لماذا «مؤتمر وطني كردي سوري انقاذي» ؟

صلاح بدرالدين  

   
منذ أسبوع وتحديدا في السادس
والعشرين من الشهر السابع أطلقت نداء أدعو فيه الى عقد مؤتمر وطني كردي سوري
للانقاذ وخلال أيام حظي النداء على شبكات التواصل الاجتماعي بدعم وتأييد المئات من
بنات وأبناء شعبنا في الداخل والخارج وخصوصا من الناشطين الشباب والمستقلين والنخب
السياسية والثقافية وبادر البعض منهم بادراج النداء وبنوده على بساط البحث والنقاش
حيث مازال جاريا باقبال جيد وقد أحيط معظم الأطراف الوطنية (قوى الثورة وديموقراطيي
المعارضة) والكردستانية والاقليمية والدولية المعنية بالقضية السورية علما بمضمون
النداء ومايرمي اليه ويتم الآن مناقشته بكل شفافية وبمنتهى المسؤلية مع الأشقاء في
قيادة اقليم كردستان العراق . 
كما أشير اليه في نص النداء هناك حاجة موضوعية لاعادة بناء الحركة الكردية الوطنية
السورية والعودة الى جوهرها الأصلي التاريخي الذي قامت عليها منذ مايقارب القرن
كجزء من الحركة الديموقراطية السورية وتنظيم الطاقات الكامنة في الساحة الكردية من
جديد لتعيد اسهاماتها الايجابية في الحراك الثوري الوطني العام بعد أن عبث بها
وشرذمها أكثر من طرف وكل حسب مصالحه وأجندته بدء من النظام وانتهاء بالأحزاب
الكردية .
لقد أدت ممارسات الأحزاب الكردية بشكل عام ومنذ اندلاع الانتفاضة
الوطنية السورية وتصرفاتها الخاطئة المدمرة في انخراط البعض منها في مشروع النظام
مثل – ب ي د – وهو الفرع السوري ل – ب ك ك – وأحزاب المجلس الكردي التي كان القسم
الأعظم منها موال للنظام قبل الانتفاضة وظل بلالون وطعم ودور مابعدها كما لم يشكل
ولو جزء من المشروع الوطني الكردي لمواجهة مشروع النظام ومن ضمنه – ب ي د – وفشل في
أن يكون بديلا له في الساحة الكردية رغم احتضانه من جانب – الائتلاف – ودعمه من
جانب محاور اقليم كردستان .
لذلك فان نداءنا من أجل عقد مؤتمر وطني كردي سوري
للانقاذ هو استجابة موضوعية لارادة غالبية الكرد السوريين توجهنا فيه الى شعبنا
أولا بكل طبقاته الاجتماعية وتياراته السياسية والثقافية ونخبه الوطنية ومثقفيه
ومستقليه لنستمد منه القوة والتصميم والشرعية ونعود اليه للمشاركة في صياغة برنامج
المستقبل بعد أن خذلته الأحزاب الكردية ولم تعد تمثل ارادته ومصالحه وطموحاته
المشروعة بل أن الشعب هو من يدفع ثمن فشل واخفاقات تلك الأحزاب على حساب وجوده
ومعاناته وهجرته وتشتته في أصقاع الدنيا .
نداؤنا هو محاولة بالعودة الى المشروع
الوطني واعادة الاعتبار للشخصية الوطنية الكردية السورية المستقلة وازالة الشكوك عن
حقيقة الدور الكردي الوطني واعادة رسم وصياغة حقوق وطموحات الكرد ضمن الحالة
الديموقراطية العامة في البلاد وصيانة الوجود الكردي بقطع الطريق على أي طرف يهدف
الى استغلاله لصالح أجندات خارجية ثم التوصل الى علاقات تواصل وتنسيق مع الشركاء
والأشقاء والأصدقاء على أسس سليمة واضحة .
محاولتنا الراهنة جاءت بعد حوارات
طويلة مع المعنيين بحاضر ومستقبل الكرد السوريين وخاصة الأشقاء باقليم كردستان
العراق وبشكل أخص رئاسة الاقليم حيث يشاركوننا الاهتمام بالموضوع والحرص على انقاذ
حركتنا وتعزيز صفوفها وتوحيد قواها واسعاد شعبنا كما أننا أجرينا اتصالات مسبقة مع
نخب من شركائنا من الوطنيين الديموقراطيين السوريين من معارضي النظام بينهم أعضاء
في – الائتلاف – ومستقلين كما أوضحنا فكرتنا لبعض أصدقاء الشعب السوري على الصعيدين
الاقليمي والدولي .
نتمنى أن تتجاوب الأحزاب الكردية مع ندائنا وتساهم معنا في
اجراء الاصلاح واعادة البناء مع معرفتنا بأن هناك قسم من أصحاب المصالح في قياداتها
لاتتمنى اجراء أي تغيير وسيحاول كما يظهر على زرع العراقيل طبعا هناك المئات من
مناصري الأحزاب أيدت النداء وشاركت في التوقيع عليه الى جانب أن هناك قلق عام لدى
رؤساء الأحزاب الكردية السورية وبعض المستفيدين من قياداتها ليس لأن كردستان سوريا
قد تكاد تكون افرغت من السكان وليس بسبب فشل تلك الأحزاب وسيطرة سلطة الأمر الواقع
وقوى النظام على المقاليد وليس لأن كرد سوريا أمام طريق مسدود بل فقط لأن هناك
ارادة للتصحيح والتغيير من جانب شعبنا  والمتجسد راهنا بندائنا من أجل عقد مؤتمر
وطني كردي سوري  انقاذي والاقبال المنقطع النظير على النداء ووصول المشاركين في
التواقيع قرابة 700 ناشطة وناشط خلال أيام معدودات وتقبل ذلك بدرجات متفاوتة من
جانب قيادة الاقليم وقوى الثورة السورية .
لقد اصيبت قيادات الأحزاب بالذهول
ولأنها لاتملك خططا للاصلاح ولاتعترف بعجزها وافلاسها فان البعض منها اختارت الطرق
الالتفافية لمواجهة مشروع المؤتمر ظنا منها ان ذلك سيوقف المشروع أو يؤخره  كان
عليها اذا كانت نياتها صافية أن تتعامل بشجاعة ومسؤلية مع هذا المشروع الاستراتيجي
للانقاذ وان تطرحه للمناقشة والنقد البناء كما طالب بذلك مقدم المشروع .
ذهب
متزعم أحد الأحزاب بعيدا في محاولة الالتفاف امعانا في المضاربة على المشروع بأن
طالب الأحزاب الكردستانية بالمساعدة متناسيا أن أزمتنا الداخلية نحن مسؤلون عنها
ولايمكن لاحد حلها غير شعبنا وشبابنا وناشطونا وان لكل حزب كردستاني مشاكله
واهتماماته الخاصة وازمته الداخلية ثم لماذا التهرب من واقعنا المزري ورمي (
قذارتنا ) على أبواب الآخرين
*  نص النداء:
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…

شيركوه كنعان عكيد تتميز سوريا كما يعرف الجميع بتنوعها القومي والديني وكذلك الطائفي، هذا التنوع الذي استطاعت السلطة البائدة أن تبقيه تحت السيطرة والتحكم لعقود طويلة في ظل سياسة طائفية غير معلنة، ورغم أن علاقة الدين بالدولة بقيت متشابكة، إلا أنها لم تصل إلى حد هيمنة العقلية الدينية أو الطائفية على مؤسسات الدولة بصورة صريحة. أدى ذلك الوضع تدريجيًا إلى…

علي جزيري نشرت جريدة قاسيون، في الخميس المصادف في 17 نيسان 2025 مقالاً تحت عنوان: “لماذا نحن ضد الفيدرالية؟” انتهج القائمون عليها سياسة الكيل بمكيالين البائسة بغية تسويق حجتهم تلك، فراحوا يبرّرون تارة الفيدرالية في بلدان تحت زعم اتساع مساحتها، ويستثنون سوريا لصغر مساحتها…! وتارة أخرى يدّعون أن سويسرا ذات (أنموذج تركيبي)، يليق بها ثوب الفيدرالية، أما سوريا فلا تناسبها…

صلاح عمر منذ أن خُطّت أولى مبادئ القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، ترسخ في الوعي الإنساني أن الشعوب لا تُقاس بعددها ولا بحدودها، بل بكرامتها وحقها في تقرير مصيرها. ومنذ ذلك الحين، أُقرّ أن لكل شعب الحق في أن يختار شكله السياسي، وأن ينظّم حياته وفق هويته وتاريخه وثقافته. هذا المبدأ لم يُولد من رحم القوة، بل من عمق…