ما أشبه الأمس الأمريكي، باليوم في إقليم كوردستان العراق

ضياء  يوسف

وضع الدستور لحماية الشعب
ولم يخلق الشعب من أجل حماية الدستور. في عام 1787م تمَّتْ صياغة المواد السبع
الأولى لدستور الولايات المتحدة الأمريكية وتم إقرار هذه المواد سنة 1789 ، وقد
وفَّقتْ مواد الدستور بين السلطة الفعلية، والحرية الفردية، والسُّلطاتُ الحاكِمة
أضافت موادَّ أخرى للدستور، لِتُنظم مِنْ خلالها شؤون الحكم، والعلاقة بين السلطة
والمجتمع، بعيداً عن الظلم والفوضى، وذلك للحيلولة دون طغيان حُرية وحقوق فئة على
الآخرين. ومنذ انتهاء الولاية الثانية للرئيس الأمريكي الأول (جورج واشنطن)،
والقانون الأمريكي أصبح واضحاً وصريحاً في بنوده الدستورية. وقد نصَّ على أنه لا
يحقُّ إعادة انتخاب أي رئيس أمريكي، لولاية ثالثة وأستثني فقط الرئيس الأمريكي
فرانكلين روزفلت (الرئيس الـ 32 للولايات المتحدة الأمريكية 30 يناير 1882 – 12
أبريل 1945)، فكان الرئيس الأمريكي الوحيد الذي استطاع الفوز بالمنصب لـ 4 مرات،
 لكن ثمَّة سؤال يطرح نفسه: لماذا أعيد انتخابه لـ 4 ولايات متتالية.؟ لقد أعيد
انتخابه (روزفلت) للولاية الـ 3 ثالثة عندما صادف موعد الانتخابات اندلع الحرب
العالمية الثانية.؟ فوجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مضطرة لخرق الدستور
وانتخاب روزفلت لولاية ثالثة (على مبدأ: للضرورة أحكام). وبعدها تم إعادة انتخابه
لدورة رابعة. ولم يذكُر التاريخ الأمريكي أن خصومه (روزغلت) السياسيين حاولوا
التغلب عليه. على الرغم أنه عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية، كان قد اخفق في
تنفيذ العديد من وعده الانتخابية.!؟ كما أنَّ خصومه المُنافسين لم يصِرّوا على
إجراء الانتخابات، بل جعلوا إعادة انتخابه لولاية ثاثة لأجل مصلحة الأمة
الأمريكية.! وتناسوا كل خلافاتهُم مع مُنافسهم روزفلت.
ما أشبه الأمس الأمريكي،
باليوم في إقليم كوردستان العراق.. ذمَّة سائل: هل سيتنازل خصوم الرَّئيس مسعود
البارزاني عن إجراء الانتخابات، ويتناسوا خلافاتهُم لأجل مصلحة الشعب في
الإقليم.؟
والجَّميعُ في معمعة الدِّفاع أمام هجمات داعش القادمة بضراوة نحو
أراضي كوردستان.
إنَّ فكَّر السَّاسة في الإقليم لوجدوا أنَّ الوجود الكوردي
اليوم في خطر، وهو أهمُّ مِنْ مصالحهم الشَّخصية والحزبية.!؟ وهو بالتأكيد أكثر
خطورة كما حالة أمريكيا أيام روزفلت. وليتذكَّر (ساسة الكورد) إنَّ التحالف
الدُّولي قد جمع حوالي أربعين دولة لمحاربة تنظيم داعش.!؟ كما أنَّ المنطقة مقبلة
على جملة من التغيرات الجيوبوليتيكية، والتي ستسهم في وضع السياسات المستقبلية
للشرق الأوسط (برمته) لاجيال عديدة.. و ستنسف الخرائط الجيوسياسة (الحالية)..
وستخلق شرق أوسط جديد.!؟
وعليه (ما سبق): المتوخى من المعنيين في الإقليم تذكُّر
تجربة السَّاسة الأمريكيين (في حُبِّ وطنهم وشعبهم)، فهُم ليسوا أكثر حرصاً على
الديمقراطية.. وعلى إجراء الانتخابات في موعدها من السَّاسة
الأمريكان.!؟
 
فلا ضير في هذه الظروف الاضطرارية (الاستثنائية)، إنْ تم خرق
دستور الإقليم على مبدأ: للضرورة أحكام، وأعيد انتخاب الرَّئيس مسعود البارزاني
لولاية ثالثة.  فما فائدة الدستور إنْ ضاع الإقليم الذي بُني على نضال مرير خاضهُ
الأكراد، دفعوا ضريبتهُ مئات الألوف من الشهداء.!؟ وجهود سنين من العمل المُتواصل
حتى باتت كوردستان مُزدهرة. والآن أصبحت كباخرة في محيط هائج تتقاذفها أمواجهُ من
كُل الجِّهات.!؟
 فمن الحكمة الحفاظ على الانجازات الحالية في الإقليم، والقبول
بإعادة انتخاب الرِّئيس مسعود الذي يعرف كيف يمسك زمام القيادة في الأوقات الحرجة.
وذلك حرصاً على استمرار سلامة الإقليم، ووحدة شعبه في هذه المرحلة المُعاصِرة
(العصيبة) من تاريخ الكورد.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…