فلسفة تسويق المبررات في الحركة الكردية

مروان سليمان

إن تغيير الواقع المزري الذي تعيشه الحركة الوطنية الكردية في سوريا اليوم مسؤوليتنا و من واجبنا أن نعمل على تغييره و هو مفروض على الجميع و مطلوب منهم حسب قدرة كل منهم ، و لكننا أصبحنا اليوم نسمع عن أصحاب مصالح سياسية شخصية و لكنها تلبس لباس الوطنية تدخل في الحياة السياسية اليومية و تسوغ المبررات من أجل شرعنة أعمالهم اللاقانونية و المنافية للأخلاق السياسية و تبرير جرائمهم و أخطائهم التي إرتكبوها بحق شعوبهم أولاً و أوطانهم ثانياً و أحزابهم ثالثاً، و هنا المطلوب من الجميع أن لا يسكت على من يتطاول بدون مبررات تذكر أو حجج مقنعة و الخروج عن عقلية التخلف و اللحاق بالركب و التبعية إذا كان ذلك العمل ضد مصلحة الشعب و الوطن و يكرس التفرقة في المجتمع الكردي.
إن العمل في الحال و عندما يكون فيه الضمير مستتراً، هنا لا يبقى دور للضمير و يعتبر بمثابة المحذوف و لذلك لا يذكر الحال أيضاً و من المفروض على المعنيين توضيح رسالة الضمير و تبيانه بشكله الصحيح لا الإلتفاف عليه و البحث عن جمل إنشائية لكي تصبح دعاءً في محاربة قومهم و شعبهم و رفاقهم، فالصفة لا يمكن أن يكون حالاً أو موصوفاً و كذلك بالنسبة للحال و الخبر لأنه لا فعل لهم بالمقابل، و لكن مع جواز الوجهين عند البعض ،و هذا ما يدخلنا في نفق النفاق و التعصب للرأي دون الآخر و التباطؤ في العمل و إسناد العمل إلى غير أهله مما يؤدي إلى التقاعس و الإنهزام عند الإخفاق في ذلك العمل أو الإتكال على الغير في تنفيذه.
إن التبعية المستمرة للنفس البشرية و كذلك المشاعر و الضمائر لا بد من مراجعتها و وضعها على الطريق الصحيح و جعلها في خدمة العمل الإيجابي و هنا قد يكون كعامل ضغط على الذين فقدوا صوابهم و توازنهم من أجل تصحيح مسارهم و سلوكياتهم و هنا يتعين أن يتدخل الإستئناف و الإعتدال ليعرِّف النكرة بفعلته و يكون التعريف محضاً إذا كان يتقبل المنطق و المصلحة العليا التي ينادي بها حقيقة و ليس كتابةً و يتنازل قليلاً عن غطرسته و هيمنته و إحتكاره لسلطة يغتصبها منذ عقود ليفتح المجال أمام أجيال أخرى لممارسة دورهم و توضيح موقفهم و تطوير ما تم إنجازه نحو الأفضل ، أما إذا كانت حالته ممتنعة و يقوم على تقييد المتقدم و الحفاظ على القديم البالي فهذا ما يمنع الإستئناف و هنا يحاول عنصر ثالث أن يتدخل بين الجار و المجرور و الصفة و الموصوف  و يقدم نفسه على أنه لا علاقة له بهذا و ذاك و على الأغلب بأن هذا الثالث يأخذ دوره قليلاً في تلبيخ الأمور أكثر لكي يخلق فتنة أكبر يجعل من الحلول مستحيلة و يجعل الصفة موصوفاً و الجار و المجرور مضافاً لأن الذي يقدم نفسه حيادياً يخفي إنتمائه أو ميوله أو رأيه بحجة إرضاء الناس و هو عكازة المنافقين على الأغلب، و هنا يجب أن نكون حذرين و أن لا نوصف الفاعل قبل أن يقترن بالفعل والعمل الحقيقي و الجاد.
 و هنا يتطلب من الحركة الكردية في سوريا الآن و ليس في أي وقت آخر ضرورة الإجادة في العمل الوطني و تحسينه ليكون حافزاً أكبر للجيل الجديد على القيام بدوره و تشديد الرقابة على العاملين و القائمين بشكل مستمر وفق ضوابط و توجيه لإتخاذ القرارات الصائبة و أيضاً قبول التصحيح إذا كان هناك أخطاء ترتكب و ما دمنا نعمل فإن الأخطاء موجودة و المبادئ الأساسية في أي عمل تنظيمي هو الوقوف على أعمال القيادات و تصحيحها عند الفساد ومنع  ترسيخ الأفكار التي تكرس الفردية و الديكتاتورية و تمجيد الأشخاص و هنا يكمن التفريق بين فهم المشكلة و المبادرة في حلها بشكل سريع ، و يجب أن نميز بين الأفكار السائدة في حقبة زمنية مضت و فكر اليوم بعد الثورات التي إجتاحت المنطقة من حيث التنظيم و الأساليب و الممارسات العملية في القيادة و لكن بدون أن يمس جوهر قضايانا القومية التي لا تتحمل أي تأخير في معالجتها.
02.12.2014 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…