في البداية أود ان أقدم بطاقة شكر زاهية، بل لأقل قبلة لسائق سيارة أجرة مجهول الاسم، لولا سؤاله العاصف ما كنتُ أبرقت عتابي هذا الى وسائل الاعلام والنخبة المثقفة الكردية في كردستان الجنوبية دون استثناء.
بينما كنا نتجاذب أطراف الحديث، ونحن في طريقنا الى قناة كردسات لأسجل كالعادة برنامجي الأسبوعي حوار خاص
قال لي سائق السيارة، أنت لاتجيد اللهجة السورانية بشكل استوعب ما تقوله، ألست بهديناني؟ جاوبته مبتسماً: لا أنا كردي سوري..
رمقني بنظرة مشبعة بالدهشة والتعجب وأردف قائلاً: وهل هناك كرد في سوريا؟ رنوت إليه، وعلى ثغري ابتسامة، ولكن هذه المرة خجولة ومضطربة، وقلت له : نعم، ثم حاولت جاهداً ان أعصر خميرة ما في موسوعتي المعلوماتية من تلميحات تعريفية عن واقع الكرد في سوريا من الناحية السياسية والثقافية والاجتماعية الى ان تصافحنا مصافحة حارة، وافترقنا بعد ما شحنني بسؤاله النازف وهل هناك ـــ كرد في سوريا ـــ أنا بدوري أسأل النخبة المثقفة ووسائل الاعلام الكردي المسموعة والمقروءة والمرئية منها، هل هناك كرد في سوريا؟ سؤالي هذا ينضح بتساؤلات لاتنضب، أين هو المثقف الكردي في كردستان من هموم ومعاناة أبناء جلدته في سوريا؟ هل خط يراعه المبجل ولو حرفاً واحداً عن سياسة المستوطنات المنعوتة بالحزام العربي، وما أدرانا ما الحزام العربي، انتزاع الأراضي من الفلاحين الكرد وتوزيعهاعلى طبق من الفضة تهدى للدخلاء والغرباء؟ هل نسى أو ربما يتناسى الاحصاء الاستثنائي الجائر، والذي جرد بموجبه ربع مليون كردي من الجنسية وأغدقوهم ببطاقات حمراء مزركشة بكلمة أنيقة ـــ مكتوم؟! ألم يهتز مداده لهذا المثقف أو ذاك وهو يُلعن ويُضرب ويقذف بوابل من الشتائم والسباب، و خطاب وسائل الاعلام والمقروءة منها بشكل خاص في كل الأحوال ليس أحسن حالاً من خطاب المثقف الكردي تجاه الكرد في سوريا، مازالت بعض الصحف تعج بتقارير وأخبار فنية، وتنمق سيما الصفحة الأخيرة بصورة جميلة للفنانة الهام شاهين ونجلا فتحي وأصالة نصري، ناهيك عن العناوين الفاقعة التي تجذب الأحداق اليها، والتي هي على هذه الشاكلة: فائدة الثوم، ما هي مقومات الزواج الناجح، ألبوم جديد للفنان كاظم الساهر، كيف تحافظ المرأة على أناقتها، ولكن هذه الصحف لاتنشر ولو بضع كلمات في زاوية ميتة من صفحاتها عن فصل الطلاب الكرد في سوريا من المعاهد والجامعات، بحجة خطر على أمن الدولة، وعن طوابير من حملة الشهادة العليا وهم في العاصمة دمشق يعملون في المطاعم والمقاهي، وحتى البعض منهم تشردوا..
حسبي القول مادام هذا هو حال المثقف والإعلام الكردي فلا ألوم صديقي المجهول سائق سيارة الأجرة على سؤاله .