موقف غير مفهوم «للائتلاف» حول هجرة السوريين

صلاح
بدرالدين
 

 أصدر – الائتلاف
السوري – بيانا هذاليوم يبدي فيه نوعا من عدم الرضا من الدول الأوروبية ليس لمن رفض
استقبال اللاجئين السوريين من بينها أو أساء التصرف تجاههم بل من الدول التي هبت
لاستقبالهم ومواساتهم والترحيب بهم مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وصربيا وفنلندا
واليونان آخذا عليها التغاضي عن مواجهة المشكلة من الجذور أي ازالة أو اسقاط نظام
الاستبداد لكونه السبب الرئيسي والوحيد لتفاقم مشكلة المهجرين والنازحين ولولاه لما
ترك السورييون وطنهم كما أكد البيان على أن تفريغ البلاد من سكانها يصب في مصلحة
النظام وايران الساعيان الى تغيير التركيب الديموغرافي والمذهبي لسوريا.
 قد نتفق مع بعض بنود البيان في تشخيص خطورة الهجرة واسقاطاتها المنتظرة على
التركيبة السياسية والمذهبية المخططة لها وافراغ البلاد من المواطنين وفي تحديد
مسؤلية النظام ولكننا نختاف من حيث الجوهر حول الأمور التالية:  
 أولا – لم
تبدأ الهجرة في هذه الأيام صحيح أن زخمها أشد وموجتها الراهنة أوسع قد تتجاوز النصف
مليون باتجاه بلدان أوروبا ولكن الهجرة والتهجير والنزوح بالملايين داخليا وباتجاه
دول الجوار (تركيا – الأردن – لبنان – كردستان العراق) كان مرافقا لبدايات
الانتفاضة السورية منذ أكثر من أربعة أعوام ولم يتوقف يوما وفي حين لم تتوقف قوى
المعارضة السورية وبينها الائتلاف وفي كل مناسبة من توجيه الشكر والامتنان الى تلك
الدول الراعية المستقبلة رغم الظروف السيئة التي كان يمر بها المهجرون في بعض تلك
الدول والآن وبدلا من توجيه التحية لدول أوروبا والمطالبة بايواء المهاجرين وتحسين
ظروفهم الحياتية يكاد بيان الائتلاف أن يعنف تلك الدول ويوجه اليها الاتهام الظالم
لأنها تستقبل المهاجرين السوريين .
 ثانيا – المهاجرون السورييون وفي الأشهر
الأخيرة بدأوا يقدمون على نوع من العمل الانتحاري بركوب البحار عبر – بلمات –
مطاطية سهلة العطب للوصول الى احدى الجزر اليونانية ومن ثم الانتقال برحلة مجهولة
المصير محفوفة المخاطر سيرا على الأقدام واجتياز ثلاثة أو أربعة دول للوصول الى
محطة آمنة في النمسا وألمانيا كل ذلك لايكون بدون أثمان غالية من ارواح وضحايا
والطفل آلان صورة مختصرة عنها والسؤال هنا ماذا عمل الائتلاف طوال هذه السنوات لوقف
الهجرة أو النزوح وقطع الطريق على المزيد من الآلام للسوريين ؟ .
 ثالثا – من حق
الائتلاف طلب المعونة الدولية للثورة السورية ولكن التمني على الأوروبيين وغيرهم من
(أصدقاء الشعب السوري !) القيام باسقاط نظام الاستبداد بالنيابة عنه أمر غير واقعي
وبعيد عن المنطق السياسي كما أن الطلب منهم – الأوروبيين –  بشكل غير مباشر بعدم
ايواء اللاجئين ماداموا لايقدمون على اسقاط نظام الأسد يمكن اعتباره أمرا غير مفهوم
وضرب من الاستهتار بأرواح ومصائر مئات الآلاف من بناتنا وأبنائنا الذين ابتزهم
 المهربون وعملوا فيهم أسوأ أنواع الاستغلال وهم يستحقون العيش الآمن الكريم أينما
حلوا .
 رابعا – نعم صحيح يجب تناول الجذور وليس القشور في كل مسألة ومن ضمنها
مشكلة الملايين من المهجرين والنازحين السوريين ولكن هل وفر الائتلاف مشاعر الأمن
والأمان لهؤلاء ؟ وهل زودهم بآمال التحرير والتغيير حتى يصبروا ويثابروا ويتحملوا
أكثر ؟ هل زرع الائتلاف شعورا بالتفاؤل في نفوس هؤلاء حتى يعدلوا عن رحلة المتاعب
وركوب الأمواج وتسليم مالديهم الى المهربين ؟ بالعكس من كل ذلك عجز الائتلاف ومازال
حتى عن تصحيح نفسه وتطهير صفوفه من الفاسدين المفسدين ووضع برامج لاعادة البناء
والهيكلة والتوسيع وفي هذه الحالة فان الائتلاف آخر من يحق له مناشدة الأوروبيين
لوضع برامج – ثورية – لاسقاط نظام الأسد .
 خامسا – حتى لانتهم الائتلاف
بالمزايدة والتهرب من المسؤلية نقول أن الغالبية الساحقة من مئات الآلاف من هؤلاء
المهاجرين هم أولا من الأعمار الشبابية ومن الذين شاركوا بالتظاهرات الاحتجاجية وفي
القتال ضد جيش ومخابرات وشبيحة النظام وكانوا في تنسيقيات الشباب من القامشلي الى
درعا ومن كل الأطياف والمكونات الوطنية القومية والدينية والمذهبية ولانغالي اذا
أكدنا أن غالبية هؤلاء فقدوا الأمل من وطن حر ومن نظام جائر مستبد وفي الوقت ذاته
من ادارة الائتلاف وحقيقة ادعائه تمثيل الثورة والثوار والكل يعرف أن الائتلاف غائب
عن كل المناطق السورية ونسج تحالفات خاطئة في أكثر من مجال وساحة وخصوصا الساحة
الكردية السورية وأهمل الشباب والحراك الثوري عموما وترك الناس الوطنيين عرضة
للاتجار والاستغلال وخطر التهجير والتصفيات .
 سادسا – لم يستجب الائتلاف وقبله
مجلس الاخوان لنداءات ومطالب السوريين في تحقيق أمرين : 1 – مناطق آمنة على طول
الحدود المشتركة السورية مع دول الجوار 2 – تدخل انساني دولي مما اضطر البقية
الباقية من السوريين الأحياء الهاربين من الموت الى الاعتماد على الذات والبحث عن
ملاذات آمنة على طريقتهم حتى لوكانت مكلفة وفي هذا المجال وبدلا من مكابرة قيادة
الائتلاف التي تعيش بأمان وأرسلت أفراد عائلاتها مسبقا وعبر المطارات الى دول آمنة
عليها الاعلان عن الفشل والاعتذار للشعب السوري تماما كما هو مطلوب من سائر الأحزاب
والمجموعات التي تدعي (التمثيل الشرعي والوحيد) وسلطات الأمر الواقع التي تتشارك
المسؤولية مع النظام عن هجرة السوريين من وطنهم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…