د. خوشناف سليمان
تختلط في السياسة النفطية
قضايا السياسة بالاقتصاد، خاصة حينما تستخدم تقلبات أسعار النفط في الأسواق للتأثير
على السياسات الدولية. فقد انخفض منذ حزيران عام 2014 سعر برميل النفط بنسبة 65% من
100 دولار للبرميل إلى 40 دولار، لينهار في يناير/كانون الثاني 2015 ويصل الى مستوى
ما دون 30 دولاراً. ويتوقع العديد من الخبراء، بما فيهم وكالة الطاقة الدولية،
استمرار عملية الانكماش خلال الفترة القادمة.
قضايا السياسة بالاقتصاد، خاصة حينما تستخدم تقلبات أسعار النفط في الأسواق للتأثير
على السياسات الدولية. فقد انخفض منذ حزيران عام 2014 سعر برميل النفط بنسبة 65% من
100 دولار للبرميل إلى 40 دولار، لينهار في يناير/كانون الثاني 2015 ويصل الى مستوى
ما دون 30 دولاراً. ويتوقع العديد من الخبراء، بما فيهم وكالة الطاقة الدولية،
استمرار عملية الانكماش خلال الفترة القادمة.
ويُعزى هذا التراجع الى عوامل كثيرة، منها عوامل العرض
والطلب ونشاط المضاربين وضعف الطلب العالمي على مادة الخام، فضلا عن زيادة الإنتاج
بعد طفرة النفط الصخري الأميركي. في المقابل هناك آراء تفسر الظاهرة بعوامل سياسية
صرفة، كعقاب جماعي للدول المنتجة للنفط،
والطلب ونشاط المضاربين وضعف الطلب العالمي على مادة الخام، فضلا عن زيادة الإنتاج
بعد طفرة النفط الصخري الأميركي. في المقابل هناك آراء تفسر الظاهرة بعوامل سياسية
صرفة، كعقاب جماعي للدول المنتجة للنفط،
ويعتقدون أن منتجو النفط الكبار في العالم
والولايات المتحدة قد أتفقوا على خفض الأسعار من أجل معاقبة روسيا اقتصادياً والضغط
عليها بسبب موقفها من الأزمة السورية والأوكرانية، وكذلك معاقبة إيران التي تم
تخفيف العقوبات المفروضة عليها، وأصبحت لديها قدرة أكبر على بيع نفطها في الخارج.
وتبدو روسيا وإيران والعراق أكثر الدول تضررا من انخفاض الأسعار، بسبب اعتماد
اقتصادياتها بشكل أساسي على واردات “الذهب الأسود”. وقد أفرز هذا الإنهيار ثلاث
مجموعات من الدول: دول منتجة تتعامل مع الأزمة بهدوء وثقة كالسعودية والإمارات،
ودول منتجة قلقة مثل إيران وروسيا وفنزويلا ترى في ذلك مؤامرة على اقتصاداتها، ودول
مستهلكة تنعم بالفوائد وتحسب عوائدها مثل الصين واليابان ودول الاتحاد
الأوروبي.
والولايات المتحدة قد أتفقوا على خفض الأسعار من أجل معاقبة روسيا اقتصادياً والضغط
عليها بسبب موقفها من الأزمة السورية والأوكرانية، وكذلك معاقبة إيران التي تم
تخفيف العقوبات المفروضة عليها، وأصبحت لديها قدرة أكبر على بيع نفطها في الخارج.
وتبدو روسيا وإيران والعراق أكثر الدول تضررا من انخفاض الأسعار، بسبب اعتماد
اقتصادياتها بشكل أساسي على واردات “الذهب الأسود”. وقد أفرز هذا الإنهيار ثلاث
مجموعات من الدول: دول منتجة تتعامل مع الأزمة بهدوء وثقة كالسعودية والإمارات،
ودول منتجة قلقة مثل إيران وروسيا وفنزويلا ترى في ذلك مؤامرة على اقتصاداتها، ودول
مستهلكة تنعم بالفوائد وتحسب عوائدها مثل الصين واليابان ودول الاتحاد
الأوروبي.
في مطلق الأحوال، ان تدني أسعار النفط الى مستويات
قياسية، يحمل في طياته مخاطر كبيرة ستزعزع ليس فقط استقرار الدول المنتجة للنفط
وحسب، بل والعالم بأسره. ومن الوارد ان يطلق هذا الإنهيار العنان لقوى شريرة جارفة:
يتم عبرها إعادة توزيع الثروة والرأس المال، وفرض واقع جديد على ملايين المستثمرين
والشركات بتغيير خططهم الإستراتيجية. وهو أمر يعني فقدان الاقتصاد العالمي التوازن
المطلوب وامكانية تعرض العديد من الدول للإفلاس، والذي سينعكس سلبا على قضية الأمن
العالمي، الآخذ في التفاقم والغموض. وفي هذا السياق، يحذر أحد أبرز خبراء المال
الألمان، كلاوس كالديمورغن، بأن الإنخفاض المتواصل لسعر النفط سيخلق “مخاطر نظمية
منهجية”، اي بما معناه: إنخفاض الأسعار سيؤدي الى نشوء أزمة مالية وإقتصادية عالمية
جديدة، ستؤدي في نهاية المطاف الى حدوث تفاعلات تسلسلية كارثية تساهم في جر دول
عديدة نحو حافة الهاوية، وبالتالي جلب البؤس والشقاء لعشرات الملايين من البشر. في
الواقع لا يشاطر جميع خبراء الإقتصاد هذا الرأي، ولكن الكثير منهم يرون أن تسارع
وتيرة إنخفاض أسعار النفط يحمل في ثناياه مخاطر جدية، يمكن تلخيصها في
ثلاثة:
قياسية، يحمل في طياته مخاطر كبيرة ستزعزع ليس فقط استقرار الدول المنتجة للنفط
وحسب، بل والعالم بأسره. ومن الوارد ان يطلق هذا الإنهيار العنان لقوى شريرة جارفة:
يتم عبرها إعادة توزيع الثروة والرأس المال، وفرض واقع جديد على ملايين المستثمرين
والشركات بتغيير خططهم الإستراتيجية. وهو أمر يعني فقدان الاقتصاد العالمي التوازن
المطلوب وامكانية تعرض العديد من الدول للإفلاس، والذي سينعكس سلبا على قضية الأمن
العالمي، الآخذ في التفاقم والغموض. وفي هذا السياق، يحذر أحد أبرز خبراء المال
الألمان، كلاوس كالديمورغن، بأن الإنخفاض المتواصل لسعر النفط سيخلق “مخاطر نظمية
منهجية”، اي بما معناه: إنخفاض الأسعار سيؤدي الى نشوء أزمة مالية وإقتصادية عالمية
جديدة، ستؤدي في نهاية المطاف الى حدوث تفاعلات تسلسلية كارثية تساهم في جر دول
عديدة نحو حافة الهاوية، وبالتالي جلب البؤس والشقاء لعشرات الملايين من البشر. في
الواقع لا يشاطر جميع خبراء الإقتصاد هذا الرأي، ولكن الكثير منهم يرون أن تسارع
وتيرة إنخفاض أسعار النفط يحمل في ثناياه مخاطر جدية، يمكن تلخيصها في
ثلاثة:
1. المخاطر الجيوسياسية
لقد ادى
إنخفاض سعر النفط بالفعل الى زعزعة استقرار دول مثل ليبيا والعراق، التي تمثل
واردات تصدير النفط فيها، المصدر الرئيسي للدخل. وفي حال غيابها او نقص الأموال
اللازمة لتمويل البرامج التنموية، سيساهم ذلك في تفاقم حدة الاضطرابات الاجتماعية.
دول أخرى مثل فنزويلا واكوادور اصبحت بالفعل مهددة
بالإفلاس.
إنخفاض سعر النفط بالفعل الى زعزعة استقرار دول مثل ليبيا والعراق، التي تمثل
واردات تصدير النفط فيها، المصدر الرئيسي للدخل. وفي حال غيابها او نقص الأموال
اللازمة لتمويل البرامج التنموية، سيساهم ذلك في تفاقم حدة الاضطرابات الاجتماعية.
دول أخرى مثل فنزويلا واكوادور اصبحت بالفعل مهددة
بالإفلاس.
وكذلك الحال في روسيا، التي تعاني من ضائقة مالية
خانقة، جعلتها تتخذ قرارات مؤلمة لتقليص ميزانيتها بنسبة عشرة في المئة. أن انخفاض
سعر النفط الى جانب تداعيات العقوبات الاقتصادية الغربية، ادت الى هروب رؤوس
الأموال الى الخارج، وفقدان الروبل الروسي من قيمته بنحو 200% امام العملة
الأميركية. كل ذلك يشكل ضغطاً كبيراً على صانع القرار الروسي كي يغير من سلوكه
السياسي خاصة في المسألتين السورية والأوكرانية، ويرى بعض الخبراء ان مغامرات
رئيسها في حقل السياسة الخارجية ما هي إلا محاولة لصرف الأنظار عن بؤس من هم في
الداخل.
خانقة، جعلتها تتخذ قرارات مؤلمة لتقليص ميزانيتها بنسبة عشرة في المئة. أن انخفاض
سعر النفط الى جانب تداعيات العقوبات الاقتصادية الغربية، ادت الى هروب رؤوس
الأموال الى الخارج، وفقدان الروبل الروسي من قيمته بنحو 200% امام العملة
الأميركية. كل ذلك يشكل ضغطاً كبيراً على صانع القرار الروسي كي يغير من سلوكه
السياسي خاصة في المسألتين السورية والأوكرانية، ويرى بعض الخبراء ان مغامرات
رئيسها في حقل السياسة الخارجية ما هي إلا محاولة لصرف الأنظار عن بؤس من هم في
الداخل.
وفي السياق ذاته، ان ما يتعرض له إقليم كردستان العراق
من معاناة من جراء إنهيار أسعار النفط، ينعكس سلبا على جهود الحكومة بتعويض
خسائرها، خاصة بعد تعرض الإقليم الكردي للهجوم الوحشي من جانب تنظيم داعش الإرهابي.
ويعتبر هذا الامر قضية سياسية بحتة، يرمي الى زعزعة أمن كُردستان وتقويض سيادته
ومساعيه نحو الاستقلال وكذلك إستهلاك قواه وإفناء موارده. لقد تقلصت عائدات الإقليم
المالية الى حدود حرجة بسبب تراجع سعر النفط، وادى الى إستنزاف احتياطياته المالية
وإرغامه على الإقتراض لتمويل حربه على الإرهاب. في الحقيقة، يملك كردستان احتياطات
نفطية هائلة ويستخرج كميات قياسية من النفط وصلت الى حدود واحد مليون برميل يوميا
في عام 2015، تم تصدير ما يقارب 870 ألف برميل، وتوجيه الكميات المتبقية للاستهلاك
المحلي. ولكن، حسب بيانات صندوق النقد الدولي، فأن الإقليم سينجح في التوصل الى
توازن ميزانيته، اذا ما ارتفع سعر النفط الى
حدود 90 دولار للبرميل وزيادة الانتاج بمقدار
مليون برميل يوميا. وفي هذا الصدد، اعلن رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان
بارزاني، أنهم يبيعون برميل النفط الخام بعشرين دولار، وأكد ان إنخفاض أسعار النفط
والحرب ضد داعش واستقبال أعداد كبيرة من النازحين هي الأسباب الرئيسية وراء أزمة
الإقليم الاقتصادية. واضاف ان حجم الواردات الحالية يبلغ نحو 450 مليون دولار، فيما
يحتاج الإقليم الى مبلغ يعادل 800 مليون دولار لتسديد رواتب البيشمركة والموظفين
فقط. وعليه فان إيرادات النفط لا تغطي سوى نصف النفقات الجارية. وكان وزير المالية
قد حذر في وقت سابق، أن إستمرار الأوضاع على حالها وعدم تطبيق حزمة الاصلاحات في
الوقت العاجل سيؤدي الى قطع الرواتب نهائيا.
من معاناة من جراء إنهيار أسعار النفط، ينعكس سلبا على جهود الحكومة بتعويض
خسائرها، خاصة بعد تعرض الإقليم الكردي للهجوم الوحشي من جانب تنظيم داعش الإرهابي.
ويعتبر هذا الامر قضية سياسية بحتة، يرمي الى زعزعة أمن كُردستان وتقويض سيادته
ومساعيه نحو الاستقلال وكذلك إستهلاك قواه وإفناء موارده. لقد تقلصت عائدات الإقليم
المالية الى حدود حرجة بسبب تراجع سعر النفط، وادى الى إستنزاف احتياطياته المالية
وإرغامه على الإقتراض لتمويل حربه على الإرهاب. في الحقيقة، يملك كردستان احتياطات
نفطية هائلة ويستخرج كميات قياسية من النفط وصلت الى حدود واحد مليون برميل يوميا
في عام 2015، تم تصدير ما يقارب 870 ألف برميل، وتوجيه الكميات المتبقية للاستهلاك
المحلي. ولكن، حسب بيانات صندوق النقد الدولي، فأن الإقليم سينجح في التوصل الى
توازن ميزانيته، اذا ما ارتفع سعر النفط الى
حدود 90 دولار للبرميل وزيادة الانتاج بمقدار
مليون برميل يوميا. وفي هذا الصدد، اعلن رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان
بارزاني، أنهم يبيعون برميل النفط الخام بعشرين دولار، وأكد ان إنخفاض أسعار النفط
والحرب ضد داعش واستقبال أعداد كبيرة من النازحين هي الأسباب الرئيسية وراء أزمة
الإقليم الاقتصادية. واضاف ان حجم الواردات الحالية يبلغ نحو 450 مليون دولار، فيما
يحتاج الإقليم الى مبلغ يعادل 800 مليون دولار لتسديد رواتب البيشمركة والموظفين
فقط. وعليه فان إيرادات النفط لا تغطي سوى نصف النفقات الجارية. وكان وزير المالية
قد حذر في وقت سابق، أن إستمرار الأوضاع على حالها وعدم تطبيق حزمة الاصلاحات في
الوقت العاجل سيؤدي الى قطع الرواتب نهائيا.
2. مخاطر الاسواق
المالية
المالية
كانت من ابرز نتائج الأزمة المالية في عام 2008،
إنخفاض سعر النفط وإنهيار أسعار الأسهم في البورصات العالمية. سابقا، منحت البنوك
قروض عقارية ذات أسعار فائدة مرتفعة لعملاءها، ومع إنخفاض قدرتهم الشرائية، ارتفعت
حالات التخلف عن تسديد اقساط القروض، والوفاء بالإلتزامات البنكية الاخرى، مما ادى
إلى ظهور مشكلة الرهن العقاري. بالتزامن مع ذلك اعلنت بنوك وشركات عديدة إفلاسها او
عدم قدرتها على توفير السيولة اللازمة. في المحصلة إنفجرت فقاعة الرهن العقاري
وانهارت أسواق المال الأمريكية، وأفلس أكبر البنوك الأمريكية، بنك ليمان براذرز
الاستثماري، الذي خلّف دمارا هائلا وجرّ الاقتصاد العالمي الى حافة
الهاوية.
إنخفاض سعر النفط وإنهيار أسعار الأسهم في البورصات العالمية. سابقا، منحت البنوك
قروض عقارية ذات أسعار فائدة مرتفعة لعملاءها، ومع إنخفاض قدرتهم الشرائية، ارتفعت
حالات التخلف عن تسديد اقساط القروض، والوفاء بالإلتزامات البنكية الاخرى، مما ادى
إلى ظهور مشكلة الرهن العقاري. بالتزامن مع ذلك اعلنت بنوك وشركات عديدة إفلاسها او
عدم قدرتها على توفير السيولة اللازمة. في المحصلة إنفجرت فقاعة الرهن العقاري
وانهارت أسواق المال الأمريكية، وأفلس أكبر البنوك الأمريكية، بنك ليمان براذرز
الاستثماري، الذي خلّف دمارا هائلا وجرّ الاقتصاد العالمي الى حافة
الهاوية.
الآن، تلوح في الافق ملامح خطر إنفجار فقاعة جديدة،
آتية كذلك من الولايات المتحدة. فقد قام المستثمرون فيما مضى بتوظيف أموال طائلة في
الشركات، التي تستخدم تقنية استخراج الغاز الصخري بواسطة التصديع الهيدروليكي.
وتشير التقديرات الى ان إجمالي ديون صناعة التصديع قد بلغ نحو 200 مليار دولار،
ومازالت تكاليف استخراجه عالية، حيث تتراوح ما بين 50 و 70 دولار للبرميل الواحد،
في حين تصل للبرميل غير الصخري الى ثلث المبلغ او أقل. وكشفت دراسة حديثة أن خمسين
من أكبر شركات الطاقة الأميركية أنفقت ما يقارب 126 مليار دولار منذ عام 2005 في
عمليات الحفر وشراء الأراضي. وبسبب إنخفاض سعر النفط، اصبح العديد من تلك الشركات
مهددة بالإفلاس والإقتراب من بؤرة الأزمة المالية. إذن هناك خطر حقيقي يهدد
الإقتصاد العالمي، يخشى الخبراء أن يؤدي الى حدوث ما يشبه “أثر الدومينو” اي تفاعل
تسلسلي يحدث عندما يسبب تغيير صغير تغييرا مماثلا بجواره والذي بدوره سيحدث تغييرا
مشابها. ومن المؤكد، أن قطاعات إقتصادية أخرى سيلحقها الضرر من فقاعة التصديع،
وكذلك الحال بالنسبة لشركات التزويد والبنوك الممولة. ومن الوارد أن يفضي ذلك الى
إقبال المستثمرين على بيع سنداتهم. عندئذ ستحتاج الشركات والبنوك الى أموال إضافية
للإستثمار والتوظيف. كل ذلك سينعكس سلبا على آفاق النمو وعلى أسواق الأسهم. سيؤدي
ذلك الى فرار او إبتعاد المستثمرين عن أسهم شركات الطاقة والبنوك المتضررة، الامر
الذي سيوجه مؤشرات شركات النفط في أسواق البيع نحو الهاوية. النتيجة الحتمية هي
حدوث الذعر والاضطراب في أسواق الأسهم العالمية.
آتية كذلك من الولايات المتحدة. فقد قام المستثمرون فيما مضى بتوظيف أموال طائلة في
الشركات، التي تستخدم تقنية استخراج الغاز الصخري بواسطة التصديع الهيدروليكي.
وتشير التقديرات الى ان إجمالي ديون صناعة التصديع قد بلغ نحو 200 مليار دولار،
ومازالت تكاليف استخراجه عالية، حيث تتراوح ما بين 50 و 70 دولار للبرميل الواحد،
في حين تصل للبرميل غير الصخري الى ثلث المبلغ او أقل. وكشفت دراسة حديثة أن خمسين
من أكبر شركات الطاقة الأميركية أنفقت ما يقارب 126 مليار دولار منذ عام 2005 في
عمليات الحفر وشراء الأراضي. وبسبب إنخفاض سعر النفط، اصبح العديد من تلك الشركات
مهددة بالإفلاس والإقتراب من بؤرة الأزمة المالية. إذن هناك خطر حقيقي يهدد
الإقتصاد العالمي، يخشى الخبراء أن يؤدي الى حدوث ما يشبه “أثر الدومينو” اي تفاعل
تسلسلي يحدث عندما يسبب تغيير صغير تغييرا مماثلا بجواره والذي بدوره سيحدث تغييرا
مشابها. ومن المؤكد، أن قطاعات إقتصادية أخرى سيلحقها الضرر من فقاعة التصديع،
وكذلك الحال بالنسبة لشركات التزويد والبنوك الممولة. ومن الوارد أن يفضي ذلك الى
إقبال المستثمرين على بيع سنداتهم. عندئذ ستحتاج الشركات والبنوك الى أموال إضافية
للإستثمار والتوظيف. كل ذلك سينعكس سلبا على آفاق النمو وعلى أسواق الأسهم. سيؤدي
ذلك الى فرار او إبتعاد المستثمرين عن أسهم شركات الطاقة والبنوك المتضررة، الامر
الذي سيوجه مؤشرات شركات النفط في أسواق البيع نحو الهاوية. النتيجة الحتمية هي
حدوث الذعر والاضطراب في أسواق الأسهم العالمية.
3. مخاطر
إضطرابات بنيوية في لإقتصاد العالمي
إضطرابات بنيوية في لإقتصاد العالمي
يتمثل الخطر الثالث في
تحويل مسار تدفق رؤوس الأموال الكبيرة. ففي حين يتعرض منتجي النفط ودائنيهم لخسائر
هائلة من جراء تراجع سعر النفط، فان مستهلكي النفط يوفرون مبالغ مالية ضخمة، يمكنهم
توظيفها لغرض الإنفاق في قطاعات أخرى. مثال بسيط يبين ضخامة حجم عمليات إعادة
التوزيع الجارية. فقد كان يبلغ سعر النفط لفترة طويلة 100 دولار للبرميل الواحد،
وكان الإنتاج السنوي العالمي وفق هذا السعر يعادل 3.5 تريليون دولار، بالأسعار
الحالية والبالغة نحو 30 دولار للبرميل فأن المبلغ لا يتجاوز حدود واحد تريليون
دولار لنفس الكميات المنتجة. أن انخفاض سعر النفط يساهم ويسهل عملية إنتقال الثروة
من البلدان المنتجة الى البلدان المستهلكة. وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي ان
ذلك يؤدي الى تحويل أموال بقيمة 1,5 تريليون دولار من دول المجموعة الاولى الى
الدول الصناعية. علاوة على ذلك، فأن انخفاض سعر النفط بنسبة عشرة في المئة، سيرفع
نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 0,2 في المئة. كل ذلك يساهم في تغيير
منحى تطور الاقتصاد العالمي، وفي تغيير قضايا العرض والطلب خصوصاً لدى الدول ذات
الوزن الاقتصادي الكبير. كل ذلك يحفز معدلات النمو ويجذب الاستثمارات ويزيد من حجم
الطلب على النفط، بينما يؤدي تباطؤ إقتصادياتها الى تراجع الطلب، وبالتالي تراجع
الأسعار.
تحويل مسار تدفق رؤوس الأموال الكبيرة. ففي حين يتعرض منتجي النفط ودائنيهم لخسائر
هائلة من جراء تراجع سعر النفط، فان مستهلكي النفط يوفرون مبالغ مالية ضخمة، يمكنهم
توظيفها لغرض الإنفاق في قطاعات أخرى. مثال بسيط يبين ضخامة حجم عمليات إعادة
التوزيع الجارية. فقد كان يبلغ سعر النفط لفترة طويلة 100 دولار للبرميل الواحد،
وكان الإنتاج السنوي العالمي وفق هذا السعر يعادل 3.5 تريليون دولار، بالأسعار
الحالية والبالغة نحو 30 دولار للبرميل فأن المبلغ لا يتجاوز حدود واحد تريليون
دولار لنفس الكميات المنتجة. أن انخفاض سعر النفط يساهم ويسهل عملية إنتقال الثروة
من البلدان المنتجة الى البلدان المستهلكة. وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي ان
ذلك يؤدي الى تحويل أموال بقيمة 1,5 تريليون دولار من دول المجموعة الاولى الى
الدول الصناعية. علاوة على ذلك، فأن انخفاض سعر النفط بنسبة عشرة في المئة، سيرفع
نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 0,2 في المئة. كل ذلك يساهم في تغيير
منحى تطور الاقتصاد العالمي، وفي تغيير قضايا العرض والطلب خصوصاً لدى الدول ذات
الوزن الاقتصادي الكبير. كل ذلك يحفز معدلات النمو ويجذب الاستثمارات ويزيد من حجم
الطلب على النفط، بينما يؤدي تباطؤ إقتصادياتها الى تراجع الطلب، وبالتالي تراجع
الأسعار.
ولكن في المقابل، ان استمرار الانخفاض لفترة طويلة
يهدد دول كثيرة تعتمد اعتمادا كبيرا على صادرات النفط، ويخلق موجات جديدة من التوتر
في أسواق المال. أغلبية الدول المنتجة للنفط تعاني معاناة حقيقية من جراء تراجع سعر
مادة الخام الحيوية، حيث تتناقص باستمرار الفوائض الضخمة من ميزانياتها وتتحول الى
عجز دائم فيتم استبدال البرامج الاجتماعية السخية بحزمة من الإجراءات التقشفية. وفي
الوقت ذاته، يخسر قطاع البناء والعقارات الفاخرة في الدول الصناعية، على سبيل
المثال لا الحصر، عملائهم شيوخ النفط الأغنياء، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف
الى فشل العديد من شركات البناء في تلك الدول.
يهدد دول كثيرة تعتمد اعتمادا كبيرا على صادرات النفط، ويخلق موجات جديدة من التوتر
في أسواق المال. أغلبية الدول المنتجة للنفط تعاني معاناة حقيقية من جراء تراجع سعر
مادة الخام الحيوية، حيث تتناقص باستمرار الفوائض الضخمة من ميزانياتها وتتحول الى
عجز دائم فيتم استبدال البرامج الاجتماعية السخية بحزمة من الإجراءات التقشفية. وفي
الوقت ذاته، يخسر قطاع البناء والعقارات الفاخرة في الدول الصناعية، على سبيل
المثال لا الحصر، عملائهم شيوخ النفط الأغنياء، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف
الى فشل العديد من شركات البناء في تلك الدول.
خلاصة القول،
المخاطر الآنفة الذكر، تخلق حالة من البلبلة والتردد لدى المستثمرين ورجال الأعمال،
مصحوبة بالحيرة والغموض، وهو أمر تكرهه البورصات المالية بشدة، وتدفعها الى سلوك
انفعالي، يساهم بدوره في تدهور واختلال التوازنات الاقتصادية. ولكن كثير من
المحللين يتوقعون تحسّن سعر النفط مجددا في حال تراجع عرض النفط في الأسواق
العالمية، خاصة اذا ما اعادت منظمة اوبك التفكير في سياسة إغراق السوق بالنفط.
آنذاك سترتفع الأسعار لتصل الى 50 او 60 دولارا للبرميل قبل نهاية عام 2016، ذلك
لأن الأسعار المتدنية ستؤدي إلى توقف ضخ النفط الصخري ذات التكلفة العالية، والتي
تصل الى 60 دولارا للبرميل الواحد. وفي نهاية المطاف فأن العرض والطلب سيحددان
الأسعار، وستتخذ قوى التغيير منحاها الصحيح وفي الاتجاه المعاكس.
المخاطر الآنفة الذكر، تخلق حالة من البلبلة والتردد لدى المستثمرين ورجال الأعمال،
مصحوبة بالحيرة والغموض، وهو أمر تكرهه البورصات المالية بشدة، وتدفعها الى سلوك
انفعالي، يساهم بدوره في تدهور واختلال التوازنات الاقتصادية. ولكن كثير من
المحللين يتوقعون تحسّن سعر النفط مجددا في حال تراجع عرض النفط في الأسواق
العالمية، خاصة اذا ما اعادت منظمة اوبك التفكير في سياسة إغراق السوق بالنفط.
آنذاك سترتفع الأسعار لتصل الى 50 او 60 دولارا للبرميل قبل نهاية عام 2016، ذلك
لأن الأسعار المتدنية ستؤدي إلى توقف ضخ النفط الصخري ذات التكلفة العالية، والتي
تصل الى 60 دولارا للبرميل الواحد. وفي نهاية المطاف فأن العرض والطلب سيحددان
الأسعار، وستتخذ قوى التغيير منحاها الصحيح وفي الاتجاه المعاكس.