هناك من يستغل النهج الديمقراطي للأضرار بوحدة الشعب الكردي في إقليم كردستان

دلكش مرعي

من يلقي نظرة
على تطور النهج الديمقراطي  تاريخيا سيلاحظ بان الديمقراطية لم تظهر كنهج عبثي
وفوضوي كما هو حاصل لدى معظم أحزابنا الموقرة .. فعندما ظهر هذا النهج  في أُثينا
كانت له أسس وشروط محددة من بينها ان يتمتع المرشح في الانتخابات بخبرة وكفاءة
متميزة ويتصف بالنزاهة وله تقدير وثقة ضمن محيطه الاجتماعي ويمتلك ثقة الناس فلم
يكن يسمح لأي شخص بالترشح إلا ضمن هذه الشروط. ولم تتغير تلك الشروط من حيث الجوهر 
في العالم المتحضر إلى يومنا هذا … فمعظم الذين حرروا شعوبهم من الظلم والاستبداد
والطغيان كانوا من الشرفاء والمخلصين ولم يكونوا قط من العملاء أو من الذين يضعون
مصالحهم الخاصة فوق مصلحة الشعوب… 
 ما نود قوله هنا هو إن الظروف التي يمر بها الشعب الكردي في هذه المرحلة الحساسة
والمصيرية تحتاج إلى قيادة شريفة ونزيهة ووطنية وأصيلة تمتلك الخبرة السياسية
الواسعة والطويلة ومحل احترام الشعب الكردي والدول العظمى والإقليمية كالسيد الرئيس
مسعود البرزاني .. فمن غير المنطقي والمعقول إن تخلق بعض أحزاب الإقليم أزمة سياسية
في هذا الظرف ويتخذوا من النهج الديمقراطي كسلاح وغطاء لافتعال هذه الأزمة وكأن
الشعب الكردي في الإقليم تحرر من معظم حالات التخلف الفكري والاجتماعي والعقائدي
ووصل إلى مرتبة العالم الحر والى قمة العلمانية ولم يعد ينقصه أي  شيء في هذا الظرف
إلا تحديد مدة الرئاسة متجاهلين خطر التنظيمات الإرهابية التي تمتد حدودها ألف
وخمسمائة كيلو متر مع حدود كردستان وغيرهم من الأعداء الشوفينيين المتطرفين قوميا
وكذلك الحرب الطائفية الطاحنة المدمرة الجارية في المنطقة ومتجاهلين بأن هذا الشعب
بأمس الحاجة إلى موقف سياسي موحد وقيادة مخلصة لضمان حقوقه وتجاوز هذه الأزمة بسلام
وبعدها يمكن وضع الحلول لجميع المشاكل الدستورية التي تدور حولها الجدل.. فالحالة
الكردية المتصدعة أصلاً لا تتحمل المزيد من الصراعات والأزمات في هذه الظروف
الحساسة والمصيرية التي قد تقضي على ما حققه الكرد من حقوق في إقليم كردستان
وسينعكس ترددات تلك الأزمة إذا ما حدثت وبدون أدنى شك على معظم أجزاء كردستان ..
فالديمقراطية تحتاج إلى فترة طويلة حتى تتمكن هذه الشعوب التحرر من قيم الجهل
والتخلف والتطرف الديني والمذهبي  والقومي والقبلي والعادات والتقاليد  السيئة
وغيرها من الفيروسات الضارة في إرث هذه الشعوب فديمقراطية العراق كما هي معروفة
أنتجت – المالكي – ومصر – السيسي – ولبنان التي مضى على ديمقراطيتها أكثر من نصف
قرن أنتجت الطائفية البغيضة .. فواهم أو موهوم من يعتقد بأننا سنحقق عبر
الديمقراطية ما حققته الدول الغربية بطرفة عين  فديمقراطية الغرب عمرها أكثر من
الفين وخمسمائة سنة وكذلك ميراثهم الفكري والفلسفي وضحوا من أجل هذا الميراث
بالكثير حتى وصلوا إلى هذا التطور العلمي والمعرفي  المذهل . 
فلم تصلنا المعارف
الحديثة كالفلسفة والنهج الديمقراطي والتيارات الفكرية والمدارس والجامعات إلا في
منتصف القرن الماضي بينما في أثينا فقد بدأ النهج الديمقراطي سنة – 508 – ق م –
واستمر  حتى – 267 – ق م – والمعارف والأفكار الفلسفية بدأت بالظهور مع طاليس في
بداية القرن السادس – ق م – واستمرت مع سقراط ومن بعده أفلاطون وأرسطو ولم ينقطع
ظهور الفلاسفة والمفكرين والعلماء في الغرب من تلك الفترة إلى يومنا هذا.. فأولى
الأكاديميات التي كانت تناول فيها الفكر الفلسفي والرياضيات وغيرها من العلوم أسسها
أفلاطون سنة – 387 –  ق م – واستمرت حتى سنة – 529 – ميلادي.. وبالرغم من إصابة تلك
النهضة الفكرية والديمقراطية بنكسة وبنوع من الجمود بعد سيطرة الكنيسة السياسي على
مجمل حقول الحياة في القارة الأوربية ولكنها لم تتمكن من القضاء على التراث الفكري
والفلسفي والنهج الديمقراطي لتلك الشعوب ففي القرن الخامس عشر بدأ عصر النهضة من
جديد وبدأت الأكاديميات تظهر في إيطاليا وبريطانية وغيرها من المناطق الاوربية..
وانحسر فكر الكنيسة السياسي مع انطلاقة الثورة الفرنسية شيئا فشيئا عن الساحة
الفكرية والسياسية… بينما فكر وتراث شعوب هذه المنطقة  كان غيبيا وأسطوريا عبر
5500 سنة فالعلوم الفلسفية والمعارف العلمية هي نتاج العقل الغربي المذكور فمن
المؤسف القول بأننا  نرّكب هذه المعارف والنهج الديمقراطي تركيباً قيصريا على الفكر
الغيبي السياسي والأسطوري والخرافي لشعوب هذه المنطقة فنحن نبني تلك القيم المعرفية
على أساسات هشة ومتصدأة ومأزومة فتتعرض هذه الأساسات الهشة والغير متجانسة على
الدوام للانهيار والتهشم والفوضى فمن من المستحيل التوافق والجمع بين نقيضين نقيض
علمي وآخر خرافي… ما نود قوله هنا هو أن المرحلة التي يمر عبرها الشعب الكردي
تتطلب قيادة شريفة وأصيلة تنطبق عليها شروط ديمقراطية أثينا كقيادة الرئيس مسعود
البر زاني لإيصال هذا الشعب إلى بر الأمان وليس أحزاباً  تدور حول مواقفها عشرات
إشارات الاستفهام.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…