المجلس الوطني الكوردي وسياسة الانتظار…..؟؟!!!

 

اكرم حسين

 

بعيدا عن كل ما يقال حول الاسباب التي دعت الى نشوء
المجلس الوطني الكوردي  والغايات التي تكمن ورائه والاهداف المتوخاة منه والدور
المنوط به و الفائدة السياسية وكل الفرضيات الأخرى التي قد تساق هنا أوهناك وحقيقة
الصراع والتناحر القائم اليوم بينه وبين حركة المجتمع الديمقراطي والى ان يأتي
اليوم التي تنكشف فيه الحقائق حول كل تلك الاسئلة فليس هناك من حاجة لاكتشاف
البارود من جديد لان مواقف المجلس هي انعكاس طبيعي  لمواقف معظم احزابه حتى قبل
تشكيله !! فمنذ الايام الاول للثورة واعتقال اطفال درعا لا بل منذ الاعتصام الذي
جرى امام وزارة الداخلية بدمشق !

 

ليس هناك من حاجة الى الكثير من الذكاء والتعب كي
يدرك المرء بان  معظم احزاب الحركة الكوردية السورية نأت بنفسها عن الحراك
والمشاركة ولم تستطع تجاوز الموقف الايديولوجي العقيم الى الموقف السياسي الخصب
المشروط بالزمان والمكان ،وبعد أن احس النظام والاحزاب بخطر المد الشبابي وانفلات
الشارع اثر انطلاقة التظاهرات في المنطقة الكوردية ، التقت مصالحهما وسعيا و بكل
السبل لتدارك هذا الخطر  ووأده و الحد من انتشاره بالاستفادة من معطيات الواقع
والخبرة التاريخية وعدم وجود قيادات شبابية وغياب الدعم المعنوي واللوجستي  وهكذا
تم استهداف الشباب ووقع العديد منهم ضحية لهذا الاستهداف، وبقيت هذه الاحزاب بعيدة
عن الشارع وما يجري فيه وفضلت سياسة الانتظار تحت دعاوي مختلفة منها الانتظار حتى
قيام مدن اخرى بالتظاهر و عدم تعريض المنطقة الكوردية للخطر لتبرير خوفها وعدم
مشاركتها، وحتى بعد مشاركة حمص، تذرع العديد منها بعدم مشاركة المدن الرئيسية
كمدينة حلب، وكان الكثير يراهن على قدرة النظام على سحق الثوار  واعادة الاوضاع الى
ما كانت عليه وبعد عقد اللقاء التشاوري في مدينة القامشلي في 15/9/2011 والبحث عن
كيان سارعت احزاب الحركة الكوردية للبحث عن اطار تحتمي به وتبرر موقفها، ولاقى هذا
العمل استحسانا ودعما كوردستانيا فجرت انتخابات علنية لمجلس شعب غرب كوردستان من
قبل الاتحاد الديمقراطي بعد ان رفضت الاحزاب شروطه، وهكذا تشكل المجلس الوطني
الكوردي  في 26/10/2011 بمدينة القامشلي وعلى مرأي ومسمع الجميع وجاء موقفه ملتبسا
من الثورة حيث ابدى مساندته للحراك الشبابي ، و سعى الى بناء علاقات مع رئاسة اقليم
كوردستان الذي امده بالمال والدعم الاعلامي وفتح له طريق السياسة الدولية ،لكن
المجلس بقي دون اية فاعلية لان المشكلة في النفوس لا في النصوص ونشبت اول ازمة
داخلية بعد عودته بسبب الدعم الذي قدم له واستهلكت هذه القضية الكثير من الوقت
والجهد وافقدته هيبته ومصداقيته لدى الداخل والخارج ورغم ذلك بقيت مشاركة المجلس في
الثورة رمزية وخجولة واستند في وجوده وسياسته على علاقاته مع اقليم كوردستان العراق
وما يتمتع من تأثير واحترام في الشارع الكوردي السوري لكن الرياح لم تجري كما تشتهي
سفن المجلس لان حزب الاتحاد الديمقراطي عمل على استقطاب الشباب من خلال تأسيس قوة
عسكرية تحت يافطة حماية المنطقة الكوردية وقد جذبت الشعارات التي اطلقها الحزب
والبندقية التي طالما حلم بها الشباب قطاعات واسعة من الشعب الكوردي الى ان تم سحب
البساط من تحت اقدام المجلس ،فتدخلت قيادة الاقليم وضغطت على الطرفين لعقد  اتفاقية
هولير  وتأسيس الهيئة الكوردية العليا و استبشر الكثيرون وتفاءلوا بهذا الاتفاق
الذي لم يدم طويلا بسبب تفرد الاتحاد الديمقراطي وضعف اداء المجلس ومراهنته على
تبدل الاوضاع واعتقاده بان  رحيل الاتحاد الديمقراطي مرتبط برحيل النظام ، وتعالت
اصوات البعض منهم بانه مع رحيل النظام ستدخل قوات البشمركة وستغير من ميزان القوى
وستعيد للمجلس وزنه النوعي ودوره الجماهيري-سياسة الانتظار والاعتماد على الغير-
لكن النظام لم يرحل، وتحت ضغط والحاح المجلس والطلب من رئاسة الاقليم تم عقد
اتفاقية هولير2 لكن المجلس لم يفلح مرة اخرى في ان يكون شريكا في ادارة اقليم
كوردستان سوريا واصطدم بذات العقلية والاسباب التي افشلت اتفاقية هولير الاولى
وخاصة الشق العسكري منها ،وعاد المجلس من جديد الى ذات السياسة الانتظارية السابقة
التي يعتبر المجلس خبيرا في هندستها وممارستها وتوجه هذه المرة الى المعارضة
السورية وخاصة الائتلاف ووقع معه وثيقة تضمنت عددا من النقاط ،التي لو استثمرت
لكانت في صالح الكورد والوجود الانساني على السواء ،لان هذا الانضمام كان من شأنه
ان يعزز موقف الكورد في المعارضة ويوفر الدعم الاغاثي لأبناء المنطقة الكوردية ،لكن
تردد المجلس وضعف ممثليه في الائتلاف وعدم معرفته بحجم الحصان والسرج المناسب جعل
المجلس يترنح دون وزن او تأثير ، وتحول وجوده في الائتلاف الى وبال اثقل كاهله بسبب
فتح حزب الاتحاد الديمقراطي النار على الائتلاف من كل الجهات وبعد احداث كوباني
والاستيلاء على معظمها من قبل المجموعات المتطرفة وحاجة الاتحاد الديمقراطي لاتفاق
من شانه ان يعزز دعم التحالف الدولي عقدت اتفاقية دهوك وملحقها لتقاسم النفوذ
والشراكة الا انها لم ترى النور لذات العقلية ولنفس الأسباب .
واخيرا فان
المجلس الوطني الكوردي عبر مسيرته اعتمد على دعم رئاسة الاقليم وعلى علاقاته
الاقليمية والدولية وافتقد الوضوح في رؤيته وفي قراءته للأحداث وانطلق من الواجب لا
من الواقع العنيد وفضل سياسة الانكفاء والتبوغ والانتظار بانتظار “المنقذ” او
“المخلص” وباعتقادي لولا دعم قيادة الاقليم للمجلس لما كان له وزن لا بالعير  ولا
بالبعير !!! لذلك لا يمكن للمجلس ان يستعيد حيويته وعافيته الا بإعادة هيكلته
ومأسسته وضخ دماء جديدة فيه وصياغة مشروع نضالي شفاف تكون فيه المصلحة الكوردية
العليا فوق اي اعتبار ، وهذا ما يجب ان يعمل عليه بعد حضور ممثليه مؤتمر
الرياض!!!
نشرت في جريد بوير برس    العدد 33-15-2015

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…