أيهـا السيدات و السادة المهنئين: اسمحوا لي، فأنا لم أفهم شـــــيئآ

ديـــار ســليمان

قبـل سـنوات طويلـة قـرأت لاحـد القـادة المخضـرمين للحركـة الكردية في سـورية توصيفـآ لظاهـرة الانشقاقات التي اصـابت الأحـزاب الكردية، اذ شـبه الأمـر بمجملـه بتكـاثر الخــلايا و توالدهـا من بعضهـا البعـض، حـتى أن كل خليـة تشـبه الأخـرى و تطابقهـا، و تـشترك معهـا في الصفات التكوينية.

و قد رأى في تكاثـر  الخلايـا هذا (و هو محـق في ذلك)، ظاهـرة مرضيـة في الحـياة الحزبية، تشبه تكاثـر الفطريات، التي تحتاج الى الوقوف عليها و معالجتها معالجة جـذرية، حتى لا تتفاقـم و تخرج عن السيطرة.
و الانشقاق الذي كان يبـدأ بالبيـان رقـم واحـــد، والذي لم تـكن الأطـراف المتباعـدة تعـدم الحجـة فيه ، في الحـاق جميل الصفـات بهــا، و قبيحهـا بما عـداههـا، ثـم لا يلبث أن ينتقـل بهزات ارتداديــة الى الشـارع الشعبي، حيث و مع مـرور الأيام تزداد الفجـوة اتساعآ.
كان الجميـع يدعـي و لا زال، أنه يستظل بخيمـة البارزاني الخالد و يسير على نهجـه، و على العمـوم لا يمكـن انكـار أن هناك من هو محـق في ذلك، لكـن الأكيـد أن هذا النهـج هو أبعـد ما يكون عن روح التشرذم و الانقسـام الذي كان التوصـيف الفعلي لما أقدموا عليه.
في المقابـل، فأنه من المنطقـي أن تكون كل خطــوة جـدية و مهمـا كانت صـغيرة، للتقـارب بين رفـاق الخـندق الواحـد موضـع ترحـيب، بشـرط أن يكـون هذا الترحـيب مبنيـآ على أســاس الفهـم لآليــات التقـارب و أسـبابه، اذ ينبغــي على الأقــل وضـع الأغلبيـة الصامتـة في صـورة ما يجـري، و وضـع دراسـة علميـة متكاملـة للأنشقاقات ، تعريفهـا و أسـبابها و علاجهـا، دراسـة بعيـدة عن أسـلوب (عفـا اللـه عمـا سـلف)، حتى لا نفاجــأ في كل مـرة بأنشقاقات جديـدة، و حـتى تعـم الفائـدة، فمن يدري قد تكـون الوسائل المستخدمة أخـيرآ على سبيل المثال ناجعـة في اسقـاط المـزيد من قـلاع الوهـم الغـير عصية حقـآ على الفتـح فتشـكل نواة للدراسة العتيدة هذه.
عـودة رفاق البارتي الى حزبهـم، هو كعـودة رواد الفضـاء الذين يسبحـون في الفـراغ الى مركبتهم الفضائيـة، فهم لا يستطيعون الأنفصـال عن المركبـة كونهم يرتبطون بها بحبـل الأوكسجين و لا يستطيعون البقـاء في الفضـاء طويـلآ لما يحمله ذلك من مخاطـر على حياتهـم هذا واضـح، لكـن الذي يحتاج الى التوضيـح هو الأسـباب التي تدفع هـؤلاء الى الخروج و القواعـد التي تتحكـم في عودتهـم، و لأن السـياحة الفضائية باهظة التكاليف، يجب التأكـد فيما اذا كانت تلك الأجراءات من الدقـة بمكـان بحيث أنهـا كصمام أمـان تحـول دون دخـول أية عوالـق فضائية الى داخـل المركبـة و تقي روادها شـر التسـرب الى خارجهــا.
هنـاك جهـود مـشكورة بذلت لا شـك في ذلك، يجب توضيـح ذلك ضمـن سـياق المسـألة اجمـالآ و توضيـح دور الفرد.
 جميـل أن يكون هناك (اعتصـام بحبـل اللـه جميعـآ) كمـا دعـا البعض في برقيـاتهم، حتى تزداد مشاعر (الفـرح و السـرور) التي أحـس بها معظـم النـاس، لكن ذلك لا يحـول دون الدعـوة الى الأعتصـام كذلك بالنظـام الداخلـي و منهـاج الحـزب والعمـل على تطويرهمـا.
و حتـى تفهمــون و نفهم، و لكي لا ننغص عليكـم أفراحكــم، نقـول: لا زالت الأفــراح في ديــاركم عامـــرة!

02.05.2007

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   في دهاليز السلطة، حيث تتهامس الأقدار وتتصارع الإرادات، تُحاك خيوط اللعبة السياسية ببراعة الحكّاء الذي يعيد سرد المأساة ذاتها بلغة جديدة. تُشبه تركيا اليوم مسرحًا تراجيديًا تُعاد كتابة فصوله بأقلام القوة الغاشمة، حيث تُختزل الديمقراطية إلى مجرد ظلٍّ يلوح في خطابٍ مُزيّف، بينما تُحضَر في الخفاء عُدّة القمع بأدواتٍ قانونيةٍ مُتقَنة. إنها سردية قديمة جديدة، تتناسخ…

خالد بهلوي بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى وإرساء أسس بناء الاشتراكية وظهور المعسكر الاشتراكي كقوة اقتصادية وعسكرية تنافس الدول الرأسمالية ومعسكر الحلف الأطلسي، انعكس هذا التوازن على العديد من الدول، فحصلت على استقلالها، ومن بينها الدول العربية. كما خلقت هذه التحولات قاعدة جماهيرية تنادي بضرورة الاشتراكية، وأصبحت بعض هذه الدول، وحتى الأحزاب القومية التي تشكلت فيها، تدّعي…

شكري بكر لا يزال موقف حزب العمال الكوردستاني غير واضح تماما من فحوى نداء أوجلان في تسليم السلاح وحل نفسه. هنا سؤال يطرح نفسه: هل رسالة أوجلان وجهها لحزب الاتحاد الديمقراطي في تسليم السلاح وحل نفسه؟الصفقات التي يقوم بها الـ PYD مع الشرع هنا وهناك دلالة للسير بهذا الاتجاه.أعتقد أن الـ PYD سيسلم سلاحه وحل نفسه عبر الإقدام على عقد…

صلاح بدرالدين   زكي الارسوزي من مواليد – اللاذقية – انتقل الى الاسكندرون لفترة طويلة ، ثم عاد يمتهن التدريس في دير الزور وحلب وغيرهما ، وله الدور الأبرز في انبثاق حزب البعث ، ومعلم الرواد الأوائل في هذا الحزب ، وقد طبع كتابه الموسوم ( الجمهورية المثلى ) في دار اليقظة العربية عام ١٩٦٥ ، وتضمن آراء ، وأفكار…