لماذا نقاطع هذه الانتخابات.؟.

افتتاحية جريدة الوحدة – يكيتي- 

 مما لاشك فيه أن إجراء انتخابات حرة تعتبر وسيلة أساسية من وسائل التغيير الديمقراطي الذي تنشده مختلف القوى الوطنية في سعيها لبناء نظام سياسي تعددي تبنى مؤسساته وفق القواعد الديمقراطية ويمارس فيه مجلس الشعب سلطته الرقابية والتشريعية بحرية، ويعبّر بحق عن إرادة مختلف مكوّنات الشعب السوري ويقرّ بحقيقة التعددية السياسية والقومية .
  وعلى هذا الأساس فان شعبنا الكردي، كان ولا يزال، يحلم بصناديق انتخاب لا تفصله عنها حواجز الإرهاب، ولا تحيط بها الضغوط والتدخلات من كل جانب، ولا تخفي داخلها نتائج مسبقة الصنع، ولكنه امتلك خلال العديد من الدورات السابقة تجربة مريرة خرج منها غالبا بخيبات أمل انعكست سلبا على مصداقية النضال الديمقراطي وعلى الثقة المتبادلة بينه وبين حركته الوطنية .

 ومن هنا فقد كان قرارنا,من خلال التحالف الديمقراطي والجبهة الديمقراطية الكردية، ومن خلال الالتقاء مع موقف إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي ,القاضي بمقاطعة هذه للانتخابات، تصويتا وترشيحا، وذلك بسبب انتفاء الشروط الضرورية للمنافسة الحرة ولمبدأ تكافؤ الفرص، الذي يتطلبه خوض الانتخابات، التي تعتبر من حيث المبدأ حجر الأساس في أية عملية ديمقراطية لكن النظام الانتخابي، بما يضعه من قيود وأجواء غير ديمقراطية، وخاصة في ظل حالة الطوارئ السائدة، بما تعنيه من طغيان التدخلات الأمنية وشرعنتها، وفي إطار غياب قانون الأحزاب الذي شطب تماماً على المنافسة السياسية، التي يعتبر التنافس على مقاعد مجلس الشعب جزءاً منها..
 وبهذه المناسبة فإن المقاطعة، التي تبنتها أغلب أطراف الحركة الكردية، لم تأت من منطق العجز واليأس ,بل انطلقت من قناعة مبدئية بأن خوض هذه الانتخابات، في مثل هذه الظروف، مضافاً لها غياب استقلالية القضاء المشرف وقانون انتخاب عصري، وعدم توفر حرية التجمع والدعاية والرقابة المستقلة من قبل المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية ,لا يخدم مطلقاً مصلحة شعبنا وقضيته العادلة المرتبطة أصلا بقضية الديمقراطية في البلاد .كما أن قرار المقاطعة لا يتعارض مع مهمة القيام بحراك سياسي واجتماعي يمكن ممارسته في معرض النشاطات التي يجب ممارستها من خلال دعوة الجماهير للمقاطعة ورفع أصوات الاستنكار ضد استخفاف السلطة بإرادتها وإبعادها عن المشاركة في إدارة شؤونها، وحرمان شريحة واسعة من المواطنين الكرد من أبسط حق من حقوق المواطنة وهو حق الترشيح والتصويت لضحايا الإحصاء الاستثنائي الرجعي، الذين لم يستطع مجلس الشعب بجميع أدواره السابقة، من إنصافهم واستعادة جنسيتهم المسلوبة، وذلك في دلالة واضحة على مدى ضعف فعالية مجلس الشعب والآلية التي تتحكم في اختيار أعضائه، والتي تتم بطريقة معروفة يستأثر فيها حزب البعث عملياً بحصة الثلثين، في حين يبقى الثلث الآخر مرهوناً لقوائم الظل والمال السياسي .
ختاماً، لن تكون هذه الانتخابات الأخيرة, لكن نتمنى أن تكون مقاطعتنا هي الأخيرة، لأننا، مثل بقية أبناء شعبنا السوري، سنظل نتوق لليوم الذي نندفع فيه إلى صناديق اقتراع حرة لاختيار مجلس يساهم في بناء دولة حديثة دولة الحق والقانون، دولة الوحدة الوطنية الحقيقية ،دولة العرب والكرد والأقليات القومية.

* العدد194 آذار2007 الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا -يكيتي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…