أيها السوريون إلى متى؟

فرمز حسين

 
روسيا و من قبل ذلك الاتحاد السوفييتي كانت على الدوام مع الأنظمة المستبدة ضد شعوبها و في التاريخ الحديث كانت أكبر قوة داعمة لنظام صدام الدموي في حربه ضد الشعب الكردي في كردستان العراق.
ما تفعله روسية اليوم من تدخل همجي عسكري في سورية هي متابعة لمسيرة السياسة السوفيتية ذاتها, لكن المؤسف أن لا تنتبه حتى النخبة المثقفة في المعارضة السورية لذلك و يذهبون بعيداً في تصورهم بأن روسية متعاطفة مع المكون الكردي في سورية و يستشهدون بأقوال لافروف بأن الكرد في سورية ربع السكان و على الرغم من أن هذه أول مرة يصرح لافروف بشيء قريب من الواقع فيما يتعلق بتعداد الكرد فلو كانت هناك احصائيات دقيقة لكل التواجد الكردي في جميع الحواضر السورية و المناطق الكردية و الغير الكردية فسنجد بين كل أربعة سوريين واحداً كردياً.
 لكن ليس هذا هو المهم في ما يذهب إليه لافروف بل المهم هو أنه يريد أن يبقي على نظام الأسد بأية وسيلة كانت و ما دعم حكومته للحزب الكردي الموالي للنظام إلا من هذا المنطلق و واحدة من هذه الوسائل.
كم هو مؤلم أن لا نتعظ كسوريين مما يحصل من حولنا رغم الدمار الهائل الذي أصيب بلدنا, رغم التشرد ,الضياع , رغم تخلي العالم المتحضر و المتخلف عنّا  لدرجة الاستهتار بأرواح السوريين الذين يموتون كل يوم جوعاً , غرقاً, تهشماً تحت الأنقاض نتيجة القصف الوحشي بالبراميل المتفجرة. نظام الأسد نجح و لا يزال يحقق نجاحات تلو الأخرى و على الرغم من أن عوامل بقاءه كثيرة لكن العامل الأهم هو نجاحه في تشتيت صف السوريين و تقوية النزعات الاثنية و الطائفية لقرابة الخمس سنوات و هو عمر الثورة السورية بالإضافة الى نجاحات حزبه الحاكم في غسل الأدمغة بالشعارات القوموية العروبية والمقاوِمَةِ و المُمَانِعَة ِالكاذبة  لمدى أكثر من اربعين عاماً تلك الشعارات التي تأبى أن تخرج اليوم من رؤوس المعارضين السوريين حتى النخبوية منها.
ما جرى سابقاً و ما يجري اليوم و ما سيجري غداً في أروقة الأمم المتحدة لن يشكل حلاً لوقف معاناة السوريين ما دامت عقلية المعارضة التقليدية السورية مجبولة بالمفاهيم البعثية بغض النظر عن مسمياتها الحالية المختلفة. سورية لم ولن تعود إلى مرحلة ما قبل الربيع العربي و كما أن السوريون لن يعودون من جديد إلى حضن الأسد كذلك لن تعود مكوناتها المختلفة أيضا إلى حضن ما سميت بالجمهورية العربية السورية.
خلاصنا الوحيد هو أن يجمعنا همنا و ألمنا السوري المشترك في وطن لنا جميعاً, في وطن لم يكن لنا رأي في رسم حدوه الحالية منذ قبل أكثر من مائة عام مضت و الذي سيكون لنا رأي اليوم في صياغة دستور له يحمينا جميعاً بمختلف انتماءاتنا و مكوناتنا الأثينية و المذهبية و ذلك لن يحصل دون بناء جسور للثقة فيما بيننا و دون اعتراف أحدنا بالآخر و بحقوقه القومية المشروعة على تراب وطن يسعنا جميعاً.
ستوكهولم
2016-01-27

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…