عارف آشيتي
قبيل اتفاقية الجزائر عام 1975م اندلعت حرب بين الثورة الكردية والحكومة المركزية في بغداد دامت رهطا من الزمن، وكانت مآلها التجاء الكرد إلى إيران. ليبدأوا من المربع الأول من جديد. انتقل الخالد البارزاني إلى جوار ربه دون تحقيق أي انتصار آخر يعادل بيان الحادي عشر من آذار لعام 1970م.
انقسم الحزب من جديد، بعد أن توحد إثر البيان المذكور. وتوالت الانشقاقات والاقتتالات واحدة تلو الأخرى. كما تزعزع مكانة حزب الديمقراطي الكردستاني – العراق لدى إيران ليحتل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني تلك المكانة، وعمد المتزعزع إلى تقوية مكانته لدى تركيا. فتحول الحزبان إلى أتباع لمقتسمتين اثنتين من الدول المقتسمة لكردستان.
يقتتل أحدهما الآخر، حين ضعف أحدهما يستنجد بالمقتسمة المساندة له وهكذا. وتخلل هذه الاستنجادات الاستنجاد بنظام بغداد نفسه، وأيضا تلقي المساعدة والرعاية من النظام السوري. هذه كانت حالة الحزبين الحاليين الحاكمين في الإقليم، إلى قدوم بوش الابن، وعطاؤه الجزيل للكرد عامة وحزبي الإقليم خاصة. لقد كانت قوتهما مستمدة من الدول الإقليمية (المقتسمة لكردستان). واليوم يتزعم كلاهما الحراك الكردي في الأجزاء الأربعة ابتداء من الأراضي المستقطعة وانتهاء بالأجزاء الثلاثة الأخرى.
وضع الكرد كنتيجة لخارطة سايكس-بيكو من أعقد ما يكون، وحساس إلى أبعد الحدود. وما يزيد من هذا الوضع تعقيدا أكثر هو التخلف الكردي الكارثي. لم يحظَ الكرد، حتى اللحظة، بنخبة، على قدر كبير من الوعي والدراية، لتعيد النظرة العلمية الدقيقة في مسيرة نضاله. ووضع دراسة علمية عن ذاته وواقعه ومحيطه، ومن ثم العالم الخارجي صاحب المصلحة في كردستانه المجزأة.
لو أن الكرد حظي بهذه النخبة، لوضعت دراسة مستفيضة ومقنعة: أن الحزبين المتبعين للمقتسمين لن يكون بوسعهما تحقيق أي شيء للكرد وكردستان. ومن سخرية قدر الكرد أنهم يفتقرون إليها، وسيفتقرون إليها إلى عقود أخرى، إنْ لم يندثروا إلى زمن فرز مثل تلك النخبة القديرة والقادرة.
بعد اتضاح الأمور، كالشمس: أن هناك مؤامرة على الكرد إجمالا وكرد كردستان الغربية خاصة، بدايتها كوباني. مع ذلك لا يزال هؤلاء الكرد فرحين بما تنشره وكالات الأنباء عنهم في معركة كوباني. يتجاهلون أنه خلال الثورة السورية المجيدة أثبتوا خلوهم من الجهاديين، وعدم تبعيتهم للنظام وللهلال الشيعي وكذلك للدول الإقليمية والمقتسمة على حد سواء. حسن هذا صورتهم لدى الشرق والغرب، وبدوا مرشحين لنيل ثقة الدول المعنية بشرق أوسطنا. ولكن أغفلوا أن الرضوخ لهيمنة حزب الاتحاد الديمقراطي، المتواجد على لائحة الإرهاب الدولية، سينال منهم مهما كانت براءتهم مقنعة، عندما استسلموا للإقليم بحزبيه المذكورين سيرتهما. وأتت التبعية لهما بأسوأ ما يمكن بإلحاقهم بذلك الحزب. وما يزيد من الطين بلة إطاعتهم للحزبين بغضهم الطرف عن تواجد اسميهما على لائحة الإرهاب أيضا، بفارق أنهما في محرق المصالح الدولية راهنا، يستخدمان لتمرير أجندات تلك الدول، ومن بعدها سيؤول مصيرهما إلى مصير حزب الاتحاد الديمقراطي.
بدلا من الرفض القطعي للقاء مع حزب الاتحاد الديمقراطي، مهما كانت النتائج، نجدهم يأتمرون بأوامر الإقليم من جديد، هذا الإقليم الذي أذلهم للحزب المذكور في اتفاقية أربيل. عاجلا أم آجلا، يُتوقع حلول اتفاقية مثل اتفاقية الجزائر بالإقليم.
——————————————
عارف آشيتي ashityarif@gmail.com