نحو مؤتمر كوردي استعداداً لمؤتمر سوري

م.رشيد 22/07/2015

 أثبتت الأحداث
والأيام عقم الحل العسكري للأزمة السورية الخانقة، المنتجة للقتل والدمار، والمخلفة
للمآسي والأضرار للشعب السوري الجريح، ضحية الصراعات الدائرة في دوره ودياره منذ ما
يقارب الخمس سنوات بين المتحاربين من المعارضة والموالاة بنزعات طائفية وسلطوية
مقيتة، وأجندات خارجية عدوانية خبيثة، يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية استمرارها
لتقاعسه وتباطئه في انهائها بالشكل الحاسم والوقت اللازم.
     الآن وقد أصبح
واضحاً ومسلماً به  ضرورة الحل السياسي الذي بدأ التحضير له ابتداءً من جنيف (1)
ومروراً بموسكو، وانتهاء بمؤتمر القاهرة الأخيرعلى قاعدة محاربة قوى الارهاب
والتكفير المتمثلة بداعش والنصرة وأخواتهما، ووقف جميع العمليات العسكرية ومن في
حكمها فوراً ونهائياً، والبدء بتأسيس المرحلة الانتقالية لبناء سوريا الجديدة
بشكلها ونظامها ودستورها، وذلك من خلال عقد مؤتمر وطني توافقي يشمل مختلف أطياف
الشعب السوري ومكوناته برعاية وإشراف دوليين على غرار مؤتمر الطائف اللبناني،
والمساعي على قدم وساق في هذا الاتجاه بدلالة المندوب الأممي ستيفان ديمستورا.
     وكون الكورد جزء أصيل وأساسي من سوريا أرضاً وشعباً ، ورقم معتبر ومؤثر في
المعادلة السياسية، لذا يتطلب ترتيب البيت الكوردي ليؤدي دوره المنوط به على أكمل
وجه، وذلك بتهيئة الذات وتوفير المستلزمات والمقومات، للحضور في المؤتمر المطلوب
عقده بفاعلية وجدية ليكون ممثلاً حقيقياً وفعلياً لإرادة الشعب الكوردي ومعبراً عن
تطلعاته وطموحاته، والمشاركة في اعداده وانجاحه من خلال ورقة كوردية موحدة تحمل
مشروعاً وطنياً (خارطة طريق) لسوريا المستقبل، وتتضمن تصوراً واضحاً لحل قضيته
القومية ضمن الاطار الوطني العام والموحد. 
    وانطلاقاً مما سبق نقترح عقد
مؤتمر وطني كوردي (بشكل مستعجل وقبل انعقاد المؤتمر الوطني السوري المنشود) على أن
يكون عاماً وشاملاً لكافة الأطر والكتل والأحزاب  الفاعلة على الأرض، إضافة إلى
ممثلي الفعاليات والنخب الاجتماعية والثقافية والدينية والمهنية..، ومنظمات المجتمع
المدني والمستقلين من الشخصيات الوطنية المؤهلة والكفوءة بتمثيل عادل ومناسب لكل
الكيانات المرشحة للحضور، بغض النظرعن الانتماءات والتوجهات والتحالفات والامتدادات
على الأصعدة المحلية والكوردستانية والدولية، ما لم تتجاوز تلك الكيانات الخطوط
الحمر كالاساءة إلى القضية الكوردية والمس بالأمن القومي الكوردي بشكل أو بآخر،
وعلى أن تلتزم الكيانات المشاركة في المؤتمر المقترح بالمبادئ والمنطلقات
التالية:
1-    الاقرار بالخصوصية الكوردية من سياسية وثقافية واجتماعية.. في
سوريا ، والعمل من أجل المصلحة القومية والوطنية في حدودها الجغرافية والسياسية،
والتقيد بضوابط وأسس الاستقلالية في الارادة والقرار والحراك.
2-    الحفاظ على
العمق الكوردستاني الطبيعي والاستراتيجي من الأشقاء، وتوفير الغطاء الدولي الضروري
من الأصدقاء والحلفاء، لتامين الدعم والمساندة والتعاون والتنسيق لصالح القضية
الكوردية.
3-    اقرار رؤية سياسية موحدة ومشتركة كالمقررة والمتفقة عليها في
اتفاقيتي هولير ودهوك المبرمتين بين المجلس الوطني الكوردي (ENKS) وحركة المجتمع
الديموقراطي (TV-DEM)  أومجلس شعب غربي كوردستان(EGRK) سابقاً.
4-     تثبيت
الحضور الكوردي وتقويته، وتدعيم موقعه وموقفه في المؤتمر المنشود كتحرير المناطق
الكوردية من فلول المجاميع الارهابية المسلحة، والحفاظ على أمنها وسلامتها، وادارة
شؤونها وتسيير أمورسكانها (بالمشاركة مع باقي المكونات شركائنا بالوطن)، انطلاقاً
من الادارات الذاتية القائمة فيها بعد تعديلها وتطويرها وتوسيعها من جميع النواحي
القانونية والادارية والأمنية والعسكرية والخدمية..لتحقق رغبات الجميع بحيث يرى كل
شخص نفسه فيها رأياً وطموحاً ومشاركة ومسؤولية .. 
    جاء مقترحنا هذا لعقد
مؤتمر وطني كوردي لأسباب أهمها:
1)    كضرورة وحاجة لتحفيز الحركة الكوردية
وتفعيل دورها وتحسين أدائها بتوحيد صفها وخطابها في ظل المرحلة المفصلية والحرجة من
تاريخ شعبنا الكوردي، لاستغلال الظروف الموضوعية المواتية لتأمين حقوقه القومية
والوطنية والديموقراطية كما تقره العهود والمواثيق الدولية، وذلك بعد تجميد
المرجعية الكوردية المشكلة بموجب اتفاقية دهوك وتعطيلها، وتذمر غالبية الكورد
وغضبهم ويأسهم من وضع حركتهم السياسية غير المريح وغير المرضي، ولا سيما بعد حدوث
تطورات وتغيرات ميدانية، وظهور ظروف وأوضاع جديدة للتعامل والتفاعل بعد تحرير
المناطق الكوردية  الممتدة من جبل Kizwan (عبد العزيز)إلى Girê Sipî (تل أبيض) من
قبل (YPJوYPG) قوات حماية الشعب والمرأة وشركائهما، وبتنسيق ومساندة من طيران
الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة ، وما تلاها من مستجدات كاعلان كتلة ثالثة من قبل
مجموعة من أحزاب المرجعية الكوردية، وتبنّي (ENKS)  لبيشمرگة ROJ  في مؤتمره
الأخير، ومحاولاته ادخالها إلى روژ آا من كوردستان العراق ، وهجمات داعش المكثفة
على مدينة الحسكة والتي أدت إلى تهجير أهلها وتعطيل الحياة فيها، وغيرها  من
الأحداث الهامة والوقائع المثيرة.
2)    كاجتهاد شخصي في اختيار الشكل والأسلوب
لانتخاب هيئة قيادية، أو مرجعية، أو مركز قرار، لاكسابها الشرعية والاهلية
والصلاحية في قيادة نضالات شعبنا وايصاله إلى بر الأمان بأقل الخسائر والتضحيات،
وذلك لايجاد القاسم المشترك  في المنطلقات الآنفة ذكرها على أرضية  الديموقراطية
التوافقية والتراضي، دون اقصاء لأي كيان كيفما كان حجمه أو فكره أو منهجه وموقعه
على قاعدة الكوردايتي والمصلحة القومية العليا، ولسد الطرق أمام أصحاب الحجج
والذرائع  الرامية لتمريرأجنداتها الشخصية والحزبية أوالتهرب من الاستحقاقات
اللازمة والتنصل من المسؤولية القومية والانسانية والاخلاقية المفروضة على عاتق كل
من يجد في نفسه معنياً ومهتماً وحريصاً.
————   انتهى  
————-

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…