المجتمع الدولي!…أمام سر

د. كسرى حرسان

أود أن أوجه ندائي هذا إلى المجتمع الدولي بوجه خاص… لأني أريد أن أدع كل من سواه من المؤسسات الذيلية الدعائية على جنب.
حيث إني أحب أن أسم جبينه الشامخ أولاً وقبل أي واجب آخر بالوسام الذي يستحقه… وسام العار.
الأسرة العالمية التي مابرحت تنصِّب ذاتها قيِّمة على حقوق الإنسان مدافعة عنها منذ عقود لا يستهان بها من ردح التقدم وتسنم قمم الحضارة… إلى الحد الذي تطلب منها عدم الاكتفاء بهذا القدر من السوية لتتجاوزه إلى الذود عن حياض الحيوان والعناية بمحمياته… لكي تبلغ بذلك الأوج والذرا في الصرح الإنساني.
غير أن السامع ليس كمن هو راءٍ وناظر ومعاين، تماماً مثلما أن الأقوال لا ترقى إلى إحداثيات الأفعال.
فها هي الأمم المتحدة بكل ثقلها وعظمتها تعالج أزماتنا بما تحب وتشتهي، لا كما يمليه حق يؤكل وواجب ينادي مستصرخاً – وأنا الآن متحدث بصدد ثورة الشعب السوري المهضوم والمهيض الجناح –.
إنها تحولت… وأيّ عيانٍ لا يكذّبني… إلى وحوش تصول وتجول؛ تترصد وتتربص… لا يهمها سوى أنيابها أما مخالبها فليست لغير الاصطياد والقنص، لا يتخلل ذلك وازع من الشفقة أو الرحمة، مهما ظهر على الشاة من ملامح الهزال والآلام والمعاناة.
وللحقيقة فإن خير ما قامت به المنظمة الدولية هو هذه الحشود الوطنية المتسكعة على فتات موائدها… المتبجحين ببغضهم للرشوة ومقتهم للاحتيال والاستغلال، ناسين أن الرشوة والنصب ليسا إلا من صفات من يذكرها على لسانه. ((وتعال وتفرس عزيزي القارئ مهما بعُدت دارُك وشطّ مزارُك لترى عينك المجردة العنوان العريض المدون على أبواب الأكشاك السامية لمفوضية اللاجئين الصوماليين في مدينة قامشلو… لتقف على الشعار بنفسك: لا للرشوة… لا للاحتيال)).
المجتمع (الإنساني) وضع شبريته كما هو معلوم على أوصال الشعب السوري حتى مست العظم الفارغ، لكنه لم يزل يحزّ بمُوستِه عليه قناعة منه أن القوة في العظام.
ليس المسيء هو المسيء، بل هو من يغتنم إساءة المسيئين والعابثين في الواجهة… ليعيث الفساد ويستشري في هذه الربوع… ربوع سوريا.
ولن نبالي مادامت الرياحُ لله.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…