ملاحظات على مبادرة – دي ميستورا –

صلاح بدرالدين

هناك ملاحظات عدة على
مبادرة السيد – دي ميستورا – ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بشأن سوريا التي
أقرها مجلس الأمن الدولي بالاجماع في السابع عشر من الشهر الجاري على أن تنطلق في
ايلول – سبتمبر وتتضمن تشكيل أربع مجموعات عمل حول الأمن والحماية ومحاربة الارهاب
والمسائل السياسية والشرعية واعادة الاعمار باجراء عملية سياسية نحو مرحلة انتقالية
على أساس تفاهم متبادل مع تأمين استمرارية عمل المؤسسات الحكومية كما جاء في صيغة
المبادرة ومن تلك الملاحظات والمآخذ :
 أولا – بنود المبادرة مبهمة وغير واضحة وقابلة لتفسيرات متناقضة وهذا يدل على أنها
حصيلة تفاهمات أمريكية – روسية كحل وسط غير حاسم رسم على عجل لرؤا الطرفين حول
القضية السورية وكما يبدو أراد القطبان لها أن تكون غير واضحة المعالم وكأنهما بذلك
يرغبان في تمديد الصراع الجاري حول وعلى وفي سوريا رغم كل الدماء التي تسال كل ساعة
ودرجات الدمار وآثار البراميل المتفجرة التي تحصد الأرواح على مدار الأيام وذلك
بانتظار تفاعلات ونتائج  الاتفاق النووي بين الغرب وايران.
ثانيا – صيغة –
مجموعات عمل – الغامضة لجهة طبيعتها ومكوناتها وصلاحياتها تنسف حقيقة أن هناك ثورة
في مواجهة نظام الاستبداد بل تجاوز لكل القوى الثورية ومجموعات الحراك الثوري
الوطني التي تقاوم منذ أكثر من أربعة اعوام وقدمت التضحيات بمئات آلاف الشهداء من
أجل الحرية والكرامة ومن أجل تمرير الصيغة والتغطية على المخطط تم اللجوء الى
جماعات موالية للنظام واعتبارها معارضة وتم تزكيتها واستدعاؤها من جانب روسيا
وايران وحتى من قبل – ديمستورا – الذي قابل – 200 – شخص من ( المعارضة ) غالبيتهم
نادوا بأولوية محاربة داعش وليس النظام بحسب زعم ممثل الأمين العام .
ثالثا –
هناك التفاف واضح على جنيف 1 وخصوصا على بند ” مجلس حكم انتقالي بصلاحيات كاملة ”
وبدلا منه التوجه نحو حكومة انتقالية أي ادخال ( معارضين ) في حكومة النظام الحالية
عبر التعديل أو التشكيل من جديد باشراف رأس النظام وحسب ارادته .
 رابعا – هناك
حسم واضح في بنود المبادرة لجهة الابقاء على نظام الاستبداد تحت ذريعة الحفاظ على
مؤسسات الدولة وفي الحالة هذه لايمكن محاسبة من تلخطت أياديهم بدماء السوريين ومن
نهب خيرات سوريا وأموال الشعب ثم ماذا عن الأجهزة الأمنية القمعية بكل مسمياتها
التي تزيد عن ( العشرة ) وتعيس في البلاد اجراما وفسادا والمسؤولة عن حماية النظام
المستبد منذ عقود وأكثرها دموية وتقتيلا مثل – المخابرات الجوية – وهل الدولة
متوقفة على سلطة نظام الاستبداد أم أنها تعني الأرض والشعب ومتطلباتهما المعروفة :
اسقاط سلطة النظام واعادة بنائه ديموقراطيا من جديد للحفاظ على الأرض والسيادة
وتحسين ظروف حياة ومستقبل الشعب ووحدته الوطنية .
 خامسا – في مسألة الارهاب فان
المبادرة لاتعترف بكل بنودها على أن سوريا الشعب والكيان تعاني من ارهاب الدولة منذ
سبعة عقود بل تقفز على هذه الحقيقة لتختبىء وراء ارهاب – داعش – ومن دون حتى
الاشارة الى أن الاستبداد هو من خلق واستحضر مختلف الفصائل المسلحة الارهابية في
سبيل أن يثبت للعالم أن لاثورة شعبية وطنية وماهي الا مجرد ارهابيين ومسلحين أغراب
تمولهم دول معينة وحتى يعزز – دي ميستورا – من خطته استحضر العديد من ممثلي الأطراف
السورية الموالية للنظام باسم – المعارضة – حتى يكونوا شهود زور على مبادرته
الخبيثة التي لن يكون مصيرها الا مثل مبادرته الأولى حول – حلب أولا – . 
 سادسا
– لقد استغل جميع الأطراف ( هيئة الأمم وأمريكا وروسيا وايران ) تشرذم المعارضة
السورية وتعدد ولاءاتها وانسياق غالبيتها لخدمة النظام الحاكم وبعض الأنظمة
الاقليمية وخصوصا ايران كما استثمروا ضعف وهزالة – الائتلاف – الذي خسر الأصدقاء
والأنصار بسبب العجز عن اصلاحه وتجديده والاستغناء عن الفاسدين والمفسدين وخروجه عن
الاطار الديموقراطي الذي تعهد بالالتزام بمبادئها تنظيميا واداريا وتراجع عن اتخاذ
المواقف السياسية الحاسمة تجاه القضايا المختلفة وابتعد أشواطا عن قوى الثورة
وتشكيلات الجيش الحر وكذلك عن الحراك الشبابي والوطني الثوري عموما .
 سيستمر
نزيف الدم السوري وسيبقى النظام المستبد قائما رغم ضعفه وستستمر قوى الشر في
التلاعب بشعبنا وقضيتنا واستنزاف ثورتنا وخنقها وستتواصل الصفقات والمبادرات
والمخططات من وراء ظهر شعبنا وسيستمر نظام ايران في استثمار اتفاقه مع الغرب
لمواصلة دعمه لنظام الأسد والمجموعات المسلحة الأخرى المعادية للثورة مادام هناك
تجاهل لانجاز المهام العاجلة المطلوبة وفي المقدمة العمل على عقد المؤتمر الوطني
السوري من قوى الثورة والحراك الوطني الديموقراطي والتوصل الى برنامج سياسي واضح
وحاسم وينبثق عنه مجلس سياسي – عسكري لقيادة المرحلة القادمة .
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…