تهديدات أوغـــــلو .. ومخاوف مســــــلم

شــريف علي

يبدو أن التهديد والوعيد الذي يتردد
باستمرار على ألسنة المسؤولين الأتراك تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي الجناح السوري
لحزب العمال الكوردستاني و تنظيماته العسكرية فيما إذا تلمست الإدارة التركية كل ما
يمكن أن يهدد ما تعتبره أمنها القومي، باتت على مقربة من الدخول حيز التنفيذ مع
إبداء صالح مسلم  رئيس حزب الإتحاد الديمقراطي تخوفاته، مثلما جاء في وسائل
الإعلام، وأخذه تلك التهديدات على محمل الجد. لا سيما أن هذا يأتي في ظل التقدم
الذي تحققه الأطراف المتحالفة على الأرض من قوات النظام والميليشيات العراقية
والإيرانية وحزب الله و داعش وما تسمي نفسها قوات سوريا الديمقراطية، و بغطاء جوي
من الطيران الروسي ضد الوحدات المسلحة المناوئة للنظام في ريف حلب الشمالي، رغم
الدعوات الدولية بوقف إطلاق النار منذ بدء اجتماعات جنيف وحتى انعقاد مؤتمر ميونيخ
منذ أيام، والذي أكد على ضرورة وقف إطلاق النار في سوريا خلال أسبوع،
 إلا أن الحضور العسكري السعودي في القواعد الجوية التركية بالقرب من الحدود
السورية حيث تدور المعارك، وتأكيدات عادل الجبير وزير الخارجية السعودي أثناء مؤتمر
ميونيخ على إمكانية التدخل البري في الصراع الدائر على الأرض السورية لصالح قوى
المعارضة يعكس بصورة لا لبس فيها بأن تركيا جادة في تهديداتها رغم التداعيات
المتوقعة من مثل ذلك التدخل على مجمل خطوط الصراع وامتداداتها الإقليمية والدولية
خاصة وأن روسيا والقوى المتحالفة معها داخليا وخارجيا ترى في كل مناوئ للنظام ضمن
صف الإرهابيين، في وقت يقابله إصرار أمريكي على حصر الإرهاب في تنظيم الدولة مضافا
إليه من جانب البلدان التي أبدت استعدادها للمشاركة بالتدخل البري في سوريا ما
تعتبره كافة المجموعات المسلحة المتحالفة مع النظام ومن ضمنها ما تسمى قوات سورية
الديمقراطية، وهذا ما شكل الدافع لما أبداه صالح مسلم من تخوفات تجاه تهديدات رئيس
الوزراء التركي أحمد داود أوغلو التي تجعل المناطق الكوردية ساحة حرب مدمرة ومعرضة
خلالها أبناء شعبنا الكوردي لشتى الانتهاكات من جانب القوات التركية، وتلك العازمة
على المشاركة معها خاصة وأن لشعبنا الكوردي تجاربه المريرة على يد القوات التركية
التي تستبيح كوردستان منذ حكم السلاطين وإلى يومنا هذا حيث الانتهاكات اليومية بحق
الكورد من جانب الجندرمة التركية بما فيها القتل والتعرض للأعراض على غرار ما هو
قائم في الولايات الكوردستانية من تركيا، وإذا كانت هذه السياسة التركية المعتمدة
فإن الحالة الكوردية، وبدلا من إبداء المخاوف، تتطلب انتهاج ما يضمن سلامة وأمن
واستقرار المناطق الكوردية وأبناءها قبل أي شيء آخر وسحب الورقة الكوردية من أيدي
القوى الراعية والحاضنة للإرهاب في المنطقة  في ظل أجواء دولية غير مستقرة نقلت
بصراع القوى الإقليمية والدولية من أجل مصالحها إلى المنطقة الكوردية إن كان ذلك في
العراق أو سوريا، وتنذر بحرب كارثية يدفع ضريبتها الشعب الكوردي الآمن قبل غيره
بشكل أساسي، خاصة في ظل المعطيات التي تؤكد استحالة إمكانية استمرار سيطرة النظام
أو ما ذكر من حلفائه على المناطق الكوردية لفترة طويلة حال غياب الغطاء الجوي
الروسي. 
14/2/2016      

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…