لمصلحة مَنْ تزييف الواقع والحقيقة

      محمود صفو *

بدايةً أود ان أنبه الذين أصدروا بيانات وتصريحات نشاذ سواء أكان من القوى السياسية الكردية أو من غير الكردية و الذين كما يدعون بانهم دققوا في جذور هذه الظاهرة (المشاجرة التي حصلت بين بعض المندفعين من شبان الكرد و بعض شباب الأخوة المسيحين في مدينة ديريك
وذلك في الثاني من نيسان 2007 والذي ذهب ضحيتها شاب كردي ) و عادوا بها الى محطات و احداث جرت في الماضي و حاولوا بتدقيقهم هذا ان يربطوا بين هذه الجريمة أو المشاجرة الأجتماعية الأعتيادية المدانة حسب جميع المقاييس الدينية و الدنيوية ببعض احداث الماضي منها احداث الثاني عشر من اذار 2004 في مدينة قامشلو و كأنهم بذلك نسوا او تناسوا وربما لغاية في نفس يعقوب بأن اسباب ودوافع الهبة الجماهيرية الكردية الواسعة لم تكن عبارة عن مشاجرة اعتيادية بين بعض الشباب أو حادثة عابرة بل أتت نتيجة احتقان طويل الأمد لدى ابناء الشعب الكردي في سوريا و كرد فعل عنيف على اثر تداعيات وتطورات الفتنة التي افتعلتها أوساط السلطة عن طريق جماهير نادي الفتوة الرياضي والتي تبين فيما بعد ومن خلال البيانات والتصريحات التي اصدرت في حينها – بعدأحداث 12/اذار / 2004 – لم تكن اكثر من ردة فعل جماهيري على المنهجية العنصرية و الشوفينية للسلطة تجاه الشعب الكردي و تأكد الجميع بأنها كانت مؤامرة احيكت ما وراء الكواليس بين العنصريين والشوفينيين و السلطات المحلية و الأمنية لبتر امال و طموحات الشعب الكردي و لبث الذعر و الخوف في نفوسهم لذلك نقول هناك بُعد شاسع بين الحدثين ( احداث قامشلو في 12 / اذار / 2004 , حادثة ديريك في 2/ نيسان / 2007 ) كبُعد الارض عن السماء لذلك لا يمكن القول ولا القبول بالربط أو المقارنة بين الحدثين وان اسقاط حالة فردية كالتي حصلت في ديريك على حالة نابعة بالاساس من عمق الاحتقان الجماهيري ذات طابع سياسي أمرٌ مرفوضٌ يهدف أولا و اخيرا الى تزييف الواقع والحقيقة و يوضع أمامها اكثر من علامة استفهام وتعجب ….

؟! والسؤال الذي يطرح نفسه في خدمة مَنْ هذا التزييف .هذا من جهة ومن جهة أخرى ليعلم جميع مكونات المنطقة بأنه لولا الموقف المتزن و الواعي والأداء الجماعي لمجموع فصائل الحركة السياسية الكردية من دون استثناء و الخيرين من الكرد و الأخوة المسيحيين بجميع طوائفهم كان بالامكان أن تسير حادثة ديريك بأتجاه اخر لا يستفيد منها سوى الذين يريدون ان يصطادوا في الماء العكر هذه حقيقة تاريخية يجب أن نقف عليها بجرأة و بصدق بعيدة كل البعد عن الأنانية الحزبية الضيقة لذلك نقول بأن مثل هذه الحالات الفردية من الجرائم لم تفاجئ أحد بل هي متوقعة حاضرا ومستقبلا … ولكن الأهم هنا علينا أن نعي جيدا بأن الجرائم الأجتماعية الجنائية من حيث الجذور في مثل هذه الحالات الفردية تختلف جملة وتفصيلا عن ردات الفعل الجماهيري ايا كان نوعها بأعتبار أن أسبابها و دوافعها تعود بالدرجةالأولى الى حالة التهميش والقمع والأستبداد والتنكر للوجود بالنسبة لشعبنا الكردي المضطهد والذي يعاني من حرمانه لأبسط حقوقه القومية والديمقراطية في سوريا .
لذا ندعو أبناء شعبنا الكردي و جميع مكونات الشعب السوري الى التنبه لهذه الحقيقة التاريخية وعلينا أن نبتعد عن أسلوب التشكيك والتفكيك و ألا نرمي الاتهامات هكذا جزافاً في هذه الحالات لأن الكل يدعو الى التسامح والأخوة والمحبة والعيش المشترك و صيانة السلم الاهلي و جميعنا ندعو الى الوقوف في وجه الظواهر الشاذة والبلبة واثارة الفتن بكافة اشكالها.

ولكن في النهاية علينا أن نحترم حقوق و مشاعر شعبنا الكردي أيضا وان لا نفرط بهما مجاملة للغير وعلينا أن نفهم جيدا بأن ارضاء الشعب الكردي على حركته السياسية أهم بكثير من ارضاء الآخرين له لأن العلاقة بين الحركة السياسية والجماهير الشعبية علاقة متداخلة ومتكاملة و لا يمكن الفصل بينهما بأي شكل من الأشكال .

ديريك : 11/4/2007 

  * عضو المكتب السياسي للحزب اليساري الكردي في سوريا 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…