هجرة الكورد من كوردستان سورية

كاسي يوسف

محرك الهجرة الكوردية من كوردستان سوريا لم
يكن الجبن ،او الخوف من نظام الدم في دمشق،كونه اعتاد على سياساته،وتاقلم
معها،واستطاع ان يجد لنفسه المخارج من المواضع الضيقة التي كان يحاول النظام حصره
بها 
الهجرة من كوردستان سوريا تمت لاسباب اخرى ،تحتاج لفتح صفحات تاريخ الشعب
الكوردي في سوريا منذ ان تم الحاق كوردستان سوريا ظلما،بالكيان السوري 
الشعب
الكوردي كان يدفع من دمه ومن عرق جبينه ومن عزة نفسه ضرائب
العنصرية،والسادية،والفاشية التي يتمتع بها نظام البعث العربي الاشتراكي_العلوي
ومخططاته الخبيثة 
نستطيع القول ان الانسان الكوردي عانى كثيرا جدا في سبيل الحفاظ على اسرته كفرد،من
المجتمع،وبالتالي فان المجتمع الكوردي كان يعيش تحت وطأة ظروف استثنائية منذ ان
تاسست الدولة السورية بعبثية البريطانيين والفرنسيين بالمنطقة اثر انتهاء الحرب
العالمية الاولى ،وتم الحاق الجغرافيا الكوردية عمدا بدولة كل ما فيه متنافر،وسميت
سورية ،المناطق التي طالما كانت تحت حكم الامارات الكوردية ايام الدولة العثمانية
وماقبلها لم تكن العشائر العربية قد سكنتها قبل تلك الفترة،وانما كانت تاتي بعض
العشائر المرتحلة طلبا للعشب لاغنامها وتعود لمواطنها البعيدة بعد انقضاء فصل العشب
.
والقامشلي المدينة الكوردية التي اسسها اليهود من ابناء القومية الكو ردية
كانت شبه فار غة من العنصر العربي حتى مجيئ البعث للسلطة في بداية الستينات من
القرن المنصرم حيث بداية محاولات المشاريع الاجتثاثية للكورد،وزرع العرب في المنطقة
الكوردية،عبر تجريد الكورد من جنسية دولة سورية ،التي كانت وبالا عليهم اساسا،عندما
فرقت حدودها مع تركيا والعراق الاف العوائل وحرمتهامن التواصل مع ابناء اقرباء الدم
والعائلة الواحدة،وفي بعض الاحيان هناك حالات لتقطيع اوصال بعض القرى حيث أجزاء
 منها او بعض اراضيها ظلت في جزء ومالكوها في جزء آخر 
المشكلة الكوردية نشات
عندما اغمض الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية اعينهم عن هذا الشعب ورضوا ان يبقى
مجزءا بين اربع دول،وسوريا هي احداها كما تبين الآن،لذلك نشات حركات رفض و تمرد بين
الكورد,مع دعوات لإنشاء كيان كوردي مستقل بين كثير من الاقطاعيين الكورد تحديدا
آنذاك كونهم لحكم موقعهم الاجتماعي كانوا يعرفون الذي يجري على الارض.ومثال ذلك
حاجو آغا في تربه سبيي ،ومحاولاته المعروفة مع
الفرنسيين ،الا ان تلك المحاولات باءت بالفشل لانعدام القوة ،والتنظيم والوحدة
والاتفاق الكوردي 
ولان غالبية الآغوات الكورد كانوا متخلفين،ويبحثون عن سبل
الإبقاء على الفلاحين الكورد بين ايديهم كعبيد وهذا كل ما كانوا يحلمون به .
في
الجانب الآخر كانت السلطات تحضر للشعب الكوردي أسوء المخططات العنصرية في
المنطقة،فمع مجيئ حافظ الاسد المقبور في السبعينيات من القرن
المنصرم ،قام بتنفيذ اخطر مخطط استيطاني لعرب الغمر في منطقة
الجزيرة السورية،وبموجبها تم حرمان الاف العوائل الكوردية مرة اخرى من حق امتلاك
الارض هذه المرة،بعد ان تم سابقا تجريد عشرات الالاف من الكورد من حق امتلاك
الجنسية السورية.
وكانت هذه بداية المحاولات  لقطع الجذور وبترها بين الكوردي
وبين الارض 
فالانسان الذي يعمل في الفلاحة ان لم يكن لديه حق امتلاك قطعة ارض
تساوي حبه للتراب، سيفقد ثقته بتلك الارض،وبالتالي تمسكه وحبه لها،ظل الكوردي مؤمنا
ان الارض له لنصف قرن وهو يحارب بصبره و تشبثه،وكفاحه ومعاناته رغم ان الركلات
تاتيه من كل صوب ،ورغم انه كان محروما بغالبيته من امتلاك تلك الارض التي ولد
فيهاوتنتسب اليه،وينتسب اليها،الا ان العادة تغلب الفطرة احياناً،وهذا ما لم يحدث
للكوردي ايضا،بل غلب العادة،والروتين المصطنع،وظل عاشقا لتراب يمشي عليه ،ويشقى
كثيرا قبل ان يجد مترا منه ليجلس مع افراد عائلته بعد يوم او ايام او عمر من القهر
والشقاء
في ظل حكم الاسد الطويل نسبيا,حدثت كثير من المواجهات بين الكورد وبين
النظام واجهزته الامنية,ففي الثمانينات  تظاهر الاكراد المقيمون في دمشق اثر مقتل
شاب كوردي على ايدي الجيش السوري,وانتقلت شرارتها الى الجزيرة التي تأهبت للقيام
بمظاهرات عارمة,لولا ان حافظ الاسد اصدر مرسوما بجعل يوم الحادي والعشرين من شهر
آذار عطلة رسمية,وسماه يوم الأم,وهو اليوم القومي للشعب الكوردي,وبذلك امتص نقمة
الشعب الكوردي نوعا ما.
.2004 أيضا ثار الكورد بينما كان السوريون يقفون لجانب
النظام في 
في انتقامه من الكورد بعد ذلك مرات ومرات,اعتدوا على الكورد مع
النظام كعشائر و كمدنيين
وصمد الشعب الكوردي بايمانه بقضيته ,ولم يغادر الا
اعداد قليلة جدا رغم ظروف استثنائية  عاشتها الاجيال وراء الاجيال,من الظلم
والاعتداء والاهانة والمشقة في الحياة التي كانت تعانيها الطبقة الواسعة من ابناء
الشعب الكوردي,من المسحوقين .
تحمل الرصاص الحي,واجه الرصاص بالصدر العاري
وبالشموع والزغاريد كان يدفن شهدائه,ولم ينجر للعنف وهذه ثقافة الكوردي في الحالة
الطبيعية,كونه لا يقابل العنف بالعنف,الا اذا انعدمت الوسائل,واكتملت الشروط لحمل
السلاح.
كانت الجماهير الكوردية مؤمنة بان التغيير قادم،وان الظلم زائل،وفعلا
حدثت الثورة السورية،التي كان يترقب حدوثها كل كوردي بحسه الغريزي،نتيجة لتراكم
الظلم من جهة السلطة واذنابها،وفار التنور السوري،وتدفقت الجماهير كالمياه
المحبوسة،الا ان النظام التف على المظاهرات السلمية باراقة الدم بغزارة لامثيل لها
في التاريخ،ظل الكوردي ثابتا ومترقبا ومثابرا على مطالبه بالحرية،والفدرالية
لكوردستان سوريا،واسقاط راس النظام ورموزه 
حتى لاحظت السلطة المتهاوية ان
الكورد يمكن ان يتسببوا له بالاندحار ،كونهم من اكثر المتضررين من سياساته،واكثرهم
توحدا وقوة،و شراسة في المقاومة اذا اضطروا لذلك,فقرر خوض السباحة في تيار التمويه
،وعلى ظهر ابنائنا,وعلى حساب دمنا للخلاص من محنته،ومهما كانت ضحايانا اكثر يكون هو
سعيدا ومنتصرا،قرر بعض من ابناء الشعب الكوردي ان يسير وفق مخطط النظام،جهلا،وعدم
نضج ،ونقص دراية،وكرها لمنافسين آخرين من ابناء جلدتهم ,وبعض القيادات التي وافقت
على السير في موكب النظام لربما تخاذلت معه ضد مصلحة ابناء جلدتها
وهنا حدثت
الصدمة الكبرى وقرر الناس الهروب،قبل ان يصطدم الكوردي بالكوردي،ودرءا لما هو
أسوأ.
لم يستطع الكوردي قطف ثمار صموده على مدى نصف قرن,من المعاناة
والحرمان,لان النظام كان خبيثا و حرض الكورد على الكورد,وهذا ما دفع الغلبة الغالبة
من ابناء شعبنا للانسحاب خوفا من ما هو مخطط من قبل النظام,وفضلوا الخيام على
بيوتهم لعل الايام تتكفل باعادة الامور الى نصابها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…