حول «البيشمركة» الكرد السوريين

صلاح بدرالدين

من واجبي التوضيح بأنني استبعدت كلمة ”
روزآفا ” التي يتم استخدامها ( كخطأ مقصود )  في وسائل اعلام الأحزاب الكردية
السورية اشارة الى البيشمركة الكرد السوريين المتواجدين في اقليم كردستان العراق
لسببين أولهما لأن التسمية مجازية وليست واقعية فهم يحملون شارات واسم – زيرفاني –
كتشكيل معروف من بيشمركة الاقليم ويتبعون له اداريا وميدانيا وثانيهما لأن مصطلح –
روزآفا – أي – الغرب – باللغة العربية يكتنفه الغموض ويستهلك من جانب الأحزاب عند
اللزوم حاملا أكثر من تفسير بحسب الزمان والمكان . 
  كقوة عسكرية بدأت باالتجمع في معسكرات تدريب بيشمركة اقليم كردستان العراق
بمبادرة أخوية كريمة من رئاسة الاقليم منذ اندلاع الانتفاضة السورية آذار 2011 من
شباب الحراك الثوري الكردي وبعض المنشقين عن جيش النظام وحتى لوكان البعض منهم
ينحدر من عائلات ينتمي أفرادها الى أحد الأحزاب الكردية الا أن الغالبية الساحقة
غير منتمية ومن المفيد والضروري والمتبع بقاء هؤلاء الشباب مستقلين وعلى مسافة من
الأحزاب في هذه المرحلة بالذات التي فقدت الأحزاب كلها من ( المجلسين ) التي تجاوزت
الأربعين الصدقية والى أن تعالج أزمة الأحزاب ويعاد بناء الحركة الوطنية الكردية من
جديد التي ستشكل هذه القوة جزءا أساسيا منها لابد أن يستمروا في كسب الخبرة
العسكرية ويكونوا حتى ذلك الحين من حيث الثقافة السياسية والموقف في خدمة قضايا
الشعب والوطن ملتزمين بأهداف الثورة السورية في اسقاط نظام الاستبداد وفي التغيير
الديموقراطي واعادة بناء سوريا الجديدة التعددية التشاركية ينعم فيها الكرد بحقوقهم
المشروعة دستوريا وقانونيا واداريا بحسب ارادتهم واختيارهم الحر في اطار سوريا
الموحدة  .
  واذا كان الكرد جزء من الشعب السوري حتى اللحظة وحركتهم في اطار
الحركة الديموقراطية العامة فلاشك أن مختلف الفعاليات الشعبية والطاقات الشبابية
والجماهيرية في الداخل والخارج ومن ضمنها البيشمركة الكرد السورييون لاتتجزأ من
الحراك الثوري العام بالرغم من كل المحاولات الهادفة الى زرع الفتن والانقسامات بين
الشعبين والصادرة من الجماعات والتيارات الشوفينية والانعزالية العربية والكردية
.
  نسمع بين الحين والآخر أصواتا من جهتين : 1 – استباقية من جماعات – ب ك ك –
السورية ترفض وبالقوة عودة هؤلاء البيشمركة الى ديارهم ومنازلهم ووطنهم ولها سابقة
في هذا المجال عندما غيبت تسعة ضباط من المجلس العسكري الكردي بعد القاء القبض
عليهم على حدود سوريا مع اقليم كردستان والمجلس كان  فصيلا من تشكيلات الجيش السوري
الحر ونقول لتلك الجماعات أن موضوع عودتهم مسألة قومية ووطنية بالدرجة الأساس وليست
حزبية تتعلق بمصالح الكرد كشعب وبالثورة كمعبرة عن تطلعات غالبية السوريين وعندما
تتوفر الشروط سيعودون شاء من شاء وأبى من أبى 2 – استعجالية من أحزاب – المجلس
الكردي – التي تحاول استثمارهم واستخدامهم لغايات حزبية صرفة والاستحواز على فتات
المشاركة والمحاصصة في سلطة الأمر الواقع وسوقهم الى معمعمة الصراع في المناطق
الكردية السورية والمصير المجهول ونقول لهذه الأحزاب اذا كنتم عاجزون عن عقد
اجتماعاتكم في تلك المناطق أو الاقامة فيها بحرية فكيف ستضمنون حياة ومستقبل هؤلاء
الشباب ؟ .
    أما اذا كنتم ترغبون في عودة البيشمركة الى الوطن من أجل مواجهة
– داعش – فالأفضل أن يظلوا في مواقعهم المواجهة لقوات – داعش – نفسه ( الذي لايمكن
الفصل بين من في الرقة أو دير الزور أو الموصل ) في خطوط التماس باقليم كردستان
العراق الفدرالي المستهدف أصلا والذي يعتبره الكرد في كل مكان انجازا قوميا رائعا
يجب الحفاظ عليه وصيانته من شرور الأعداء والخصوم من الخارج والداخل خاصة وأنهم
أصبحوا على دراية واطلاع بتفاصيل جغرافيا الاقليم وأبلوا البلاء الحسن في صد هجمات
الارهابيين والحاق الهزيمة بهم في أكثر من موقع وجبهة  .
  بالاضافة الى
البيشمركة الكرد السوريين المتواجدين بالاقليم الكردستاني هناك ومنذ أعوام مجموعات
كردية في العمق السوري أو على جانبي الحدود السورية – التركية أو كخلايا ( نائمة )
اما منضوية في أطر تعود الى الجيش الحر أو شبه مستقلة وقد تنادت للتدريب وحمل
السلاح للدفاع عن الوطن عموما والمناطق الكردية خصوصا ضد جيش وشبيحة النظام
وارهابيي – داعش – وملحقاتها ومنذ ذلك الحين كانت هناك مساعي من جانب الوطنيين
الكرد الشرفاء من أجل تجميع وتوحيد كل تلك المجموعات بمافيها بيشمركة كرد سوريا في
تشكيل واحد تنتظم علاقاته التنسيقية مع قيادة الجيش الحر وتحافظ على خصوصيتها
واستقلاليتها من الأحزاب والمعارضات في آن واحد وقد اصطدمت تلك المساعي الصادقة
بعقبات وتخريب ومحاربة من جهات عدة بينها سلطة نظام الاستبداد الأسدي والنظام
التركي ومسؤولي الأحزاب الكردية في – المجلسين – و – المجلس الوطني السوري –
 .
  أعود وأكرر بأن الأولوية للعمل السياسي وأن مصير اخواتنا واخوتنا وبناتنا
وأبنائنا من بيشمركة كرد سوريا وغيرهم من العسكريين الكرد في كل مكان داخل البلاد
وخارجه سيبقى مرتبطا بمصير شعبهم ووطنهم وليس ببعض الأحزاب والقيادات الفاشلة التي
لاهم لها سوى المتاجرة وتوزيع الصور التذكارية وايهام – الائتلاف – بأن هؤلاء
يتبعون لها وأن الشرط الأساسي لانطلاقتهم في ربوع الوطن هو تحقيق المشروع الوطني
الديموقراطي واعادة بناء الحركة الكردية عبر المؤتمر الوطني الانقاذي المنشود الذي
سيشكل هؤلاء مع الحراك الثوري الشبابي والمستقلين وسائر الوطنيين ومنظمات المجتمع
المدني القلب النابض له  .
  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…