سورية والحلول المرتقبة

د. كاوا أزيزي

 

 سورية بلد ذو حضارة عريقة يسكنها اقدم شعوب المنطقة من كرد وسريان وعرب
واخرون  . سورية بلد متعدد الثقافات
والديانات والقوميات والطوائف .لم تجد سورية منذ تاسيسسها اي استقرار نتيجة
الصراعات بين اطياف سورية المختلفة وقد استغل هذه الصراعات من قبل القوى الخارجية
لتجنيد الانظمة الحاكمة لتنفيذ اجنداتها واضطهاد شعبها .ونحن شهود على تلك الخلافات
بدئا من الانقلابات العسكرية والتصفيات السياسية , وصولا الى عهد البعث والطائفة
العلوية لاحقا .

لقد اضطهد الكرد على يد معظم الحكومات السورية وخاصة بعد تصاعد الفكر
الشوفيني العربي البعثي , وتوج هذا التصعيد بعد الانفصال وافساح الساحة للبعثيين .
لقد تم اصدار قوانين واجراءات كثيرة تمنع التطور في المنطقة الكردية وتحد من نشاط
الكرد الاقتصادى والصناعى والثقافي والسياسي . وبدات المشاريع العنصرية بالصدور
اولها سحب الجنسية من عشرات الالاف من الكرد حصرا في محافظة الحسكة ,  حيث ما يزال الكثيرون  يعانون من هذا الحرمان , تبعها مشروع الحزام
العربي باسكان عرب من الداخل السورى في المناطق الكردية واسكانهم في اراضى زراعية
كردية  ومسيحية بعد مصادرتها . وتم تغيير
الاسماء للمدن والقرى والسهول من الكردية الاصيلة الى اللغة العربية ,  ومنع التسمية بالاسماء الكردية للولادات ,
واخرها المرسوم الجمهورى 49لعام2009 الذى منع البناء والاستثمار في المنطقة
الكردية .

 بعد انقلاب حافظ اسد العسكرى1970 بدأ صراع جديد على اساس طائفي (علوي –سنى)
وبدات فصول دموية بين الطرفين كمجازر حماة وحمص وغيرها وليس اخيرا ما نشاهده اليوم
من تدمير وتهجير وتغيير ديمغرافي وقتل وابادة للوطن والشعب السورى ’ هذا كله
يجرى  على اساس  الصراع القومى والطائفي . فالى متى هذا التدمير
؟؟
 من الصعب عودة سورية الى مرحلة ما قبل 2011 , النظام قام بتحديد حدوده
ويقوم بتصفيات عرقية وطائفية لتوسيع حدود دويلته العلوية ,وبالتنسيق مع ال ب ي د ,
سلم مناطق واسعة من كردستان سورية الى هذا الحزب في اتفاق واضح لمساعدة النظام
بادارة تلك المناطق امنيا , والتنسيق معهم في محاربة المعارضة السورية الكردية
والعربية المعاديتين للنظام البعثى الاسدى .والدروز يحكمون منطقتهم ويحمونها
عسكريا , وهكذا حال القبائل العربية والمسيحيين والاطياف السورية الاخرى .
في هذه المعمعة والتدمير وبعد
توقيف المفاوضات في جنيف 3 , طبعا بعد فشل جنيف الاولى والثانية , ياتي المبعوث
الدولى الخاص لسورية السيد  ديمستورها,
بطرح المشروع الفيدرالى على المعارضة السورية العربية . طبعا العرب لا يقبلون باى
حل صحيح طالما هناك حلول دموية خاطئة , ان الاصرار على الحسم العسكرى ليس الا,
التدمير على ما تبقى من اعمار والدخول في حرب اهلية دموية تحرق الاخضر واليابس وفي
نهايتها التقسيم . 
نحن نرى بان افضل السبل للحل في سورية يكمن في وقف اطلاق النار الفورى ,
والدخول في محادثات ثنائية مباشرة والاعتراف المتبادل من دون شروط مسبقة بين
النظام والوفد المفاوض  المعارض, والاسراع
في ايصال المعونات والادوية ووقف التهجير الجماعى واطلاق سراح السجناء من قبل كل
الاطراف , والوصول الى حل لتشكيل هيئة حكم انتقالى (يقود في النهاية بغض النظر عن
شكلها) الى كتابة دستور جديد يتفق عليها جميع المكونات في حقوق ما فوق دستورية لا
تقبل النقاش ولا يكون لاحد الفيتو على احد , في سورية فيدرالية , تعددية ’
ديمقراطية , غير محايدة ’ تعترف بالقيم والاعراف الدولية لحقوق الانسان ’
والاعتراف باسرائيل بحقها في الوجود والوصول معها الى حل يرضى الطرفين . ويكون
للكرد فيها اقليمهم الفيدرالي الذى يشمل جميع كرد سورية من دون انقطاع جغرافي لرفع
الغبن الذي لحق بهم منذ عشرات السنين على ايدى الحكومات العربية المختلفة . 
 ما عدا ذلك يجب ان نتوقع اسوأ السيناريوهات واراقة بحار من الدماء وخسارة
الجميع وتقسيم المنطقة والدخول في حروب اهلية طويلة الامد سيكون لها بداية و لكن نهاية
غير معروفة ؟؟؟

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…

صديق ملا   إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج : أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا… فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول…

خالد بهلوي   تُعَدّ العلاقات الاجتماعية جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، إذ تلعب دورًا جوهريًا في بناء شخصيته وتشكيل نظرته إلى الحياة. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمعزل عن الآخرين، مما يجعل هذه العلاقات ضرورية لتحقيق التوازن النفسي والعاطفي. ورغم دورها الإيجابي، فإن للعلاقات الاجتماعية جوانب سلبية قد تؤثر على الأفراد والمجتمعات بطرق مختلفة. في سوريا، تتميز…

عُقد يوم الثلاثاء الموافق ٢٢ نيسان ٢٠٢٥ لقاءٌ مشترك بين المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا برئاسة سكرتيره الدكتور صلاح درويش، ووفد من المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح الكردي – سوريا برئاسة المنسق العام الأستاذ فيصل يوسف، وذلك في مقر الحزب بمدينة القامشلي. تناول اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وكان أبرزها: ١. مناقشة آخر المستجدات على الساحة…