بدلا من ارسال «البيشمركة»

صلاح بدرالدين

  اذا كان الهدف من ارسال قوات بيشمركة كردستان العراق الى كوباني المحاصرة يندرج تحت العنوان الأوسع وهو التضامن مع كرد سوريا من خلال قرار برلمان الإقليم بتخويل الرئيس القائد العام للقوات المسلحة بحرية التصرف بهذا الخصوص فان هناك سبلا عديدة أخرى سياسية واقتصادية وإنسانية لمساعدة الكرد السوريين بالمديين المنظور والأبعد وبصورة متواصلة في جميع مناطقهم ونصرتهم في محنتهم الراهنة وتعزيز صمودهم والحد من هجرتهم ونزوحهم ولايقتصر الأمر هنا على الدعم العسكري في حالة معينة عابرة .
  لاشك أن قرار ارسال البيشمركة الى كوباني – عين العرب من حيث المبدأ نابع من مشاعر نبيلة وجاء كتلبية لارادة شعب كردستان العراق المشروعة في التضامن مع اخوة له في جزء آخر تماما كما يتضامن العربي السوري أو العراقي مع الأشقاء من عرب فلسطين ولكن يبقى هنا طبيعة وتفاصيل وجدوى الدعم المقدم في الحالة الكردية ومدى الفائدة المرجوة منه .
  كما أرى فان المدافعين عن كوباني – عين العرب وحسب اعلاناتهم المتكررة لايحتاجون الى مقاتلين بقدر حاجتهم الماسة الى السلاح الحديث والذخيرة لاعادة التوازن المختل لصالح – داعش – لذلك فان ارسال قوات البيشمركة وكما يظهر ليس تلبية لطلب المدافعين هناك بل مبادرة كريمة ولكن جاءت في خضم التنافس الحزبي وتسجيل النقاط والمزايدات بين القوى المتصارعة في الإقليم فقد سبق ذلك نقاش في البرلمان طال أكثر من أربعة عشر ساعة حول الاعتراف بادارات جماعات – ب ك ك – في الجزيرة وكوباني وعفرين وقد نشأ عن إيصال قوات التحالف للأسلحة والعتاد جوا مواجهات إعلامية بين الحزبين الرئيسيين الحاكمين (الديموقراطي والوطني) حول لمن تعود تلك الارساليات وبعد قرار التخويل والارسال حصل سجال آخر بشأن طبيعة تلك القوات ومن سيقودها من الحزبين بالإضافة طبعا الى الاشكاليات الدستورية وردود أفعال منتظرة من المركز الاتحادي في بغداد الذي يعارض بشدة ارسال نفط كردستان الى الخارج فكيف ببيشمركته رغم أن ذلك قد يتم غض النظر عنه حاليا لأن ايران مثل نظام الأسد غير معترضة على امداد أصدقائها في كوباني وليس كرد سوريا الواقفون الى جانب الثورة وضد النظام  بالدعم العسكري وهي صاحبة النفوذ الأقوى في كل العراق هذا على الصعيد الداخلي .
  أما التبعات الخارجية لارسال قوات البيشمركة فتتعلق بمناورات الموقف التركي ليس بشأن اجتياز البيشمركة لمئات الكيلومترات من أراضيها بل بمالديها من شروط سياسية وخلافها على قيادة الإقليم معلنة ومكتومة خاصة وأن القوات بصدد الانتقال الى بيئة مختلفة واجتياز الحدود الدولية وإنجازمهام غير تقليدية .
    على مانعتقد فأن قيادة إقليم كردستان كانت على علم باحتياجات الكرد السوريين الحقيقية والسريعة منذ ثلاثة أعوام ونصف ليس عبر الأحزاب الكردية السورية التي أساءت التصرف ولم تكن أمينة في نقل الصورة كماهي بل من طرق وقنوات أخرى وكانت عبارة عن :
 أولا – الوقوف الى جانب الحراك الشبابي الكردي والتنسيقيات المنتشرة في مختلف المناطق والبلدات والمدن ذات الغالبية الكردية وفي مدن حلب ودمشق واللاذقية والتي شاركت بالثورة عبر المظاهرات الاحتجاجية السلمية والتعاون والتنسيق مع الحراك الثوري العام بالبلاد .
 ثانيا – العمل على اسناد مشروع وحدة العمل الوطني الكردي المساهم بالثورة من خلال عقد مؤتمر وطني كردي سوري لكل الفعاليات والتيارات والأطراف المؤمنة بأهداف وشعارات الثورة من حركات شبابية غالبة ومستقلين ومنظمات مجتمع مدني وجماهير واسعة وليس وضع الثقل الأساسي الى جانب الأحزاب الموالية للنظام أو المحايدة .
 ثالثا – دعم الرأي العام الكردي السوري والمناضلين المعروفين وغالبية الناشطين في خيار الانخراط بالثورة مباشرة وليس بواسطة –المعارضات – التي تسلقت على أكتاف الثوار مثل (المجلس والائتلاف وهيئة التنسيق) الذين سمسروا على الكرد وباعوا الحراك الكردي الشبابي بأبخس الأثمان عندما اعتمدوا عناصر كردية فاسدة لاصلة لها بالحركة الوطنية الكردية المناضلة .
 رابعا – السماح قبل أكثر من عامين  لمئات المقاتلين الكرد السوريين الشباب الذين تدربوا في معسكرات البيشمركة بالعودة الى مناطقهم وصفوف شعبهم ليساهموا بواجبهم القومي والوطني عبر التنسيق مع قوى الثورة والجيش الحر .
 خامسا – المساعدة الأكبر لكرد سوريا هي قيام قيادة الإقليم (اليوم وليس غدا) بمراجعة موضوعية شفافة لكل ماتم حتى الآن من اتفاقيات وتعهدات بين الأحزاب الكردية السورية تحت أنظارها وباشرافها من اتفاقية أربيل الأولى والثانية والهيئة العليا والاتحاد السياسي والحزب د ك – سوريا ومانفذ منها ومالم ينفذ وأسباب ومسببي الإخفاق في تنفيذ البنود والقرارات والافصاح عن ماتم باجتماعات دهوك والملابسات المرافقة لها . 
 هذا ماكنا ومازلنا نتمناه من الأشقاء الكبار شعبا ورئاسة وحكومة في الجانب السياسي والذين ومن باب الأمانة لم يبخلوا في استقبال ومساعدة أكثر من 260 ألف نازح كردي سوري والسهر على أمنهم وسلامتهم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…