رؤية سياسية حول القضية السورية والقضية الكردية

 المحامي خالد محمد

مع تسارع الأحداث والتطورات في العلاقات الدولية وخاصة
بعد انتهاء فترة الحرب الباردة وبروز معالم النظام العالمي الجديد والذي أحدث ثورة
في الجوانب الفكرية والسياسية والإقتصادية وتجسد ذلك في تبني مفاهيم سياسية وثقافية
وقانونية دولية قائمة على الإعتراف بالتعدد الثقافي والسياسي والديني ورفض الفكر
الشمولي.
وحيث أن القيم الانسانية أصبحت مرتكزا محورياً وأساسياً في العلاقات
الدولية ويما أن الأمم هي أيضا الأصل المتفق عليه في التنظيم الدولي المعاصر كما
ورد في مقدمة ميثاق الأمم المتحدة بقوله نحن الشعوب الأمم المتحدة الخ.
وعليه لا
يمكن بناء أي نظام سياسي مستقر الا بإعادة رسم العلاقة السياسية بين الشعوب
المختلفة داخل الدول المتعددة القوميات أو الأديان على أسس تعبر بموجبه هذه الشعوب
أو المكونات عن تمايزها الإيجابي القومي والثقافي والسياسي والديني في إطار دستور
معاصر بما يتوافق مع المبادئ العامة في القانون الدولي العام.
وحيث أن لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها وتحديد مركزها السياسي والقانوني والسعي
لتحقيق نموها الإقتصادي والإجتماعي والثقافي بحرية وفقاً لمبادئ القانون الدولي
وميثاق الأمم المتحدة كما ورد في المادة (1) فقرة (2) والمادة (55) من
الميثاق.
وعلى إعتبار أن الشعب الكردي في سوريا يعيش على أرضه التاريخية والأمة
الكردية واحدة وقد قسمت كردستان تاريخيا وألحقت بعدة دول بدون إرادة الشعب
الكردي.
وبما أن الشعب الكردي شعباً أصيلاً تحكم حقوقه المبادئ العامة في
القانون الدولي العام والمتمثلة في حقه بمبدأ تقرير المصير المتفق عليه عليماً
ودولياً.
ووفق القواعد العامة يمكن ممارسة حق تقرير المصير داخل الدولة بما يسمى
بحق تقرير المصير الداخلي وعليه يمكن ممارسة هذا الحق من قبل الشعب الكردي في سوريا
ضمن الحدود الدولية المعترف بها لسورية الحالية على إعتبار أنه لم ينل حقوقه
القومية المشروعة وفق القانون الدولي والمتمثلة في ممارسة حقه في تقرير المصير
بإعتبار أنه ما زالت ترتكب بحقه وبحق الشعب السوري عامة سياسات إجرامية قهرية
تسلطية عنصرية قائمة على التجاهل وعدم الإعتراف بوجود الشعب الكردي وحقوقه
القانونية على الصعد السياسية والثقافية والإقتصادية والتاريخية.
وأن ممارسة
الشعب الكردي لحقه في تقرير المصير هي حق طبيعي وبديهي له في تحديد مركزه السياسي
والقانوني والدستوري ويتحقق ذلك على المستوى الداخلي والدستوري بوضع ورسم جديد
للعلاقة السياسية والقانونية بين الشعوب في سوريا واعتماد عقد سياسي واجتماعي جديد
وسن دستور جديد لسورية معاصر ومن ثم بناء نظام سياسي يظهر فيه التعدد القومي
والديني والسياسي والثقافي دستورياً بتبني نموذج الدولة الفدرالية كحل عقلاني
وسياسي وإنساني معاصر لسورية.
إن القضية الكردية في سورية قضية سياسية وحلها
مترافق مع أيجاد حل شامل وسليم وعادل للوضع والحالة السياسية المأساوية في سورية
عامة وذلك بعد وقف الحرب والسير بالعملية السياسية بدءا من المرحلة الإنتقالية
وآلية الإنتقال السياسي للسلطة والتي نعتقد بصعوبتها نتيجة عدم نضوج التفاهم الدولي
والإقليمي وكثرة المعوقات الداخلية التي تعترض السير بالعملية السياسية وغياب الثقة
بين الأطراف المتحاربة.
وفي المرحلة الإنتقالية والتي يتوجب فيها وضع دستور جديد
لسورية يتضمن وفق ما نعتقد ما يلي من مبادئ وأسس:
أولا على الصعيد السوري
1
وضع دستور جديد لسورية بعد تشكيل هيئة الحكم الإنتقالي بهدف بناء نظام سياسي يتبنى
نموذج الدولة الفدرالية على أساس التفاهم بين الشعوب والأقليات في سورية يظهر فيه
تعدد والفكر الديمقراطي هادفاً تحقيق الحرية السياسية والديمقراطية السياسية
معتمداَ مبدأ التعدد القومي والسياسي والديني والثقافي في إطار الدولة الدستورية
والمدنية المعاصرة.
2 إعتبار الإنسان أصل القيم الثقافية والسياسية والإقتصادية
والإجتماعية والدينية وتجسيد ذلك بنظم قانونية.
3 التأكيد المطلق على رفض كل
أشكال العنف وإتباع الطرق السلمية والسياسية المؤنسنة لحل جميع القضايا في سورية
بعد تطبيق وقف إطلاق النار والسير بالعملية السياسية والإنتقالية وتفعيل القيم
العالمية والقانونية الدولية.
4 إعتماد النظام السياسي البرلماني.
5 إقرار
مبدأ المشاركة السياسية لجميع الشعوب والاقليات في سورية في صناعة المستقبل السياسي
وضمان حقوقهم دستورياً.
6 إجراء إحصاء سكاني لجميع الشعوب والأقليات في
سورية.
7 إعتماد مبدأ العلمانية في المؤسسات السياسية والدستورية.
8 تأكيد
مبدأ المساواة بين الشعوب والأقليات والأديان والثقافات وبين الرجل والمرأة وإلغاء
كل أشكال التميير الغير إنساني.
9 إعتماد المنظومة القانونية والثقافية الدولية
لحقوق الإنسان كمرجعية وتشكيل الهيئات السياسية والقانونية المختصة بذلك وإعتمادها
كمعيار في سن كل القوانين السياسية والغير سياسية.
10 التوزيع العادل للثروة بما
يؤدي إلى التنمية المتوازنة والشاملة مع الأخذ بعين الإعتبار المناطق المحرومة
تاريخياً كأقليم كردستان سورية مثلاً.
11 الإعتراف بكل الثقافات والأديان
القوميات واللغات في سورية بناءاً على مبدأ الحق في التعدد القومي والثقافي واللغوي
والحضاري المعترف به دولياً.
12 إطلاق الحريات العامة وإلغاء كل القوانين التي
تحد من هذه الحريات وفق القوانين الدولية والأنظمة المعمول بها في الدول
المتحضرة.
13 إلغاء جميع القوانين العنصرية والذكورية والتي تتعارض مع القيم
الإنسانية والمبادئ العالمية المتفق عليها في القانون الدولي والأمم
المتحضرة.
ثانياً على الصعيد القضية الكردية
1 الإعتراف الدستوري بوجود الشعب
الكردي وبحقه في تقرير المصير وفقاً لقواعد القانون الدولي وضماناته.
2 إقرار
الدولة الفدرالية القومية حسب القواعد العامة في القانون الدولي والضمانات الدولية
التي تستلزم ضمان الإعتراف بالشكل الدستوري الجديد للدولة السورية.
3 التحديد
والتثبيت الدستوري لإقليم كردستان سورية بما يتوافق مع الوجود التاريخي للشعب
الكردي وفق المبدأ الفدرالي على أساس الإتحاد الإختياري ووضع الدستور الإقليمي
وإقامة الحكومة الإقليمية الكردية والبرلمان الإقليمي الكردي والقضاء الإقليمي
الكردي وينظم العلاقة بين الإقليم والدولة السورية الدستور الإقليمي والدستور
السوري الفدرالي.
4 إعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في البلاد وسن قانون خاص
بذلك بضمانة دستورية.
5 إجراء إحصاء سكاني للشعب الكردي في سورية ومشاركتهم في
المؤسسات السياسية والدستورية بنسبة عددهم.
6 إلغاء كافة المشاريع والقرارات
والقوانين والإجراءات العنصرية المطبقة بحق الشعب الكردي وإنصاف المتضررين وإعادة
الحال إلا ما كانت عليه قبل تلك الإجراءات بالقانون.
7 إعتماد المعايير
والإتفاقات الدولية والقيم الإنسانية كمرجعية فكرية وسياسية ودستورية وثقافية في
إقليم كردستان سورية وعدم تعارض دستور وقوانين إقليم كردستان سورية مع المعايير
الدولية.
8 إعتماد القيم الديمقراطية وأسسها في مؤسسات إقليم كردستان سورية من
شرعية الحكومة الإقليمية وفصل وتداول السلطات وسيادة الحق والقانون والرقابة
القضائية والدستورية وحرية الصحافة والإعلام.
9 إقرار مبدأ العدالة الإجتماعية
والمساواة المطلقة بين الناس وبين الرجل والمرأة دون تمييز في جميع مناحي الحياة
حسب القيم الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
10 إعتماد المعايير
والمعاهدات الدولية وقيم الديمقراطية العالمية والإنسانية في سن القوانين السياسية
والغير سياسية في الإقليم على الصعد الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والثقافية
والدينية.
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…