ولكن في سبيل تعويد الناس على قبول
التنازلات والتسليم بالأمر الواقع الذي هو النظام ومؤسساته والتمهيد لعقد الصفقة
المنتظرة علنا وعلى رؤوس الأشهاد. 
  قد يعتبر البعض أن دعوتنا لعدم الارتهان
الى مشاريع القوى الكبرى وخاصة الروس والأمريكان نوعا من المزايدة واصرارنا على
العودة الى الشعب بعقد المؤتمر الوطني السوري نوعا من التكرار الممل وأن كشفنا
لخطايا واخفاقات (المجلس والائتلاف والهيئة التفاوضية) نوعا من العدمية ولابد من
القول لهذا البعض لاهذا ولاذاك وأن شعبنا يمر الآن بأخطر وأدق اللحظات ولابد من
الاقدام على خطوات استثنائية غير مسبوقة من أجل تخطي الكارثة بأقل الخسائر والا
يكون الأوان قد فات.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…