شارلي ايبدو من حرية السخرية الى قمة العنصرية

جوان حسين (كوردي)
نشرت جريدة شارلي ايبدو الاسبوعية الفرنسية الساخرة بتاريخ يوم الاربعاء 13 / 1 /  2016 رسما كاريكاتيريا عن الطفل ايلان الكوردي ، الذي قذفته الامواج الى شواطئ جزيرة بودروم  التركية، في رحلة الهروب مع اسرته من الحرب في بلده سوريا، و تظهر الصورة سخريتها من الطفل إيلان في اعقاب حادثة التحرش الجنسي في رأس السنة الميلادية التي وقعت في مدينة كولونيا بألمانيا، وأثارت موجة سخط عارمة في اوساط الاوربيين، ومفادها أن ايلان الغريق فيما لو كان الحظ حالفه بالوصول الى جنان اوربا، سوف لن يكون بأفضل من غيره من اللاجئين الذين يلاحقون مؤخرات النساء، وباتوا وبالا على المجتمع الأوربي،
هذه النظرة القاتمة تجاه مأساة شعب يرزح تحت الحرب والدمار ما هي الا انعكاس لروح الكراهية والعنصرية التي تمارسها اصحاب العقول الضيقة والفكر المشوه، مستغلة حرية التعبير والصحافة في تدنيس مقدسات الشعوب، و السخرية من مصائبها بأبشع الأساليب، حين يصل الى حد الشماتة والاستهزاء بموت طغل بريء هرب من الموت بأسلحة صنعت في بلاد الغرب ، ليموت على جبين قرن الفظاعات و انتهاكات حقوق الانسان ، هذا الاسلوب من الغباء و الاحتقار في الشهرة على طريقة خالف تعرف تتبعها جريدة شارلي ايبدو في صناعة مجدها وشهرتها ، مثلما فعلت سابقا عندما أثارث حفيظة المسلمين حين نشرت صورا مسيئة للرسول محمد ، و على ما يبدو أن هذه الطريقة التي تنتهجها شارلي قد أماطت اللثام عن عورتها المتطرفة ونزعتها الحاقدة على المسلمين ، في زرع الكراهية والاحقاد، و ضرب جسور التواصل و الانسانية بين الشعوب، هذه النظرة الدونية التي يريد أصحاب هذه الجريدة الترويج لها عن اللاجئين وتصويرهم بأنهم شعوب هدامة و مسيئة في ظل ازمة اللاجئين التي تعصف بالغرب ، ليس من العقل بمكان أن ينسب جريمة البعض على الكل، و مثلما تدين تدان فليس كل مسلم سيء ، وليس كل أوربي جيد ، ولكن ليس هكذا تورد الابل يا شارلي فالرصاصة التي أطلقتها على إيلان الكردي قد فضحت عنصريتكم ، وكشفت العار في حرية أقلامكم ، و ما انسانيتكم الا شعارات ابتلعتها الاسماك والحيتان حين القت بايلان الى شواطئ الرحمة ، ليكون تجارة للسخرية في جرائدكم ، تربحون من موت براءته مزيدا من الصغقات والاموال ، ولسان ايلان يقول لكم ولكل أوربا لولا صمتكم على قتلنا لما هربنا من بيوتنا و ذكرياتنا ، و لولا البحر الذي استعجل موتنا أنا و اخوتي لوقفنا في وجه الرصاص التي تريد ان تغتالكم ، فبأي حق تطعنوننا في موتنا ، هذا ما كان يريد إيلان ان يقوله إذا بلغ مراتب العلم في جامعات أوربا ، مثله مثل الكثيرين الذين اختلطت دماؤهم بدماء الاوربيين الشرفاء و تزواجوا و اصبحوا عناصر فاعلين في المجتماعات الغربية يقدمون خدماتهم في مختلف المجلات ، العلمية و الفنية و الصناعية ، وليس العبرة في قلة قليلة سيئة تعيش  عالة على الجميع ، و تسئ الى الجميع على حداء سواء ، فأين عيون الحكومات الغربية الساهرة و انظمتها التكنولوجية المتقدمة التي تضرب بها المثل في العالم ، من كل ما يحدث ، وهي التي لا يخفى عليها شيء ، لماذا الحديث عن جرائم البعض من الشواذ ، و التستر على الالاف من اليد البشرية العاملة والخبيرة التي تتسابق عليهم مصانع أوربا ، هل على المسلم الصالح أسيويا ام إفريقيا كان أن يتحمل جريرة المسلم الطالح المسيء ، أم أن نظرية الاسلام فوبيا التي اختلقتها سياسة القوى الكبرى وفق مصالحها أصبحت الوجه السافر والممنهج لحرية إعلام غير محرر فكريا واخلاقيا.
كاتب ومخرج سينمائي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…