من أجل إستقلالية القرار السياسي الكردي في سوريا

صوت الاكراد *
من بديهيات العلاقات في
الحياة السياسية وحتى الاجتماعية والاقتصادية وغيرها أنّ أي قرار قد يتخذ لا بدّ
وأنه يتأثر بمحيطه , ولكن في الوقت ذاته يجب أن يكون هذا القرار مشروطاً بمصلحة
الجهة التي صدر منها .
وعلى هذه القاعدة تتخذ القوى السياسية والاقتصادية وحتى
على المستوى الشخصي قراراتها , والتي تصب بالمحصلة في مصلحتها , مهما تأثرت هذه
القرارات بمحيطها .
من هذه المقدمة نستطيع الدخول إلى قضية حساسة للغاية
بالنسبة لشعبنا الكردي في سوريا وقضيته القومية , والتي بدأت تتبلور لتأخذ طابعها
التنظيمي منذ أواسط القرن الماضي , ومنذ تلك الحقبة وإلى يومنا هذا ما تزال الحركة
الوطنية الكردية في سوريا تعيش حالة من  التبعية في اتخاذ القرار السياسي , وحتى
التنظيمي أحياناً , أياً كانت مستوى هذه القرارات .
حيث بات القرار السياسي الكردي ” بتخطيط أو بدونه ” مداراً من قبل بعض القوى
الكردستانية  , حتى آلت الأمور لدرجة كبيرة من اضعاف الشخصية السياسية الكردية في
سوريا وتهميش دورها في تقرير مصيرها واتخاذ القرارات المناسبة فيما يتعلق بقضيته
العادلة وحقوقه القومية المشروعة
لا يخفى على أحد حجم
التضحيات التي قدّمها الشعب الكردي في سوريا لباقي أجزاء كردستان , في نضالها من
أجل نيل حقوقها  في إطار التضامن القومي والإنساني معها …
 ودون شكّ ذلك موضع
اعتزاز وافتخارٍ للحركة الوطنية الكردية في سوريا , ولكن المؤسف , أن هذه الحالة
أوجدت نوعاً من التبعية لهذه الحركة للقوى الكردستانية … فلا خلاف فكري أو تنظيمي
في الحركة الكردية دونما أن يكون لها أساس كردستاني…ولكن مع تقدم عمر الحركة
السياسية الكردية في سوريا باتت مسلوبة الارادة ,  و لا كلمة لها سوى الالتزام
بالأوامر و الخضوع للإملاءات.
وسط هذا المشهد المؤسف , كان لحزبنا الديمقراطي
الكردي في سوريا ( البارتي ) محاولات في إقامة علاقات أخوية متكافئة مبنية على أسس
الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة, و وضع حدٍّ لهذه التبعية وانعدام الإرادة ,
فكان لذلك مستهدفاً , حيث بات الحديث عن استقلالية القرار السياسي الكردي في سوريا
خطّاً أحمراً بكل ما لهذه الكلمة من معنى . وهناك العديد من الأمثلة الحية و
والواقعية في تاريخ البارتي بهذا الصدد .
وفي ظلّ الأزمة السورية, يتكرر الأمر
ذاته, حيث أن مجمل الحوارات والمعاهدات و الاتفاقيات من قبل الحركة الوطنية الكردية
في سوريا كانت وفق الأساس نفسه , واتخذت المسار ذاته .
 وبناءاً على ما سبق كان
قرار البارتي الحاسم هو أن يكون الكرد في سوريا هم أصحاب القرار فيما يتعلق بقضيتهم
و مستقبلهم , ولذلك كان رافضاً لأية إملاءات خارجية أو تدخل في شؤونهم الداخلية ,
حيث أن لكل جزء خصوصيته وعليه أن يعمل ويناضل وفق هذه الخصوصية , وذلك قطعاً لا
يتعارض مع وجود علاقات وبعد كردستاني مبني على أسسٍ من الاحترام المتبادل والتعاون
والتنسيق والمصالح القومية المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر .
خلاصة القول: ” لا بدّ للكرد في سوريا من حماية قرارهم السياسي , و النضال على
أساس مصلحة الشعب الكردي في سوريا أولاً ” , هذا هو موقف البارتي , إنه لا يؤسس
لخطٍّ ثالث أو رابع كما يشاع , … كل ما في القضية أنه كان وسيبقى سيد نفسه ,
وسيبقى وفياً لقضيته الكردية العادلة  في سوريا , ولن يتردد في تقديم كل ما يمليه
الواجب القومي تجاه باقي أجزاء كردستان , وستبقى بوصلته كما كان دائماً  نهج
الكردايتي … نهج البرزاني الخالد .
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب
الديمقراطي الكردي في سوريا( البارتي )
لقراءة مواد العدد انقر هنا  dengekurd485

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   باسم الضمير الكوردي، وبحسّ المسؤولية التاريخية التي لا تتكرر إلا نادرًا، نوجّه نداءنا هذا إلى كافة الأحزاب والقوى والمستقلين المشاركين في المؤتمر الوطني الكوردي المزمع عقده في مدينة قامشلو، أن يكونوا على مستوى اللحظة، وحجم الأمل، وثقل التحدي. إن ترسيخ النظام الفيدرالي اللامركزي في صلب الدستور السوري القادم، ليس مطلبًا سياسيًا عابرًا، بل ركيزة مصيرية لمستقبل…

ماهين شيخاني   تُمثل القضية الكوردية إحدى أقدم وأعمق قضايا الشعوب في منطقة الشرق الأوسط، حيث يرتكز الصراع الكوردي على حق تقرير المصير والحفاظ على الهوية القومية والثقافية. في هذا البحث، نسلط الضوء على العلاقة التاريخية بين الكورد والقبائل العربية الأصيلة، ونناقش محاولات الإنكار والإقصاء، لا سيما في سياق الحرب السورية الحديثة، مع إبراز الدور المركزي للثقافة والأدب الكوردي في…

خوشناف سليمان ديبو   يترقّب الشارع الكُردي انعقاد المؤتمر الكُردي المقرر في 18 أبريل/نيسان بمدينة قامشلو، وسط مشاعر متباينة تجمع بين الحذر والتطلع. ويأمل كثيرون أن يُشكل هذا الحدث محطة مفصلية تُنهي سنوات الانقسام والتشرذم، وأن يُمثل بارقة أمل لشعب طالما حلم بوحدة الصف وتوحيد الرؤية في مواجهة التحديات المتزايدة. أبرز تلك التحديات هو غياب وحدة الموقف داخل الحركة الكُردية…

اكرم حسين   تمضي سوريا في أحد أكثر مراحلها التاريخية تعقيداً، حيث تتزاحم الأزمات وتتداخل التحديات في مشهد يشبه الركام. نظام قمعي راحل خلّف دولة فاشلة ، واقتصاداً مفلساً، ونسيجاً وطنياً ممزقاً، وأرضاً مباحة لكل من يريد الاستثمار في الفوضى والدم. لكن ما بعد السقوط لا يجب أن يكون سقوطاً آخر. ما نحتاجه اليوم ليس مجرّد حكومة جديدة، بل…