في بلــدة ألمانية

ابراهيم محمود

في ” أرنسبيرج ” البلدة الواقعة غربي ألمانيا، صدرت تعليمات محلّية بعدم استعمال الألعاب النارية بمناسبة رأس السنة الميلادية الجديدة” 2016 “، حرصاً على الآثار النفسية للاجئين القادمين من مناطق الحرب في سوريا “خصوصاً “، بينما في أكثر من بلدة كوردية روجآفاوية تم ويتم إطلاق الرصاص الحي بمناسبة ودون مناسبة بأيد كردية، على مسمع وبصر الأطفال الكرد خصوصاً، وكل رصاصة موقَّع عليها من قبل المخططين للقضاء على الحرث والنسل الكرديين، ليكون مطلقو الرصاص في مستوى ” المطلوب “، كما هو المطلوب منهم، والطفل لم يميّز بعد بين حجم الرصاصة وحلَمة ثدي أمه .
في بلدة ألمانية آنفة الذكر وغيرها، ثمة مساع لتخليص الطفل الكردي وغير الكردي، والقادم من مناطق القتال الضاري من كوابيس الحرب ومن يحاربون: ملثمين وغير ملثمين، مستعرضين قواهم في كل مكان بأساليب شتى، وفي أكثر من بلدة كردية روجآفاوية ثمة مضاعفة مساع ٍ لتحويل الطفل الكردي إلى جهاز تلقي أوامر وتعليمات، ليثبت ” أولو أمر ” الكرد على هذه الشاكلة أنهم جديرون بتلقيم الطفل الكردي البطولة غير المسبوقة حتى وهو جنين.
في بلدة ألمانية آنفة الذكر وغيرها، ثمة حرص شديد على عدم إقلاق الطفل ومراعاته لينمو بصورة سليمة، وفي أكثر من بلدة كردية روجآفاوية، ثمة حرص شديد جداً، وتحت يافطة ” الاختلاف الديمقراطي الكرديّ العلامة “، على إخراج الطفل الكردي المتبقي في روجآفا من هدوئه وصمته وسكينته وبراءته، ليكون محارباً، مستعداً لأن يقول بدلاً من ” بابا- ماما “: اسم الزعيم الكردي الأوحد، لنائب الزعيم وتابع نائب الزعيم ومنفّذ أوامر تابع نائب الزعيم، تمييزاً له عن أي كردي في العالم، فليس من طفولة كردية، إنما الرحم نفسه مكان دورة تدريبية” تسعة أشهر ” وعند اللزوم ” أقل ” حسب المقتضى، والخروج محارباً، أو شهيداً محتفى به .
في بلدة ألمانية آنفة الذكر وغيرها، ثمة تجنب الدخول لأي منزل، مهما كان نوع الدواعي الأمنية، خصوصاً إذا كان فيه طفل/ أطفال، حباً بهم، وفي أكثر من بلدة كردية روجآفاوية، ثمة وعي مركَّز ومخطَّط له، باقتحام أي منزل/ بيت كردي في أي وقت، ومهما كانت ظروف المنزل/ البيت الكردي، وإشهار السلاح في وجه أب الطفل الموجود، أمه، أي كان في البيت، دون مراعاة الصدمة التي تروّعه هو وأخوته، حباً بكردية لها مقاييس خاصة من لدن المعنيين بالكردية المدفوعة في الاتجاه الذي لا يعِد أي كردي بالمأمول، تأكيداً آخر على أن الذي يجري لصالح الكردي وهو في المهد.
في بلدة ألمانية آنفة الذكر، ثمة شعور بالذنب، إزاء هذا الجاري في سوريا وغيرها، جرّاء الدمار الحاصل، ومشاهد الضحايا وهم بمئات الألوف، والأطفال على وجه الخصوص، فمستقبل البشرية في سلامة أطفالها، ليكون هناك أكثر من اعتماد سياسة عاجلة لتعويض ما فات، وفي أكثر من بلدة كردية، ثمة أكثر من اعتماد سياسة تجهر بكرديتها، وتشدد على ضرورة تكثيف الجهود، لئلا يكون هناك طفل كردي استثناء من هذا التعميم الشمولي في تطبيق قاعدة محرَّفة” العلم في الصغر كالنقش في الحجر “، ومن يقول لا، لن تعرفه كردية روجآفا بمعايير القيمين بالقوة عليها، ومن أراد البقاء، عليه الامتثال لقوانين روجآفا الطارئة كما هو الجاري في روجآفا، كما هو المدمّر في كردية روجآفا ..
في بلدة ألمانية آنفة الذكر… وفي أكثر من بلدة كردية روجآفاوية…
دهوك- في 2كانون الثاني 2016 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   يعوّل الشعب الكوردي على المؤتمر الوطني الكوردي في غربي كوردستان بوصفه لحظة مفصلية، لا لمجرد جمع الفاعلين الكورد في قاعة واحدة، بل لتأسيس إرادة سياسية حقيقية تمثّل صوت الأمة الكوردية وتعبّر عن تطلعاتها، لا كفصيل بين فصائل، بل كشعبٍ أصيلٍ في جغرافيا ما تزال حتى اللحظة تُدار من فوق، وتُختزل في الولاءات لا في الحقوق. إننا…

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…