يوم الصحافة الكردية تصادف يوم تزيف الانتخابات السورية ؟

بافي رامان 

        الصحافة تعني حرية الرأي و التعبير ، تعني الدفاع عن المظلومين ، تعني قول الحقيقة ، تعني السلطة الرابعة في الدول الحضارية و الديمقراطية ، تعني كشف المستور ، تعني محاربة الفساد ، تعني محاربة الاستبداد و الديكتاتورية ، تعني محاسبة المسؤوليين ، تعني مراقبة ممارسة الحكومات ، تعني الدفاع عن حقوق الاخرين
تعني كشف ممارسات المجرمين و الارهابيين ، تعني الدفاع عن حقوق القوميات التي تعاني من الاضطهاد و الظلم و القمع و الابادة الجماعية ، تعني المنبر الحر ، تعني الحوار المفتوح ، تعني الحوار المتمدن ، تعني الاخبار اليومية من الشرق الى الغرب ، و من الشمال الى الجنوب ، تعني الطاولة المستديرة ، تعني النداء ، تعني المصالحة ، تعني الاصلاح و التغيير ، تعني قرار الشعب ، تعني صوت الشعب ، تعني طريق الشعب ، تعني الحوار ، تعني المستقبل ، تعني الحياة ، تعني الغد ، تعني الايام ، تعني االمنابر ، تعني الدولة و البلد ، تعني كردستان ، تعني النضال ، تعني الدفاع ، تعني الجهاد ، تعني الفجر ، تعني الانقاذ، تعني الانفتاح ، تعني الاصداء ، تعني الزمان ، تعني الاتحاد ، تعني الديمقراطية ، تعني الحرية ، تعني الوحدة ،  تعني اي دولة من اجل شعوبها ، تعني الوان قوس وقزح ، تعني الشمس و النور ، تعني النجمة ، تعني الصراحة، تعني صوت المرأة ، تعني صوت الفقراء و المظلومين ، تعني الحرب بين قوى الخير و الشر ، تعني المبادىء و القيم ، تعني احترم الآخر، تعني محاربة الناهبيين لبلدانهم و ثرواتها، تعني التطور و التقدم، تعني العلم و المعرفة ، تعني عند الاستبداديين صوت الظالمين ، عند الحكومات الشمولية كم الافواه و تشويه الحقائق ، زرع ثقافة الاستبداد في عقول الاطفال و الشباب ، زرع ثقافة الارهاب المنظم على الشعوب ، تعني عند الانظمة الشمولية فقط صوت النظام وقمع صوت الاخرين ، لذلك فان مفهوم الصحافة تختلف بين القوى التي تتطلع نحو مستقبل مشرق و بين القوى الظلامية و السلفية و الانظمة الاستبدادية والديكتاتورية الشمولية .


   ومن المصادفة ان تصادف ذكرى الصحافة الكردية مع حدثين هاميين في المنطقة و العالم و هما الانتخابات النيابية في سوريا في ظل اجواء غير ديمقراطية و بعيدة عن كل القيم الاخلاقية و المدنية ، انتخابات تعلم مسبقا من الفائز ، من خلال قائمة النظام او ما يسمى بقائمة الجبهة لان ثلثي الاعضاء من هذه الجبهة وان صوت لها او لم تصوت فهي فائزة سلفا حسب قانون السوري و حسب قانون الاحزاب و من خلال المادة الثامنة من الدستورالتي تعتبر حزب البعث قائد للدولة و المجتمع  و في ظل اجواء قانون الطوارىء و الاحكام العرفية ، و الباقي من قائمة الظل التي تتشكل من قبل الاجهزة الامنية ، و ان طبيعة مجلس الشعب في سوريا ليس له دور في الحياة السياسية على الرغم انها السلطة التشريعية و لكن لاتشرع اي قانون و لا تحجب الثقة عن اي حكومة او اي وزير ؟ و الدور الاساسي لهذا المجلس هو التصفقيق و ترديد الشعارات و الهتافات ، و اصبح مركز للصوص لكسب سيارة فخمة و فيلا خمس نجوم في المزة ؟ و بعض الاعضاء اصبحوا الناطقين الرسمين باسم الحكومة للتغطية على الظلم و الاضطهاد الذي تعاني منه الشعب السوري بشكل عام ، و للدفاع عن النظام الاستبدادي الشمولي باسم الوطنية و القومية و مواجهة الخطر الخارجي ، على الرغم ان الوطن في خطر بسبب سياسات هذا النظام و الخطر الداخلي اكبر و اخطر من الخطر الخارجي بكثير ؟ و الحدث الثاني الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية في فرنسا في ظل اجواء من الديمقراطية و الحرية و المنافسة الشريفة ، ومن خلال برامج انتخابية ، و على ما يبدو لم يتعلم الحكومة السورية من ابسط قواعد الديمقراطية من فرنسا اثناء عهد الانتداب و بعدها ايضا ؟
            و لاهمية الديمقراطية و الحرية و الكرامة الانسانية و عزة النفس و محاربة الظلم و الفساد و الاضطهاد التي عاني و تعاني منها الشعب الكردي في جميع اجزاء كرستان عمل البدرخانيين و من خلال مقداد مدحت بدرخان الى صدور اول جريدة او صحيفة كردية باسم (( كردستان )) في القاهرة في 22 نيسان من  عام 1898 ، اي منذ اكثر من قرن ، و من بعده تولى اصدارها شقيقه عبدالرحمن بدرخان و لعبت هذه الجريدة او الصحيفة دورا هاما في نشر الوعي القومي و ايقاذ الشعور الوطني باللغتين الكردية و التركية ، و خلال كل عدد منذوا صدورها اكدوا على نبذ التفرقة بين ابناء الشعب الكردي و تمتين اواصر التلاحم و الوحدة في صفوف الكرد ، و اهتموا بالتعليم و الثقافة و الوعي و المعرفة و الادب العالمي و الاقليمي و الكردي .

لقد لعبت الصحافة الكردية منذ ظهورها في التعبير عن الاماني القومية و الوطنية و التطلعات الانسانية لامة مجزأة و مضطهدة و مظلومة ، و عملت للدعوة الى اشاعة الديمقراطية .


             ان ظهور هذه الجريدة او الصحيفة في مثل تلك الفترة الحساسة من تاريخ الامة الكردية يعد حدثا هاما يحمل مضامين و مدلولات كبيرة و عميقة ، فهو من ناحية يجسد روح الصمود و التحدي و الاصرار على مواصلة النضال ضد الانظمة المضطهدة للشعب الكردي ، و من ناحية اخرى ينم عن عمق استيعاب البدرخانيين لطبيعة المرحلة و الظروف التي عاشوها ، و ما افرزتها من مستجدات ، اضافة الى ادراكهم للدور الذي تنهض به الصحافة في حياة الافراد و الشعوب و المجتمع ، و تعزيز نضالها القومي التحرري ، و التعريف بها و ايصال صوتها الى العالم ، و ايصال تطور الشعوب الى الشعب الكردي و حضورها المؤثر في كافة ميادين الحياة من سياسية و ثقافية و اجتماعية و اقتصادية و فكرية .


          و لكن لاخلاف ان الصحافة الكردية – بالنسبة للشعب الكردي – يجب ان تعبر عن الفكر المتفتح الذي ينشد ليس فقط وضع الاسس الصحيحة لمجتمع الحاضر و المستقبل ، بل ان تعني كذلك بنشر الفكر العلمي البعيد عن الغيبيات و الخرافات و الاوهام و الخروج من الاطر الضيقة و السياسة العشائرية و انما التطلع نحو مستقبل افضل و متطور .


         كانت الصحف و الجرائد و المجلات الكردية في بداية نشأتها و حتى عهد قريب بسيطة في تحريرها و اخراجها بسبب قلة الكوادر و المختصين و ضعف في الامكانيات المادية ، و لذلك و في اغلب الاحيان كانت تطبع من خلال آلة كاتبة متنقلة و آلة النسخ بسيطة و يدوية و تنتقل هذين الالتين من مكان الى آخر خوفا من الاستيلاء عليهما من قبل الانظمة الاستبدادية و الديكتاتورية .


        و لكن فان الثقافة الكردية و الى حد ما ، استطاعت التواصل و التقدم على مستوى كردستان بشكل خاص و على المستوى العالمي بشكل عام ، و ذلك من خلال الاصدارات و كافة وسائل الاعلام المرئية و المسموعة و المقرؤة ، و كذلك من خلال مطبوعات من مجلات و صحف و دوريات ثقافية و كتب و ابحاث .

و ان التخصص بدأ يتبلور في كردستان و خاصة في كردستان العراق ، و هناك آفاق للتوجه نحو التخصص ، و لذلك نلمس صدور مجلات و مطبوعات تخصصية كالمجلات في الآثار و الادب و البحث الاكاديمي و الكاريكاتير و الاطفال و الثقافة و المعرفة و العلم .

و تشهد الصحافة الكردية اليوم تقدما و انتعاشا لم يسبق له مثيل مقارنة مع العهود السابقة و تعمل في اجواء مختلفة تماما ، و يتمثل ذلك في هذا الكم الهائل من الصحف و المجلات الدورية الصادرة و خاصة في كردستان العراق التي باتت محط انظار زوارها ، كما يتجلى في تقنية الطباعة الحديثة نسبيا و اساليب التصميم الفني و الاخراج الصحفي ، و لكن فان هذا التطور متواضعا قياسا الى التطور الحاصل في الدول الكبرى و بعض دول المنطقة و خاصة الخليجية و لبنان .

               و لكن و بعد مرور اكثر من قرن على صدور اول صحيفة كردية ، هناك العديد و العديد من الاسئلة التي تطرح على المثقفيين و الكتاب و الصحفييين الكرد حول الدور الذي تمارسه الصحافة الكردية ؟ و هل تؤدي الدور المنوط بها ، ام هناك عقبات مازالت تعترض طريقها للقيام بهذا الدور ؟ و ما هو رأي الصحفيين و الكتاب الكرد في الصحافة الآن ؟ و ما هو تاثير الصحافة العالمية و الاقليمية و العربية عليها ؟ و اين نقف من هذه الصحافة ؟ و ما هو الدور الذي تمارسه الصحافة الكردية ؟

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…