حقيقة الدعوة لإنهاء فترة رئاسة البارزاني!

دهام حسن

كثيراً ما تكون الدعوة المشروعة لأمر محق
مبدئياً في غير أوانها، وفي ظلّ ظروف عصيبة غير اعتيادية تكون الدعوة حينها وبالاً
وشرّاً مستطيرا، هذا برأيي هو مآل الدعوة في نهاية المطاف، دعوة عدم التجديد فترة
الرئاسة للسيد مسعود البارزاني، هل هؤلاء المطالبون بهذا الحق المشروع قد قرؤوا
الواقع الكوردي بما فيها واقع الإقليم قراءة جيدة وواعية؟ وهل هم يعيشون حالة
حضارية من المدنية حتى يتمسكوا بحذافير الديمقراطية؟ وهل جاءت وجاهتهم الحزبية على
الديمقراطية أصلاً؟ وهل حددوا للسكرتير الأول في أحزابهم بدورة أو دورتين؟ ألم
تُبنَ أحزابهم بغالبيتها على أوكار القبلية والعشائرية، وهل يخفي على المراقب
الحصيف أن قوى أقليمية تتدخل في شؤونهم لدفع هؤلاء نحو التنابذ والتناحر والتهلكة؟
أحزاب الإقليم كما وحدتهم المصائب بالأمس، تفرقهم النجاحات اليوم! وبسيناريو لا
يخلو من الغموض والالتباس، وبأياد آثمة، أعلم علم اليقين أن الرئيس البارزاني لن
يفقد لا مكانته ولا ألمعيته إذا كان خارج هذا المنصب ولن يتمسك بالموقع في ظل ظروف
طبيعية، لكن أنانيتكم قد جاوزت رغبات شعبكم الكوردي المنكوب بشراهتكم للبلبلة
والمنصب ..
إن مصلحة الإقليم فوق مصلحة الجميع، فبرروا لنا ما هو مصلحة شعبنا
فيما أنتم تطالبون به، وتصرون عليه.؟! هل درستم الظروف دراسة متأنية ومسؤولة، إذا
كان رائدكم هو مصلحة شعب الإقليم، فهل لهذه الدعوة البلبلة أية مصلحة للإقليم؟ ومتى
حكمتم شعب الإقليم في خياراتكم الحزبية؟ واليوم يشهد القاصي والداني بسياسة رئاسة
الإقليم الموضوعية، فبماذا أنتم تفكرون؟ وإلى أي مهوى تريدون أن تلقوا بنا غير
التهلكة؟!
أنتم لستم في سويسرا، ولا في السويد، ولا حتى في فرنسا، حتى تركضوا
بالديمقراطية إلى أمام، كان الأَولى بكم أن تتمسكوا بالرئيس البارزاني إذا كان ما
تريدونه هو خير للبلاد والعباد، وبالتالي تحترمون خيار شعبكم لا بالأنانية الداخلية
وإيعازات ربما خارجية.!
عودوا إلى رشدكم واستنيروا حيث تكون مصلحة شعبكم، ولتكن
مصلحة الشعب فوق مصلحة الجميع، فاستنيروا بها بعيداً عن الأنانية المفرطة لدى بعض
الرموز، فظلوا كواكب في شمس البارزاني الأب الخالد..! وأني على يقين عندما تمر هذه
العاصفة وتهدأ الحالة فستجد البارزاني هو من يبادر إلى التنحي سعيداً
مختاراً.
بالنسبة لي لم أدخل يوماً حزباً قومياً، أقول هذا ليس ترفعاَ، وإنما كي
لا أتهم بموالاة أحد، ولدت شيوعياً وكبرت ماركسياً، وما زلت، وقد حاولت مع لفيف من
المثقفين أن نلتقي ببعض الرموز المعنيين في رئاسة الإقليم، هنا في القامشلي، وإن
تعذر فلا بأس في الإقليم لكي ننقل إليهم الواقع السياسي والثقافي المزري هنا ويتحمل
هذا الوزر قبل أيّ كان الذين هم ربما حالوا دون تلبية هذا الطموح من المحسوبين على
رئاسة الإقليم زيفاً ودولارا.
دهام حسن: كاتب وشاعر 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…