أرجعونا إلى أجزاء كُردستان الأربعة إن كنتم كُرداً

 

 ابراهيم محمود

 

يتحدث أولو أمر الكُرد عن كردستان التي
تقاسمَها أعداؤهم، مشيرين دون تردد إلى مكائدهم وعنف أساليبهم في التفريق بين الكرد
وفي إقصائهم عن كرديتهم وتأليبهم على بعضهم بعضاً، ناسين حيناً ومتناسين في غالب
الأحيان، أن نتيجة هذا التقسيم كانت نعمة لأغلبيتهم فيما وصل إليه حال كردهم وما
يفعلونه في كردهم، لحظة انتقال أي منهم، وهو في مقام ولي أمر سياسي من جزء إلى آخر،
ممارساً أهواءه السياسية في مسقط رأسه ومن منطلق ” الكردايتي ” .
كما لو أن
المكان بجهته، جزئه، فاقد  لخصوصيته، وهو مدفوع به إلى حقل تجارب السياسي الكردي
وتهويماته، وهو يعاد تشكيله أو تلوينه، ليكون كرد المكان بيادق شطرنجه، وقد تنابذوا
فيما بينهم بألقاب لا تحصى لقاء انقسامات سياسية تترى .

 

الفضيلة الوحيدة التي تجمع جل السياسيين الكرد هي في كونهم منطلقين من مفهوم ” وحدة
كردستان ” وهي تزداد انقساماً، من وحدة الصف الكردي وهو يزداد تبعثراً، من المصير
الكردي الواحد وهو في متاهة أهواء سياسيّيه.
هنا، يصح القول: لا يلام أعداء
الكرد على كل ما يفعلونه بالكرد من سلب ونهب وقهر وصهر قوميين وخلافه، بما أنهم
أعداء معلومون، أما حين يتحول الكرد في مجملهم إلى بيادق شطرنج بين أيدي المعتبرين
زعماءهم، ساستهم، قادتهم، سكرتارييهم الحزبيين وفي تنوع مراتبهم ومضاربهم، فإن
اللوم يسقط، ويثبت اتهام العداء المقصود لبني جلتهم.
في باب التنافس : ما تمكَّن
أعداء الكرد في نطاق عدّاد التاريخ من إيذاء الكرد بمفهومهم القومي: قتلاً وتجريحاً
وتشويه كيان وترحيلاً وتهجيراً وكم أفواه وإساءة…الخ، يمكن إيجاد النظير في ساح
أولي أمر الكرد وقد جعلوا من الجزء الواحد أجزاء، والشعب الواحد ضمن الجزء الواحد
فلولاً، شِيعاً، طوائف، تكتلات، وكل طرف ينازع الآخر على كرديته.
في السنوات
الأخيرة، ما شهدته كردستان المجزأة من نزوح مرعب، من هجرة لافتة ، من هروب مقصود من
قبل الكرد شيباً وشبابناً، نساء ورجالاً وعلى مرأى من أعين أولي أمر الكرد، وربما
بتسهيلات كردية معتبرة مدفوعة الثمن، إلى عالم بعيد: أوربي قبل كل شيء، هائل النشاط
مروُّعه في سرعة إقصاء الكردي عن كرديته غالباً، ليكون جل المنسوب إلى حنين الكردي
إلى مسقط رأسه، وتشبثه بالمكان” أرض الآباء والأجداد ” ودفاعه عن كرديته زيفاً في
ضوء الواقع .
مئات الألوف من القوى الشابة، وهم كأسماك السلمون، إنما دون رجعة،
يدخلون في عِداد المغامرين، تبتلعهم المسافات المائية الرهيبة ” إيجة وîca : ثانية،
مجدداً، الآن، بالمعنى الكردي، أي من موت إلى آخر ” وغير إيجة، والغاباتية منها
والحدودية القانصة فيها وأهوالها ، وهم في يأس مما كانوا عليه، وهم يترجمون قهرهم
صوب أنفسهم، كبتهم فيما هم عليه، تذمرهم مما يجري من قبل الناطقين بلسانهم، مكفّرين
بالكردية والكردايتي وساعتها،  متقبلين إهانات رجال الحدود، سخريات الحدوديين
والمصورين شذاذ الآفاق والمعنيين بأمرهم من أعداء الكرد، كما لو أنهم حسموا أمر
كرديتهم في ذهاب بلا عودة، ليمضي أولو أمر الكرد وهم في تنظير مخجِل عازفين على
الوتر القومي ذاته، كما لو المشهود له راهناً هو ما كان في الأمس، تأكيداً على
خروجهم من التاريخ، وبدقة أدق على زيف المنطوق الكردي لدي مجملهم.
أين هي حدود
الكردية في ضوء هذا النزوح الذي يسخَّف من قبل المستهترين بما يجري كردياً، داخل
الجزء الواحد وعبر أجزاء تتجزأ باضطراد ؟ أي كردستان قابلة للنظر فيها في سياق هذا
التدني العددي ودلالاته كردياً ؟
أي يقف العدو، ومن يسمّي العدو كردياً مقابل
هذا الفراغ المتعاظم والرهيب ؟
أرجعونا إلى أجزاء كردستان الأربعة لو تكرمتم يا
أولي الكرد من ساسة حزبيين وخلافهم، حيث تعيش كردستان حِداد اسمها في بنيها
وبناتها، صغارها وكبارها على مرأى من سخرية الأعداء بالصوت والصورة، لنحسن النظر في
وجوهنا وحقيقة أمر كلٍّ منا بعيداً عن الرتوش، وتقدير قوانا الخاصة…، إذا كنتم
حريصين حقاً على كردستان، قبل قيام الطوفان، والدخول في رعب حكاية: كان يا ما كان،
كان هناك جنس بشري يقال عنه: كردي…كان..

 

دهوك – في 14 كانون الأول
2015 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…