دولة كوردستان قد يصبح الحدث الأبرز للعام الجديد 2016

نوري بريمو

مع رحيل عام 2015م، أجزم بأنّ سنة 2016م تحمل في جعبتها الكثير من صغائر الأحداث وكبائرها، وأعتقد بأن ثمة بشائر خير توحي إلى إمكانية وضع حدّ للأزمة السورية المندلعة منذ ما يقارب خمسة أعوام أنهكت بعمائلها وتداعياتها الإنسان السوري الذي عانى ويعاني الويلات المختلفة الألوان والأشكال، فقد تهجّر السوريون بالجملة وبلا أي رادع أخلاقي أو قانوني، وأمام أنظار أخيار العالم وأشراره على حدًّ سواء.
ولعلّ ثمة سائل يتسائل: ما سرّ وفائدة كافة هذه الكونفرانسات والمؤتمرات والمحافل الدولية والإقليمية المتلاحقة المنعقدة هنا وهناك بهذا الشأن الشائك؟!، وهل سيؤخذ برأي السورين في نهاية المطاف بعد أن لم يؤخَذ برأيهم في بداية الطواف؟، أم أنّ تهميش الجانب السوري سيغدو سيد الموقف حينما يجد الجدّ وتحدث التدخلات العسكرية المباشرة من قبل هذا الطرف أو ذاك ومن هذا الحدب أو ذاك الصوب.
ولكن ورغم سوء الأحوال فإن القرار الدولي (2245) الذي اتخذه مجلس الأمن بالإجماع، ورغم احتوائه على عشرات الملاحظات والهفوات والإجحافات بحق سوريا والسوريين، يمكن اعتباره بداية لنهاية هذه الازمة العالقة والمسعورة بفعل مفاعيل إقليمية ضغائنية بغالبيتها العظمى، فدول الجوار وخاصة الأيادي الإيرانية تتحرك لا بل تتلاعب في الخضم السوري الذي بات يئن تحت وطأة الشرور الطائفية والعرقية التي أوقعت البلد بين مطرقة الهلال الفارسي الشيعي وسندان المحيط العربي السني، اللذان لم يهدأ صراعيهما منذ آلاف السنين ولن تهدأ حتى الحين.
لكن هل ستبقى سوريا كدولة ذات سيادة وإستقلال ووجود؟، أم أن وراء الأكمة ما وراءها من سيناريوهات تهدد بلاد الشام والعراق بالتقسيم والمحاصصة التي قد تصبح الحل الوحيد الذي قد ترضى به كل هذه الثيران الهائجة التي تحمل هذين البلدين على قرونهما؟، ورغم هذا الرهان أوذاك وها نحن ندخل عام 2016م، ومع تفجُّر البركان السوري الذي قد يعمّ بتداعياته عموم شرق أوسطنا، فمعظم الدلائل تشير إلى أن ثمة إتفاقية جديدة لتقسيم منطقتنا على غرار اتفاقية (سايكس بيكو 1916) التي مضى عليها مئة سنة عجاف كانت ذات أعباء ثقيلة على كاهل مواطنينا الذين حوكموا بشكل ديكتاتوري ضمن أقفاص كانت تُسمى بدويلات صغيرة يسعى حكامها إلى تحقيق شعار “الوحدة العربية” الذي دنسه أصحابه قبل غيرهم.
في الختام وفي فاتحة العام الجديد 2016، فإن العالم بإنتظار حلول الفرج عبر حلول سلمية لوضع حدّ لسباق التسلح في أجوائنا وعلى أرضنا، وفي هذا السياق التغييري الشرق أوسطي فإن ثمة توقعات تشير إلى إمكانية إعلان دولة كوردستان على تراب آباء وأجداد الكورد لكي ينعموا بنعمة العيش في كنف دولتهم إسوة بغيرهم من شعوب المعمورة، وهذا ما قد يكون الحدث الأبرز الذي تحتويه حقيبة إنهاء الأزمتان السورية والعراقية اللتان جاري البحث عن حلولهما على قدم وساق، لكن الحدث الأكثر بروزاً في هذه الأيام هو بروز دور بيشمركة كوردستان في مواجهة غول العصر (داعش) وبروز إسم رئيس كوردستان السيد مسعود بارزاني الذي يزداد نجمه ألقاً جراء محبة شعبه له ولأنه يمارس دبلوماسية السباق مع الزمن في هذا الزمن الذي لا يرحم الضعفاء في وقت يفرض فيه الأقوياء موازين قواهم هنا وهناك، في حين تشهد الساحة الشرق أوسطية أداءً رائعاً للجانب الكوردي الذي يكره الحروب وينبذ عسكرة الحلول وينحى دوماً نحو السلمية ويطالب بالحقوق والاستقرار والأمن له ولغيره من أمم وشعوب هذه الدنيا التي ينبغي تخليصها من مختلف الشرور والأشرار.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين نحن في حراك ” بزاف ” أصحاب مشروع سياسي قومي ووطني في غاية الوضوح طرحناه للمناقشة منذ اكثر من تسعة أعوام ، وبناء على مخرجات اكثر من تسعين اجتماع للجان تنسيق الحراك، وأربعة لقاءات تشاورية افتراضية واسعة ، ومئات الاتصالات الفردية مع أصحاب الشأن ، تم تعديل المشروع لمرات أربعة ، وتقويم الوسائل ، والمبادرات نحو الأفضل ،…

أحمد خليف أطلق المركز السوري الاستشاري موقعه الإلكتروني الجديد عبر الرابط sy-cc.net، ليكون منصة تفاعلية تهدف إلى جمع الخبرات والكفاءات السورية داخل الوطن وخارجه. هذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسار الجهود المبذولة لإعادة بناء سوريا، من خلال تسهيل التعاون بين الخبراء وأصحاب المشاريع، وتعزيز دورهم في دفع عجلة التنمية. ما هو المركز السوري الاستشاري؟ في ظل التحديات…

خالد ابراهيم إذا كنت صادقًا في حديثك عن محاربة الإرهاب وإنهاء حزب العمال الكردستاني، فلماذا لا تتجه مباشرة إلى قنديل؟ إلى هناك، في قلب الجبال، حيث يتمركز التنظيم وتُنسج خططه؟ لماذا لا تواجههم في معاقلهم بدلًا من أن تصبّ نيرانك على قرى ومدن مليئة بالأبرياء؟ لماذا تهاجم شعبًا أعزل، وتحاول تدمير هويته، في حين أن جذور المشكلة واضحة وتعرفها جيدًا؟…

عبدالحميد جمو منذ طفولتي وأنا أخاف النوم، أخاف الظلمة والظلال، كل شيء أسود يرعبني. صوت المياه يثير قلقي، الحفر والبنايات العالية، الرجال طوال القامة حالقي الرؤوس بنظارات سوداء يدفعونني للاختباء. ببساطة، كل تراكمات الطفولة بقيت تلاحقني كظل ثقيل. ما يزيد معاناتي أن الكوابيس لا تفارقني، خصوصًا ذاك الجاثوم الذي يجلس على صدري، يحبس أنفاسي ويفقدني القدرة على الحركة تمامًا. أجد…