كاميران حاجو: المنطقة مقبلة على تغيير في الخارطة السياسية، وعلينا الاستعداد

حاوره في هولير: عمر كوجري

من أجل تسليط المزيد من الضوء على آخر تطورات الأوضاع السياسية في غرب كوردستان، أجرت (كوردستان) اللقاء التالي مع كاميران حاجو عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا:


*بعد أكثر من ستة أشهر على عقد المؤتمر التوحيدي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، ماذا تقرأ؟

-بالعادة وبحسب المعايير المعروفة يُقيّم أداء الهيئات السياسية خلال تسعين يوماً، ولكن هذا المعيار ربما لا ينطبق عندنا. بطبيعة الحال، الحزب هو اندماج أربعة أحزاب، وهذا أمر مرهق بالتأكيد، انشغل حزبنا بالجانب التنظيمي وعملية الدمج المرهقة، سواء في الداخل أو الخارج، وكان طبيعياً أن يعطيه الأولوية، وربّما أثّر هذا على نشاطنا وتحركنا، ومجمل فعالياتنا. الشأن الحزبي أخذ وقتاً، ولكننا نقترب للانتهاء من الشأن التنظيمي، ونحن لم نهمل الجوانب النضالية بأي شكل. الفترة الماضية كانت عبارة عن عمل متوازن في المجالين التنظيمي والنضال السياسي، والمتوقع كان أكبر مما تم تحقيقه حتى الآن.
*أفهم من كلامك أن الوضع التنظيمي سيأخذ منكم وقتاً أطول، والأحداث تتسارع، ولا تتطلب التأجيل؟
-لا أظن ذلك، كما تعلم اندمجت أربعة أحزاب مع بعضها البعض، وكان لكل حزب خصوصية، هذا الطريق يمكن أن يحقق لشعبنا تحقيق أمانيه، لكن التفاصيل أرهقتنا، لكن لم نصل إلى حد الاستهلاك، وأرى أن الأمور قربت من الإنجاز. علينا العمل بشكل يوازي بين العمل التنظيمي (لا مفر منه) والمأمول الجماهيري والعمل السياسي الآني المطلوب يومياً. 
*كيف تقرأ ملاقاة الجماهير للحزب الجديد؟ ألا تشعر أنكم خيبتم آمال جماهيركم وهم كثر؟
-الجماهير وبشكل طبيعي كان لها توقع كبير قد لا يوائم الواقع، الجماهير عادة عاطفية، وهذا حقها. ولكن الحقائق على الأرض ليست بتلك البساطة المرجوة. وهل تتوقع من حزب ناشئ حديثاً أن يحقق الأمنيات بهذه السرعة؟ نحن لم نخيّب ظن الجماهير بنا، تحركنا بحسب طاقاتنا. 

*بإمكانك القول إن الحزب انتهى من الشأن التنظيمي، وتفرغ للعمل بنشاط بين الجماهير؟
-لا يجوز إهمال أي جانب على حساب جانب آخر، نحن لم نوقف العمل، الجانب التنظيمي أخذ منا وقتاً، من الممكن أن تستمر بعض الإشكالات التنظيمية هنا وهناك، ولا أستطيع تحديد وقت معيّن.


*يعني أنت متفائل؟ 

-من المؤكد، ومتفائل جداً، في السياسة من الطبيعي أن تكون متفائلاً، وحزبنا بما يملك من إرث سياسي وخبرة ونهج هو نهج الكوردايتي، يعطيني الدفع المعنوي والتفاؤل بدور كبير لحزبنا بين الجماهير في غربي كوردستان التي تؤمن بنهج البارزاني، وهي جماهير عريضة وواسعة بالتأكيد، وتنتظر الكثير من الحزب الوليد، وعلينا أن نعمل ما بوسعنا لتحقيق أمنياته.

*كيف تقرأ وضع الحزب في المجلس الوطني الكوردي، بعض الأحزاب لا ترضى بأن يدخل حزبكم في تفاهمات اتفاقية دهوك بأربعة أصوات؟
-تأسيس المجلس الوطني الكوردي كان ضرورة سياسية في حينه، وتمكن في زمن قياسي أن يصبح عنواناً هاماً للكورد في سوريا، إلا أن آليات اتخاذ القرار كانت خاطئة منذ البداية، وذلك أثر على أدائه خلال الثلاث السنوات الماضية. وفيما يخص التمثيل كان هناك اتفاق أن يظل حزبنا بأصواته الأربعة إلى حين عقد مؤتمر للمجلس، وهذا للآن لم يتم، المطالبون بهذا الشيء حالياً يؤثرون سلباً على تطبيق بنود اتفاقية دهوك، هناك أحزاب ضمن المجلس انشقت، وظلت على صوتين، لماذا حزبنا الذي توحد في أربعة أحزاب يكون له صوت واحد؟ في مؤتمر المجلس القادم علينا الاتفاق على آليات جديدة، ويجب أن تكون هناك معايير جديدة، هناك أحزاب صغيرة، وهذا واقع وحقيقة، فليس من المعقول أن تتساوى بالصوت مع حزب جماهيري له الآلاف من الرفاق مثل حزبنا.

*يشاع أن بعض هذه الأحزاب الصغيرة تتعجل للدخول في ” الإدارة الذاتية”؟
-من الممكن أن يكون كذلك، وهذا أمر طبيعي، فالاصطفافات السياسية ليست ثابتة ومن الممكن أن تتغير دوماً. يجب ألا ننسى أن أياد كثيرة، محلية وإقليمية، وعلى رأسها نظام الأسد في دمشق، ليس لها مصلحة في وحدة الكورد، وتريد لهم الفشل لإدخالهم من جديد في نفق اليأس والتشاؤم.

*ما انطباعك عن اتفاقية دهوك؟ 
-الاتفاقية كانت باهتمام كبير من الرئيس مسعود بارزاني، وحرص على إنجاحها، من جانب حزبنا سنحرص على إنجاحها وتوفير الأرضية الملائمة لهذا النجاح رغم الصعوبات، وبالأصل هناك نقاط ضعف وعدم وضوح في البنود، كان من الضروري أن يتم التباحث بشأنها بشكل جيد قبل التوقيع، أما التنفيذ فإن الطرف الآخر لا يهيئ هذه الأجواء، وإلا بماذا يمكن أن نفسّر تصرفات الأسايش التابعة للاتحاد الديمقراطي باعتقال الشباب وزجهم عنوة في الخدمة الإجبارية؟ ماذا يمكن أن نفهم خطف البنات الصغيرات من أجل زجهن بالخدمة الإجبارية؟ المشكلة أن الكورد يجتمعون على الطاولات في الغالب، لكن قوى أخرى في الكواليس لها دور محوري في قراراتنا، وحتى إن لم تكن حاضرة في الاتفاق والحوار فإنها تحاول عرقلة الأمور في التنفيذ، والأدوات على الأغلب كوردية. 

*كيف ترى قرار الرئيس مسعود بارزاني والبرلمان الكوردستاني بإرسال قوات من البيشمركة إلى كوباني؟
-قرار تاريخي، وشجاع، فأن يتجه البيشمركة إلى كوباني عبر حدود دولة هي حلف بالناتو، ومستعمرة لكوردستان تاريخياً، وتحت راية كوردستان، لهو منعطف تاريخي هام جداً. لا تنس أن الرئيس بارزاني وضع مصلحة الإقليم إقليمياً وحتى دولياً في كفة، ومصلحة أهلنا في كوباني في الكفة الأرجح، وأثبت الرئيس بارزاني أنه لاعب إقليمي كبير، وتأتي الخطوة أيضاً كرسالة واضحة على وحدة التراب الكوردستاني، وهذه فرصة طيبة ليتجاوز الجميع خلافاتهم. الرئيس بارزاني استطاع بحنكته الدبلوماسية إقناع التحالف الدولي في شنكال كما في كوباني، لضرب تنظيم داعش الإرهابي، وأرسل للمقاتلين في كوباني الأسلحة والذخيرة وبالطائرات الأمريكية. وهذا إنجاز يحسب للكورد عامة، وللرئيس بارزاني بشكل خاص.

*لماذا اتجه داعش نحو المنطقة الكوردية؟
-داعش صنيعة استخبارات إقليمية ودولية، وهو تنظيم تحت الطلب، ويلبي لوكالات الاستخبارات وقت الضرورة، فحين شعرت الدول الإقليمية وخاصة النظام في بغداد ودمشق وطهران أن الرئيس بارزاني جاد في العمل على إعلان دولة كوردستان، كان القرار العاجل والمستعجل بضرورة ضرب الإقليم اعتباراً من شنكال، كرسالة إقليمية واضحة للكورد بوجوب التخلي عن آمالهم والاستمرار ضمن الخارطة السياسية المفروضة عليهم إلا أن النتائج جاءت بعكس توقعاتهم، واستجاب المجتمع الدولي لنداء الكورد، وبذلك حقق الكورد دعماً سياسياً سيكون عوناً لهم في المستقبل لتحقيق أمانيهم القومية المشروعة. 

*لماذا يفرُّ الشباب من غربي كوردستان؟
-الأسباب كثيرة، استمرار الثورة لأكثر من ثلاثة أعوام، وتردي الحالة المعيشية جعل أكثر من 10 ملايين سوري خارج الوطن، وأهلنا في غربي كوردستان، هناك أكثر من سبب كالوضع المعاشي المتردي، والوضع الأمني الأكثر رداءة، وعدم قدرة “الإدارة الذاتية” توفير مستلزمات الحياة من ماء وكهرباء، كل هذه الأمور ساهمت في هجرة الشباب نحو جنوب كوردستان أو إلى اوروبا، وهذا مؤشر خطر جداً، وكذلك وهذا الأهم التجنيد الإجباري، والتضييق على الحريات والاعتقالات التعسفية وانتهاكات حقوق الإنسان، كلها ساهمت في هجرة الشباب الكوردي وتفريغ المنطقة الكوردية لتؤسس لعملية تغيير ديمغرافي خطرة جداً على مستقبل كوردستان سوريا بشكل عام.

*هل للتجنيد الإجباري دور في هذا المجال؟
-طبعاً، يا أخي الشباب الكورد متحمسون للدفاع عن أرضهم، ولكن ليس بطريقة أسايش الاتحاد الديمقراطي بشكل إجباري وتعسفي، برأيي هناك الكثير منهم يهرب لأجل هذا السبب، الكثير منهم لا يرضى بأداء الخدمة تحت رايتهم وقيادتهم، وعلمهم ليس علم كوردستان بل تابع لحزب، ليتفق المجلسان الكورديان، ويشكلوا جيشاً تحت راية كوردستان. 
*باعتبارك تقيم في أوروبا منذ أكثر من عقد ونصف، كيف تقيّم وضع أهلنا الكورد هناك؟
-الوضع الحزبي هو صورة عن الوضع الحزبي في الوطن، والخلافات نفسها والتشتت هو نفسه. وهناك مشاكل اجتماعية هامة، خاصة فيما يتعلق بالحريات الفردية المصانة دستورياً وغير المقبولة عند العديد من الكورد اجتماعياً، وتحديداً قضية المرأة وحريتها، وهذه تخلق مشاكل اجتماعية خطرة تؤثر على صورة الكورد في أوروبا.

*هل تساعدون أهلكم في الداخل؟
-بحسب الإمكانيات لا نقصر، نحن نتحرك على مستوى الحزب وعلى مستوى المجلس الوطني الكوردي أيضاً، وتنظيمات أهلية ومدنية أخرى، ونتواصل مع المنظمات غير الحكومية لتأمين حاجات أهلنا في الوطن وخاصة في الأزمات مثل كوباني. 

*كيف تقرأ دور الرئيس بارزاني في هذه الظروف؟
-سأجيب على سؤالك ليس لأني قيادي في الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بل مثل أي كوردي أرى أن تأثير السروك بارزاني كبير جداً، وفي شنكال وكوباني أثبت أن لاعب إقليمي بارع، ويخطط ويتصرف كقائد للأمة الكوردية لا كرئيس حزب.

*أين تتجه سوريا؟
-النظام هو المسؤول عن الخراب الذي حل بسوريا، ومع الأسف نجح النظام في الدفع باتجاه التطرف وهو المسؤول الأول عنه، والقوى التي كانت من المفروض أن تساعد على تغيير النظام أصبحت مترددة في الآونة الأخيرة بحجة أن البديل ليس بأفضل من النظام نفسه، وما يلمسه المرء من الآن أن حل هذه المسألة سيطول، وقد لا يكون كما توقعته قوى الثورة في البداية، بل قد يكون على أساس الحلول السياسية التوفيقية، وما يساعد على ذلك هو أن القرار السياسي لم يعد بيد النظام ولا المعارضة، بل بيد قوى خارجية، ويبدو أن المنطقة مقبلة على تغيير في الخارطة السياسية، وعلينا الاستعداد لملاقاة التغييرات المتوقعة.
صحيفة ” كوردستان” العدد: 500
15-11-2014
رابط تحميل الجريدة:

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…