تأخر الحل السياسي .. تهديد لوحدة الوطن .. ووجوده ..

بــيـان سـيـاسـي

بعد تعثر مفاوضات الحل السياسي في جنيف
الذي رعته الأمم المتحدة ، توسعت دائرة العنف وازدادت وتيرته بسبب التدخلات
الخارجية ، واصرار النظام على الحل العسكري ، أوصلت الوطن لأوضاع كارثية في التدمير
والقتل  والنزوح والهجرة .. دون اي تقدم  هام على مسار الحل السياسي سوى  ما أقدمت
عليه القيادة الروسية من  تنظيم لمنتدى موسكو التشاوري الأول والثاني الذي ضم
أطرافاً من المعارضة السورية وخاصة من الداخل ، ووفد يمثل النظام السوري ، كما أجرت
سلسلة من اللقاءات مع قوى وشخصيات معارضة من الخارج ، ووفود رسمية عديدة عربية
واقليمية و دولية ، وتم في تلك اللقاءات بحث الحلول الممكنة للأوضاع في سورية على
ضوء القرارات الدولية وتفاهمات جنيف ، ومن خلال ذلك كله خلصت القيادة الروسية
الى موقف محدد ينطلق من اعتماد : 
– مسألة محاربة الارهاب ، والسعي لايجاد حل سياسي ، موضوعان ومساران متلازمان
ومتزامنان .
– الدعوة والعمل على انشاء حلف دولي لمحاربة الارهاب يضم دولاً
عربية واقليمية . 
غير أن القيادة الروسية بادرت فوراً بتدخل عسكري جوي واسع
 طالت ضرباته معظم الساحة السورية ، تحت ذريعة محاربة الإرهاب ، ومنع سقوط الدولة
بيديه ، مستندة على حلف استجابت له  الآن فقط كلاً من  : سورية – العراق- حزب الله
– ايران .. وفي هذا السياق أقيمت غرفة عمليات في بغداد لتبادل المعلومات الأمنية
بمشاركة هذه الدول الثلاث مع روسيا .. هذه الغرفة التي تشكل التعبير الأولي عن ذلك
الحلف المفتوح نحو آفاق أخرى في المستقبل .. وقد يؤدي اقتصاره على تلك الدول الى
الاستغلال والتوظيف الطائفي في المنطقة ، وما ينجم عن ذلك من مخاطر كبيرة . 
ومن
هنا فإننا في هيئة التنسيق الوطنية نرى ان توسيع ذلك الحلف المقترح عربياً
واقليمياً وخاصة مصر والجزائروالأردن والسعودية ، سيساهم في تكامل الجهود الى حد
كبير لمعالجة أزمات المنطقة في كل من سورية والعراق واليمن ولبنان ، وايجاد الحلول
السلمية لها بالتعاون مع الجتمع الدولي . غير أن سرعة التدخل العسكري الروسي ،
واتساعه ، وطبيعة المواقع المستهدفة  فاجأت الجميع ، وأوقعتهم في الحيرة والدهشة
ولمعرفة حقيقة دوافعه وابعاده ، ودفعت البعض الى الرفض والتنديد باعتباره تدخلاً
خارجياً يصب في ميزان النظام ، حيث شملت ضرباته الجوية معظم الفصائل المسلحة دون
تمييز بين ارهابي وغير ارهابي ” وبعضها ممن كان ومازال يقاتل في مواجهة داعش  ”
وعلى معظم امتداد الساحة السورية راح ضحيتها مواطنون مدنيون آمنون ابرياء في العديد
من الأماكن .. وفي الوقت نفسه ، نحن على يقين بأن التحضير والاستعداد لهذا التدخل
قد تم منذ فترة طويلة ، وانه جاء في سياق تخوف القيادة الروسية من انهيار مفاجئ
للنظام السوري بيد الفصائل المسلحة ،  وخاصة داعش وجبهة النصرة وحلفائها …
هذا
مع العلم ، ان هيئة التنسيق الوطنية سبق لها أن عبرت عن قلقها وحذرت من الآثار
الناجمة عن  هذا التدخل الذي قد يزيد من صلف النظام وتشدده  ، بتصعيد العنف ،
وادارة ظهره للحل السياسي .. 
واخيراً ،  وعلى ضوء التطورات  واحتمالاتها
المفتوحة على امكانية تغذية الحرب القائمة في سورية من اطراف عديدة اقليمية ودولية
  ، سيؤدي الى اطالة أمدها وتوسعها ، وتدمير وخراب ما تبقى من سورية ، في حال تعثر
مسار الحل السياسي … ومن هنا نرى ونطالب بضرورة الالتزام ب :
– مضمون  قرار
مجلس الأمن رقم لعام الذي حدد الفصائل الارهابية ب ” داعش وجبهة النصرة
وغيرهما من خلايا تنظيم القاعدة او الجماعات المرتبطة بها او المنشقة عنها او
المتفرعة منها ” ( كما ورد في نص القرار ) 
– الاسراع في تنفيذ الحل السياسي
وفقا، لبيان جنيف عام والذي تضمنه قرار مجلس الأمن رقم لعام
–  التزام القيادة الروسية في سعيها باتجاه المسار السياسي  الذي اعلنت انه
مترافق ومتزامن مع محاربة الارهاب ، وتوظيف تواجدها في  سورية لخدمة الحل السياسي
بالتنسيق والتعاون مع الأطراف المحلية المؤمنة بتنفيذه ، والاقليمية والدولية
المنخرطة في المسألة السورية ، وكبح جماح النظام السوري نحو التشدد والعنف .. لأن
هذا الحل هو السبيل الوحيد الذي يضمن وحدة الوطن أولاً ، والمحافظة عليه ، وعودة
ابنائه ، من جديد على أسس المحبة والإخاء والمواطنة المتساوية ، ويضمن اجراء
التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل في سورية .. 
دمشق في 7 / محرم /
1437 هـ
هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي
المكتب التنفيذي 
20 / تشرين أول / 2015 م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…