الدولي المناهض للإرهاب ومنها ما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)
وأعوانها، وهي في مقدمة أولوياته على حساب حلّ المسألة السورية وإنهاء معاناة
السوريين، ويتجه المجتمع الدولي نحو ترتيبات جديدة، لاسيما بعد توافق الدول الخمسة
دائمة العضوية في مجلس الأمن+ألمانيا مع إيران على وثيقة التفاهم بخصوص تخصيب
اليورانيوم، وقد يزداد الصراع في منطقة الشرق الأوسط بين محورين أحدهما بقيادة كل
من السعودية وتركيا وبدعم أغلب الدول العربية وبمساندة الدول الغربية (أمريكا
وأوربا) والآخر بقيادة إيران وامتداداته العربية والإقليمية ولاسيما عواصم الدول
العربية الأربعة (سوريا، العراق، يمن، ولبنان) وبدعم ومساندة روسيا وإلى حد ما
الصين، ويزداد هذا الصراع قوة بعد تشكيل «عاصفة الحزم» بقيادة المملكة العربية
السعودية ودول الخليج العربية ضد انقلاب (الحوثيين) في اليمن ودرءا من مخاطر
امتداد هذا الأخير نحو دول الجوار لاسيما بعد تدخل إيران السافر في الشأن اليمني ومؤازرة
الحوثيين.
أطماع إيران التوسعية على حساب دول المنطقة بذريعة الإسلام ومحاربة إسرائيل
ومناهضة الغرب، فجاء الرد سريعاً في شرم الشيخ المصرية عبر جامعة الدول العربية ونتج
عنه العمل على بناء قوة عسكرية ضاربة ربما تختلف هذه المرة عن قوة الردع العربية في
العقود الأخيرة من القرن المنصرم، فهي تهدف في مهامها إلى حل النزاعات العربية
الداخلية ومع دول الجوار الإقليمي، وقد تكون عاصفة الحزم اختباراً جدياً في هذا
المسعى، وهناك من يرى بأنه قد يكون من مهامها تولي معالجة الوضع في سوريا أيضا، كل
هذه المبادرات العربية والإقليمية هي مؤشرات على تصعيد الصراعات الإقليمية
العسكرية وبدعم دولي وحلفائه، بعيدا عن التدخل العسكري المباشر للدول العظمى إلا
في الحالات الاستثنائية كالاعتداء على هذه الدول.
اختلال جديد في موازين القوى ضد النظام السوري، يتجلى ذلك من خلال التقدم العسكري لقوى الثورة وبعض القوى الإسلامية الراديكالية في أكثر من محور وفي
العديد من مناطق البلاد، من جهته يسعى النظام السوري إلى المزيد من التشكيك في دور
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ويفتعل بمؤازرة حلفائه إلى عقد
اللقاءات والمحافل (لقاءات موسكو) بهدف التشويش على المعارضة الحقيقية بحثا عن
حلول سياسية سريعة تهدف إلى استمراره وديمومته، خلاف الحلول والمبادرات السياسية
المطروحة من المجتمع الدولي والهادفة إلى إنهاء النظام الاستبدادي بمرتكزاته الأمنية
والعسكرية، وإزاء ذلك قد يتم التحضير لجنيف آخر بهذا الصدد، بعد لقاء القاهرة
والتحضير لمؤتمر الرياض بمبادرة سعودية بعد اتفاقها مع تركيا وقطر وبغطاء دولي.
وعلى الصعيد الكردستاني، هناك مساعي محمومة من جانب إيران وحلفائه للضغط
على قيادة إقليم كردستان في محاولة لاحتوائه بغية
تمرير سياسات إيران الهادفة للسيطرة على المنطقة كجانب مهم من صراعاته الإقليمية،
يتجلى ذلك في تأجيج الصراعات الداخلية في العراق وإقليم كوردستان، من خلال بعض
الجهات التي فقدت بوصلتها، الوطنية العراقية والقومية الكوردية، وذلك للنيل من
وحدة الصف الكوردي وترابه الوطني، إلا أن حكمة وحنكة قيادة الإقليم وعلى رأسها
سيادة الرئيس مسعود بارزاني تحول دون تحقيق هذه المآرب والمحاولات العبثية، لاسيما
وأن المجتمع الكردي يكاد برمته أن يكون جزءا أساسيا من المشروع الدولي في المنطقة
بما يحمل من تحولات ديمقراطية، لأن التغيير الهادف نحو التطور والتقدم يخدم بشكل
مباشر مصالح الشعب الكردي في عموم أجزاء كردستان، ومن الجدير ذكره أنّ تمديد ولاية
الرئيس البارزاني هو قرار حكيم من دون أدنى شك، وهو ما يحتاج إليه شعب كردستان في
هذه المرحلة الحساسة والهامة من نضاله.
وفي السياق ذاته، يبدو أن تركيا مقبلة على تحولات حقيقية إزاء الشعب الكردي،
خاصة أنها مقبلة على الانتخابات البرلمانية في
حزيران القادم، وأصبح حل القضية الكردية موضع تنافس بين الأحزاب الرئيسية، إضافة
إلى ضرورة توحيد الكرد في قائمة موحدة, بمعنى أن الجهود من أجل تحقيق السلام بين
الشعب الكردي والدولة التركية قد تؤتى ثمارها في المستقبل القريب، وعليه قد تشهد
المنطقة انعطافا في الشأن الكردي برمته، حينها ستزداد الحاجة لانعقاد المؤتمر
القومي الكردستاني بقيادة ورعاية الرئيس بارزاني.
وحول الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، فإنه مازال يتحلى
بأهميته السياسية رغم ما يكتنفه من تفاعلات سلبية
قد تؤثر في تراجع دوره وأدائه، لكنه يبقى القوة السياسية بطيفه الواسع التي تحظى باهتمام
المجتمع الإقليمي والدولي، وعليه سيظل حزبنا مستمرا فيه من خلال المجلس الوطني
الكردي في سوريا الذي يتمتع باحترامه، ومكانته في المحيط الكردي والسوري وحتى
الإقليمي والدولي، مما يستوجب تطويره وتفعيله وتوسيعه، لذلك فإن حزبنا سيسعى جاهداً
للحفاظ عليه رغم تشكيك البعض بأهميته وقدراته، لأنه استطاع، أي المجلس، في سياسته السلمية أن يوفّق بين كونه جزءاً من
المعارضة الوطنية وبين درء الشعب الكردي والمناطق الكردية من مخاطر الخراب والدمار
التي يشهدها العديد من المناطق السورية الأخرى، إلى جانب النشاطات والفعاليات
الجماعية للشعب الكردي خلال مسيرة الثورة السورية.
وفيما يتعلق باتفاقية دهوك وملحقها بين المجلس الوطني الكردي وحركة المجتمع
الديمقراطي tev-dem فإن
العودة إليها أو تفعيلها تتطلب إلى توافق سياسي يضع
الشراكة الحقيقية في الاعتبار،من إلغاء نتائج الانتخابات التي جرت من طرف واحد،
والكف عن الممارسات الفردية بحق كوادر ومقرات حزبنا والأحزاب الكردية الأخرى،
واعتقال الشباب بحجة التجنيد الإجباري، ثم البدء بتنفيذ اتفاقية دهوك، بتوحيد
الإدارات الثلاثة سياسياً وإدارياً، وبناء إدارة موحدة، وإيجاد آلية مناسبة وعملية
لمشاركة القوى العسكرية التابعة للمجلس الوطني الكردي للدفاع عن المناطق الكردية،
وبعدها الاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع من خلال إجراء انتخابات ديمقراطية
نزيهة يشترك فيه الجميع.
وعلى الصعيد الحزبي، فإن حزبنا، الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا ورغم
الصعوبات التي اعترضت مسيرته النضالية هنا
وهناك، استطاع تحقيق وحدته المنشودة وبناء حزب جماهيري واسع القاعدة والتنظيم، واستطاع
الثبات والتمسك بقوة لحماية نهج الكردايتي نهج البارزاني الخالد الذي غدا بوصلته
الحقيقية ومنارته في الاهتداء نحو ممارسة العمل النضالي بهمة واقتدار، ونحن في قيادة
الحزب وكوادره ومؤيديه وجماهيره نؤكّدُ الحفاظ على صيانة ووحدة الحزب، واعتبارها
من أولويات مهامنا واهتماماتنا، وتبقى أبواب الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
مفتوحة لجميع الكفاءات والشخصيات الوطنية والأحزاب والقوى الكوردية, المؤمنة
بمشروع الكوردايتي, عبر وحدات تنظيمية واندماجية تعزيزاً لقوة وحماية المشروع
القومي الكردي المنشود.
18/4/2015
الكردستاني – سوريا