تسارع العد التنازلي للأسلام السياسي

عبدالغني علي يحيى 

     هزيمة حزب
العدالة والتنمية المغربي الحاكم ذو التوجه الاسلامي الاخواني أمام حزب الاصالة و
المعاصر العلماني في الانتخابات البرلمانية المغربية الاخيرة وحلوله في المرتبة
الثالثة فيها، فضلاً عن رفض جميع الاحزاب المغربية من الدخول معه في ائتلاف من شأنه
ان يعيده الى السلطة من الشباك بعد أن طرد من الباب انجاز التعبير، لها، أي الهزيمة
اكثر من دلالة، من ان الشارع المغربي، كما الشارعين التونسي والمصري، والشارعيين
التركي والعراقي، على الطريق نفسه، رفض حكم الاسلام السياسي ومرارة حكمه للمغرب
طوال (4) سنوات.
يذكر أن حزب النهضة التونسي ذو التوجه الاسلامي الاخواني كذلك،
كان قد وصل الحكم، كما اخيه المغربي، عن طريق انتخابات برلمانية حرة، إلا انه اخفق
في تحقيق اماني واهداف التونسيين خلال الفترة التي حكم فيها تونس ومني فيما بعد
وامام العلمانيين التونسيين بهزيمة نكراء كتلك التي مني بها أخوه المغربي. 
وعندي ان عبدالفتاح السياسيي ارتكب خطأ كبيراً حين قام بشبه انقلاب على الحكومة
المرسية الاخوانية، إذ كان حرياً به ان يترك الامر لصناديق الاقتراع لتبت في أمر
حكم الاخوان، يقيناً انها كانت تقصي بتلك الحكومة وتسقطها. ان الوقائع الثلاثة
اعلاه دلت على فشل أحزاب الاسلام السياسي في الحكم، وكما يقال أن القاعدة تصاغ من
تكرار الحالة. فأن حزب العدالة والتنمية التركي ذو التوجه الاسلامي الاخواني ايضاً
في طريقة الى السقوط والهزيمة، ان سقوطه مسألة وقت. ويعود الفضل في بقائه لما يقارب
ال 13 عاماً في الحكم الى عدم مساسه بالتقاليد العلمانية التركية وتستر بها للبقاء
اطول مدة في الحكم، الى درجة انه صعب التمييز بينه وبين الاحزاب العلمانية القومية
التركية، ومع ذلك ومن خسارته للكثير من المقاعد البرلمالنية في الانتخابات
التشريعية التركية الاخيرة يتبين أن الشعب التركي يرفض رفضاً باتا ما ابداه هذا
الحزب من مرونة واعتدال للديمومة بحكمه، بعد ان علم، ان التشدد و التضييق على
الحريات سيحلان محل المرونة والاعتدال متى ما سنحت الفرصة له( للعدالة والتنمية)
للأنقلاب عليهما. ومثلما ادخلت تجارب الاسلام السياسي في الحكم، تونس ومصر في
مايشبه اقتتالاً داخلياً مع التنظيمات الاخوانية واخرى منظرقة متشددة ارهابية مثل
داعش والقاعدة، فأن حزب أرودغان يسعى كما يبدو لاجل زج تركية في حرب عنصرية داخلية
ضد الكرد ولقد بدأ بالحرب فعلاً.
وفي العراق لا يبدو ان حزب الدعوة الحاكم ذو
النهج الشيعي لا الاخواني ليس باوفر حظاً من الاحزاب الاسلامية الاخوانية السنية،
فها هي التظاهرات وقد عمت العراق منذ اكثر من شهر، تطالب برحيل الاحزاب الدينية
وتحملها مسؤولية تردي الاوضاع في العراق، لقد قال المتظاهرون نريد دولة مدنية
لادينية.
لسنين عديدة، خيل للكثير من الناس ان الاسلام السياسي بديل عن الشيوعية
والعلمانية، في وقت حكمت الاحزاب الشيوعية العديد من البلدان وما تزال تحكم بعضها،
لعقود من السنين، وحققت انجازات كبيرة فيها وعلى راسها الامن والاستقرار والسلم
الاجتماعي والتقدم العلمي المدهش وبالاخص في الاتحاد السوفيتي السابق، في حين لم
تتمكن الاحزاب الاسلامية من البقاء في الحكم ولو لاعوام قلائل، ما يعني ان الاحزاب
الشيوعية رغم اخطائها كانت بل وما تزال افضل من احزاب الاسلام السياسي واصلح منها
بكثير في ادارة امور الشعوب والبلدان، علماً ان ليس هناك وجه للمقارنة بين الاحزاب
الشيوعية والعلمانية وبين احزاب الاسلام السياسي.
لقد أعطي المجال الكافي لاحزاب
الاسلامي السياسي لتصل الى الحكم وتجرب حظها في النجاح، بعد ان كانت تعتقد على مدى
عقود، من انها ظلمت ولم تسمح النظم الحاكمة لها بالحرية، للاسف لقد اعطيت لها كل
الحرية والدعم ومع ذلك فانها سقطت وتواصل السقوط. ان نهاية الاسلام السياسي اصبحت
وشيكة ان لم يقم بمراجعة لأخطائه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…