عذر أقبح من الذنب

درويش محما

حدث والتقيت قيادياً كردياً سوريا ”رفيعا” وجرى بيننا
حديث طغى عليه الكثير من الشكوى والعتاب, ألومه على تقاعسه وتقاعس حزبه في القيام
بما كان عليهم القيام به, انتقده على تركهم المجال ”للابوجية” حلفاء النظام السوري
من العبث بمصيرنا والسيطرة على مناطقنا منذ الايام الاولى للثورة السورية, لم يجد
القيادي الكردي “المسكين” من مهرب ومنفذ, سوى الرد قائلا : لم نكن نحن السبب, بل
اكراد العراق”.
تكرر الامر مع أكثر من قيادي كردي سوري, جميع من التقيتهم, كانوا
يحملون الجواب والتبرير عينه, الكل يلوم في الخفاء قادة اقليم كردستان, ويلقي بفشله
وفشل حزبه على عاتق اقليم كردستان.
عن نفسي, لم أقتنع بمثل هذا الكلام, ليس لاني على اطلاع على حقائق الامور وخفاياها,
او أني اشك بمصداقية ما يدعون, لا أبدا, لكن الحجة التي يقدمونها ليست في محلها,
وهي حجة ضعيفة باهتة لا ترفع عنهم مثقال ذرة من المسؤولية وتبعاتها.
من البديهي
ان يكون لكرد العراق وحكومة الإقليم مصالح سياسية لا تتقاطع مع مصالح كرد سورية,
هذا امر مفروغ منه ولا يحتاج لا إلى فطنة ولا ذكاء, على العكس تماما, الامر غير
البديهي ان لا تدرك قياداتنا (الكردية السورية) هذه الحقيقة المطلقة, ثم يأتي أحدهم
فيضع فشله في سلة غيره. كما ان هذه الحجة لا تخلو من عنصر التحايل واخواتها, ولا
يهم ان كان الامر واقعا حقيقيا او مجرد ادعاء, فالامر هنا سيان, فالمسؤولية تبقى
محصورة هنا بالقيادات الكردية السورية نفسها, وهي وحدها من تتحمل عقبات فشلها,
وقالها صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”.
لو افترضنا جدلا,
ان اصحاب القرار في اقليم كردستان العراق, كانوا حقا يرغبون ان تجري الامور على ما
هي عليها اليوم, من سيطرة لاتباع عبد الله اوغلان (الابوجية) على مناطقنا, وبالتالي
التعاون مع النظام السوري ولمصلحته خلال اربعة اعوام من الثورة السورية, وتهجير نصف
السكان الكرد من مناطقهم, والافراط بحقوق الكرد السوريين القومية تحت شعارات طوباية
كالامة الديمقراطية والادارة الذاتية, الى آخره من الاخفاقات العديدة. لو افترضنا
جدلا ان قيادة الاقليم ارادت لنا نحن كرد سورية مثل هذا السيناريو الدرامي الحزين,
ما الذي دفع بقياداتنا الحزبية الكردية السورية ان ترضخ لارادة كرد العراق? وما
الذي فعلته قياداتنا الحزبية لتجنب ذلك? وما الذي يجبرها ان تقوم بدور الولد الذليل
الراضخ عديم الشخصية ليومنا هذا?
اعتقد والله اعلم, ان قياداتنا الحزبية اثبتت
فشلها في الماضي, وستبقى كذلك في قادم الايام, والعقم من خصالها لا خير فيها ولا
امل, كونها تفتقد للحياء والاحساس بالمسؤولية, ولانها متوكلة متطفلة لا حول لها ولا
قوة, والتحجج سرا بتدخل اكراد العراق سلبيا في شؤوننا, انما هو عذر أقبح من الذنب,
وحجة هي اقرب للتزوير منها الى التبرير, والامر برمته يدعو للقرف والاشمئزاز.
*
كاتب كردي سوري
السياسة
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…