فدرلة الدول المركبة هي الحل

توفيق عبد
المجيد

تحت عنوان ” عراق
فيدرالي … لم لا ؟ ” نشر الأستاذ ” عريب الرنتاوي ” مقالة قيمة حسب وجهة نطري
المتواضعة تجاه الأحداث التي تعصف بمعظم دول المنطقة ، وترشحها لشتى الاحتمالات لعل
التقسيم غير بعيد عنها ، ويركّز على نظام ” الفيدرالية ” كحل مقبول وبالتراضي ضمن
الدولة المركزية ، دولة المكون الواحد والقومية الواحدة التي ألغت غيرها من
القوميات والمكونات ، رغم أن هذا الحل قد يكون آنياً إسعافياً إن لم تبادر هذه
الأنظمة إليه فالتقسيم واقع لا محالة .
يستهل الكاتب رؤيته للأحداث وقراءته لجزئيات المشهد الميداني على الأرض ، والمآلات
التي قد تبلغها في النهاية بعبارة ” ربما ” متوجساً خيفة من أن تكون النتيجة
المتوقعة والمأمولة لنظرته قد خلفتها الأحداث وراءها وتجاوزتها ” ربما تكون
الفيدرالية في العراق شعاراً توحيدياً لا تفتيتياً كما يجادل كثيرون من خصوم هذه
الأطروحة في بلد يعيش حالة اغتراب واحتراب بين مكوناته “
ولكي يعزّز الكاتب
مقالته بأمثلة طبقت من جانب المكون المعني ، ولم تحظ بالقبول المطلوب من جانب
النظام في الدولة المركزية رغم تثبيتها في الدستور ، يستشهد بالحالة العراقية التي
حصل فيها إقليم كوردستان على نظام فيدرالي ، لكنه نسي المعوقات الكثيرة التي خلقها
المركز للإقليم ليطمح إلى المزيد من الاستقلالية عنه ” شمال العراق … استكمل
مقومات الدولة المستقلة التي لم يعد ينقصها إلا الإعلان الرسمي عن ولادتها ” ولا
نبوح بسر إذا قلنا إن الدولة الكوردية القادمة تحظى الآن بالمقبولية لدى الكثير من
الدول ، حتى إن الولايات المتحدة ” باتت تجادل في توقيت الاستقلال وليس في
الاستقلال نفسه ” ثم يجزم ويؤكد أن ” ليست هناك قوة قادرة على منع استقلال الإقليم،
حتى تركيا، الأكثر تحسساَ من هذا الموضوع، باتت تتعامل مع كردستان كدولة مستقلة
في نهاية المقالة يظن الكاتب إن النظام الفيدرالي يترسخ بالجهود الصادقة التي
تبذل من المعنيين بالأمر في المركز ” لإقناع المكونات السائرة على طريق الانفصال
والاستقلال بجدواها وجديته ” ويبدي خشيته من أولئك الرافضين للفيدرالية ، لكنهم
بذلك يشرعنون التقسيم ومن حيث لا يدرون ، ولا يعلمون أن الدولة المركزية قد قاربت
شمسها على الغروب ” لقد انتهى زمن الدولة المركزية الواحدة … والفيدرالية إن لم
تصبح واقعاً معاشاً بالتراضي … ستتحول إلى حلم بعيد المنال ” ثم لا يخفي الكاتب
توقعه من أن تكون ” الفيدرالية مرحلة انتقالية على طريق التقسيم والانفصال التام
والنهائي ، فتلكم هي المآلات الطبيعية لصراعات تحكمها الغرائز والعصبيات المذهبية
والدينية والقبلية “
باختصار أقول : إن هذه الكيانات المركبة أصلا من أراض تعود
لقوميات وشعوب أخرى ، لابد أن تتقسم إن عاجلاً أم آجلاً ، لتعود الأرض والحقوق
المسلوبة إلى أصحابها الشرعيين .
21/5/2015

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مصطفى منيغ / تطوان تأجيل المُنتُظر لا يجُوز، ومِن المُنتَظر التأجيل بالواقع ممزوج، بالتمعن في الجملتين نصل لمدخل معرفة دول تائهة كتلك البلهاء لا تفكر إلا أن يحتَلَّها زوج وإن قارب أعمال يأجوج ومأجوج ، و تلك العالمة لما تقدِّمُه من معقول لكل مَخْرَج لها معه نِعْمَ مَخْرُوج ، المكشوفة رغم تستُّرها وراء سَدٍّ يقِي وجودها دون تقدير إن تردَّ…

د. محمود عباس   يعوّل الشعب الكوردي على المؤتمر الوطني الكوردي في غربي كوردستان بوصفه لحظة مفصلية، لا لمجرد جمع الفاعلين الكورد في قاعة واحدة، بل لتأسيس إرادة سياسية حقيقية تمثّل صوت الأمة الكوردية وتعبّر عن تطلعاتها، لا كفصيل بين فصائل، بل كشعبٍ أصيلٍ في جغرافيا ما تزال حتى اللحظة تُدار من فوق، وتُختزل في الولاءات لا في الحقوق. إننا…

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…