اتفاقية دهوك رهن الوضع السياسي المرتقب *

بشار أمين 

جاءت اتفاقية دهوك بين المجلس الوطني
الكوردي وحركة المجتمع الديمقراطي (tev dem) في 22/10/2014 برعاية الرئيس مسعود
بارزاني رئيس إقليم كوردستان دون مقدمات تمهيدية، لاسيما الخلافات بين الجانبين
بسبب انتهاكات (tev dem) وممارساتها الفردية غير المسؤولة (اعتقالات، فرض الجندية
الإجبارية على الشباب الكورد، إغلاق المكاتب والمقرات الحزبية لأحزاب المجلس الوطني
الكوردي وغيرها من الممارسات الجائرة الأخرى). 
وفي غمرة النقاشات في دهوك، تبين
بوضوح أن الاتفاقية هي حصيلة الظروف السياسية الاستثنائية، خاصة مع ظهور (داعش)
واستهدافه الوحشي للكورد أرضاً وشعباً، وما يقتضي من لمّ الشمل لمواجهة الخطر
الداهم، لاسيما بعد إعلان المجتمع الدولي شنّ حرب شاملة ضد الإرهاب ودعم القوى
المناهضة له، وفي المقدمة منها الشعب الكوردي في العراق وسوريا وقواه الفاعلة. 
فالشعب الكوردي أثبت مصداقية كونه جزءاً من مشروع التغيير في الشرق الأوسط، وكونه
مستهدفاً من قبل التطرف والإرهاب. وازدادت الأهمية السياسية لهذه الاتفاقية مع
هجمات داعش الوحشية على شنكال وبعدها كوباني واستنفار العديد من القوى ضدها. وبدا
كأن هناك تحولاً سياسياً في موقف (tev dem) نحو الانضمام إلى القوى المناهضة للنظام
السوري. لكن يبدو أن (tev dem) إما أنه لا يقبل الشراكة الحقيقية، أو يعمل على أكثر
من وتر، مما يقتضي امتلاكه للقرار السياسي لوحده بغية التوفيق بين مختلف علاقاته،
أو أن ممارساته آنية وبراغماتية، يسعى لاستثمار الاتفاقات لصالحه، وفي هذا السياق
كان واضحا منذ بداية الحوارات في آرائه ومواقفه حينما أصرّ على كسر التساوي بإضافة
مكونات أو أفراد من خارج الإطارين، وأيضا إثناء مناقشة اللائحة التنظيمية للمرجعية
السياسية الكوردية بمحاولة تجاوز بنود الاتفاقية فيما يتعلق بنصاب الاجتماع واتخاذ
القرار. رغم تأكيدنا الدائم على أن القرارات بحسب الاتفاقية تتخذ بالتوافق وتحقيق
النصاب في الاجتماع يبقى غير قانوني بغياب أحد طرفي الاتفاقية. وتبين بوضوح ومنذ
الوهلة الأولى لخطوات تنفيذ الاتفاقية أن (tev dem) يلجأ إلى الأساليب الملتوية في
التعاطي مع الاتفاقية، فلم يبال بما قدمه ممثلو المجلس الوطني الكوردي من مقترحات
قد تساهم في تذليل العراقيل والعقبات لتنفيذ الاتفاقية، كالإفراج عن المعتقلين
السياسيين للمجلس، ووقف التجنيد الإجباري للشباب لأن معظمهم تابعين لمجلسنا،
ومعالجة وضع مهجري كوباني، وتأجيل انتخابات البلديات إلى حين مناقشة وتعديل ما يمكن
تعديله من قانون الأحزاب والعقد الاجتماعي وقانون الانتخابات، لاسيما هذا الأخير هو
من صلب الاتفاقية، لأن ترتيباتنا كلها تبقى آنية وقتية إلى حين الاحتكام لصناديق
الاقتراع. هذا الاصرار من جانب (tev dem) وعدم استجابته لمقترحات مجلسنا، أفضى إلى
قرار مجلسنا بوقف العمل بالمرجعية السياسية الكوردية، وجاءت التفجيرات المروعة التي
ألّمت بشعبنا الكوردي في مدينة حسكة عشية عيد نوروز، لتزداد الرغبة لدى (tev dem)
لفرض آرائه أو محاولة الاستفراد بالعمل والواجب المطلوب تجاه الشهداء والجرحى
والمصابين، وبالتالي ليزيد الوضع توترا بدلا من اتخاذ ذلك كحافز لرأب الصدع بين
الجانبين.
أخيراً، هل انتهت حقاً اتفاقية دهوك؟ 
العوامل التي اقتضت ابرام
اتفاقية دهوك ما تزال قائمة، ومثل هذه الاتفاقية ينبغي لها أن تتحول إلى ستراتيجية
لشعبنا، لاسيما أن موضوع السلام بين تركيا وزعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله
أوجلان، وما يكتنفه هذا الموضوع من دور أساسي لقيادة إقليم كوردستان العراق
وبالدرجة الأساس دور الرئيس مسعود بارزاني، وكذلك المساعي والجهود المتضافرة من أجل
عقد المؤتمر القومي الكوردستاني، كل ذلك يقتضي أن يراجع (tev dem) حساباته للعدول
عن مواقفه وممارساته بغية استعادة اتفاقية دهوك لتكون العامل المساعد للمهام
المرتقبة لا عبئا عليها.

*عن صحيفة كوردستان

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…