صدق الأتراك وان كذبوا

صلاح بدرالدين   

 

   للوهلة الأولى
تبدو الشروط التركية الحكومية المعلنة في تصريحات المسؤولين بوسائل الاعلام بشأن
التدخل لانقاذ (كوباني – عين العرب) منطقية في نظر المتابعين للأحداث السورية عن
بعد فبعد لقاء مسؤولين مقربين من – ب ك ك – من أكراد تركيا برئيس الحكومة وبعد
محادثات أحد قياديي جماعات – ب ك ك – السورية مع ممثلين عن جهاز الأمن التركي –
ميت – بالعاصمة أنقرة أعلن في وسائل الاعلام المحلية والعالمية عن شروط تركية في
وجه (حزب الاتحاد الديمقراطي) التابع ل- حزب العمال الكردستاني التركي – والذي
يسيطر عسكريا على معظم المناطق الكردية السورية والمتعارف عليه بسلطة الأمر الواقع
 أول هذه الشروط: فك الارتباط عن النظام السوري
وثانيها : التنسيق مع الثورة السورية والمعارضة الوطنية وثالثها: عدم الاقدام على
أية خطوة انفرادية مثل اعلان المقاطعات والكانتونات الا بالتنسيق مع جميع القوى
المعارضة وفي حقيقة الأمر فان تلك الشروط المعلنة كانت ومازالت من صلب مطلب الحركة
الوطنية الكردية السورية بأحزابها ومستقليها وحراكها الشبابي ومثقفيها منذ ظهور
تلك الجماعات الوافدة بداية اندلاع الانتفاضة الثورية السورية وحتى الآن . 
  فالوطنييون
الكرد السورييون الذين اعتبروا حركتهم جزءا من مشروع الثورة وقبل ذلك كانوا في
مقدمة معارضي نظام الأسد الابن والأب وقدموا التضحيات الجسام من أجل الاصلاح
والتغيير الديموقراطي وازالة الاستبداد هالهم تلك الظاهرة غير المألوفة في موالاة
النظام من جانب الجماعات الكردية الموالية – ل ب ك ك – وأحزاب ومنظمات تقليدية
أخرى ومنذ البداية أرادوا افهام تلك الجماعات المنخرطة في مشروع النظام بأن انتصار
الثورة لمصلحة الكرد وقضيتهم وبالتالي فان موقع الكرد هو ضمن صفوف الثورة وأن قوى
الثورة وخاصة تشكيلات الجيش الحر والحراك الثوري العام هو الصديق الأقرب لشعبنا
وحركتنا وقضيتنا نرتبط سوية بمصير مشترك واحد وهم الآن وليس جيش الأسد يقاتلون
الآن دفاعا عن كوباني لقد أعلن الموقف الوطني الكردي دائما وأبدا خلال بيانات
وكتابات ونقاشات وحتى ضمن الحوارات التي تمت أحيانا مع مسؤولي سلطة الأمر الواقع
الكردية في سوريا وكردستان العراق والخارج ولكن الجماعات تلك كانت تركب رؤوسها
وترفض كل تلك الأطروحات معتمدة على وعود نظامي دمشق وطهران . 
  منذ البداية
كان الوطنييون الكرد السورييون الصادقون مع شعبهم والحريصون على وطنهم والمشاركون
بثورتهم يعلنون بصراحة وشجاعة أن زج القضية الكردية السورية خاصة في زمن الثورة في
أتون الصراع مع تركيا يعد مغامرة غير مضمونة النتائج ومقامرة على مصير شعبنا
واساءة الى شركائنا العرب في الثورة السورية فلشعبنا وثورته الوطنية مصالح مشتركة
مع كل جيران بلادنا في الخلاص من نظام الاستبداد العضو في محور الممانعة الايراني –
المذهبي وخاصة تركيا التي لنا معها حدود مشتركة طويلة وتتقاسم مع الدول الأخرى
الجزء الأكبر من الكرد في العالم وكانت ردود أفعال جماعات – ب ك ك – على تلك
النظرة السياسية الصائبة المزيد من تخوين الآخر المختلف ووصم الوطنيين وهم غالبية
الكرد السوريين بالعمالة لأردوغان في حين كان يلاحظ وجود ارتباطات سرية بين بعض
مسؤولي تلك الجماعات مع الأجهزة التركية وقبلها الأجهزة الأمنية السورية
والايرانية . 
  وبعد كل تلك
الهجمات الاعلامية واعتبار تركيا العدوة رقم واحد يهرع ممثل جماعات – ب ك ك –
السورية للقاء الميت التركي والدعوة الى التدخل العسكري لانقاذ كوباني والأنكى من
كل ذلك يرد عليهم نائب رئيس الوزراء التركي (الأحد) ” أن تركيا أبلغت – صالح
مسلم – رئيس حزب – ب ي د – خلال زيارته الى تركيا في وقت سابق أنه يتعين عليهم أن
ينخرطوا في جسم المعارضة السورية ولايكونوا شركاء لنظام الأسد في ظلمه مردفا أن –
صالح – أبدى موافقته بادىء الأمر على طلب تركيا الا أنهم ذهبوا وتعاونوا مع الأسد
وشكلوا كانتونات ومجالس ووزارات بشمال سوريا بدعم من النظام السوري ” والغريب
أن هذه الجماعات لم تستطع الرد على (الاتهام) التركي في ربطها بنظام الأسد لأنه
كما يظهر فان الدولة التركية تمتلك الأدلة والوثائق الدامغة في حين فان أية اشارة
الى الموضوع من جانب كاتب كردي ما يواجه بالتهديد والوعيد والتخوين  . 
   حتى اللحظة
يبدو مطلب جماعات – ب ك ك – السورية في ظاهره أمرا مشروعا اذا تعلق فعلا بانقاذ
البقية الباقية من شعبنا في كوباني ولكن أن يأتي هذا الطلب بعد سيطرة – داعش – على
كل المنطقة والوصول الى مشارف المدينة وفي وقت تعمل تركيا على تطبيق مشروعها حول
(المنطقة العازلة) المبهم حتى الآن ومايشاع عن علاقات خاصة بينها وبين – داعش – وفي
أجواء خلط مسألة كوباني ومصير كرد سوريا  باالحوارات
الجارية حول العملية السلمية بين الحكومة وعبد الله أوجلان وهي غير معلومة وفي طي
الكتمان وفي حالة تبدو فيها بصمات النظام السوري على تحركات مسؤولي تلك الجماعات
واضافة الى كل ذلك تواصل ممثلي هذه الجماعات مع الجانب التركي بمعزل عن أية مشاركة
كردية سورية ودون علم قوى الشركاء في الثورة السورية نقول أن مايجري في ظل تلك
الظروف وضمن تلك المعادلة لايبشر بالخير ومقلق وفي غاية الخطورة . 
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…