الكرد و قنافذ فرويد

المحامية نالين سلمان عبدو

-المعارضة
حالة صحية ضرورية حتى لو كان هناك تشاركية أو توافق بين الغالبية العظمى من الاطياف
السياسية الموجودة على الساحة، وهي ضمانة الديمقراطية وسد منيع في وجه أي منحى نحو
الاستبداد بالسلطة من قبل الحكام …
-في روجافا  الفصيلين الرئيسيين anks و 
tev-demمتناحران سياسيا لهما رؤى متضاربة ووزن متقارب سياسيا متفاوت عمليا، فلا أحد
يستطيع انكار كم العمل الخدمي والعسكري الذي حققه مجلس شعب غربي كردستان بمقابل
السبات الذي يوصم به دوما المجلس الآخر.
 لكن عانى الكرد طويلا من التهميش القومي وهم تواقون الآن لاظهار مشاعرهم القومية
متجلية كأدنى حد بتذليل أي عمل أو أمر متعلق بهم بكلمة كرد أو كردي وهو ما يرفضه
مجلس غربي كردستان بحجة انه  لا يريد الغاء الاصوات العربية والسريانية الموجودة،
بالتوازي مع توجهه  الاشتراكي السوفييتي الذي أثبت التاريخ فشله ..
 -إذا
الفصيلين يكملان بعضهما ولكل منهما اخطائهم وحسناتهم بالنسبة لتطور وضع القضية
الكردية ، وبالإمكان تسمية المعادلة بمعادلة المكمل التي  بإمكانها تذليل كل ما
يحول دون الخروج بصيغة توافقية تضمن الوفاق في البيت الكردي.
 -ثمة حكاية
فرويدية *1تروي كيف يتعانق قنفذان على الرغم من ان كليهما يتأذيان من أشواكهما عند
العناق طلبا للدفء، لكن لا مفر فالبرد القارس في الشتاء يجبرهما على ذلك، وشيئا
فشيئا يعتادان على ترك مسافة بينهما تضمن راحتهما وهما يتعانقان… بالإمكان استقاء
العبرة من هذه الحكاية واسقاط القيمية الكامنة فيها على الوضع الكردي السوري لا
سيما وان الشارع الكردي وان فرح بالمرجعية السياسية الا إنه متوجس من مدى تطبيق
مقرراتها على أرض الواقع ..
-احتماء القنفذين ببعضهما اتقاء للبرد دلالة على
حاجة كل منا للآخر على الرغم من الاختلافات الايديولوجية، أما تألم القنفذين عند
العناق فهو  اشارة لمدى التنازلات المؤلمة التي ينبغي ان يقدمها كل طرف لحصول أي
توافق أو منظومة توحدية، أما ترك القنفذين مسافة مثالية بينهما حين وجدا ان عناقهما
سيتكرر لا محالة   فهي لدرء الوجع الذي تسببه اشواكهما، وهي تعني الخصوصية التي
يتمتع بها أي فصيل من دون أن يعني التوحد ذوبان أي فريق ضمن بوتقة الآخر، والكرد
معنيون اليوم بتطبيق المأثورة من هذه الاسطورة .
-تراكم التطور السياسي عبر
التاريخ في مختلف دول العالم أثبت فشل السياسات الشمولية المتجاهلة لصوت لا يأتلف
رنينه معها، و يرى فريتيوف كابرا*2بأنه لم  تؤد ثورة تقانة المعلومات إلى نشوء
الاقتصاد الجديد فحسب بل إلى تغيير جذري أيضا في العلاقات السلطوية التقليدية
فلماذا لا يتعظ الكرد ذوي النزعة الشمولية  من عبر غيرهم ويفتحوا صدورهم بكل رحابة
للآخر..  
-ان أغلب المهاجرين لا يجدون أمامهم أفقا سياسية تبعث على تنفيس
طموحاتهم الوطنية الكردية وكذا الذاتية، ولا يرون بوادر أطر عملية سياسية مكتملة
فلا يوجد عند أي من الفصيلين المتناحرين سياسيا في المناطق الكردية من سوريا رؤى
ومعالم واضحة لمشروع سياسي يحقق تطلعات الكرد، لذلك لا تزداد سوى أعداد المهاجرين
والنازحين اليائسين والناقمين على حالة الحرب العامة في البلاد والصراعات السياسية
الكردية  الفارغة.
 هامش 1:اليكس ميكشيللي  –الهويةidentitéص88- بدوره
عن شبنهور 
هامش2: من كتابه الصلات المتبادلة الخفية -ص177
لآرائكم:
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…