سوريا والكرد والمنطقة الآمنة

فارس عثمان

 

بات
الحديث عن منطقة حماية دولية في شمال وشرق سوريا على طول الحدود بين سوريا وتركيا،
وربما في الجنوب على الحدود السورية الأردنية طبعا داخل الأراضي السورية أمراً
جديا، خاصة بعد موافقة البرلمان التركي على تفويض الجيش التركي بإمكانية التوغل والتدخل
العسكري في كل من سوريا والعراق. 
وكان غالبية
الشعب السوري وخاصة المعارضة السياسية قد دعت منذ لجوء النظام إلى الاستخدام
المفرض للقوة العسكرية إلى الحظر الجوي ومن ثم إنشاء منطقة حماية آمنة لحماية
المدنيين واللاجئين من البراميل المتفجرة، ومن الاعتقال التعسفي والعشوائي.
أن هذه المنطقة إذا ما أقرت بقرار دولي ” نظراً
لتعذر اصدار قرار من مجلس الأمن بسبب معارضة كل من روسيا والصين”، وبتواجد
قوات من التحالف الدولي فيها – حتى وإن كانت غالبيتها من الجيش التركي “،
ستوفر لسكان المنطقة نوعاً من الأمان والاستقرار ، وستسمح بعودة عشرات الآلاف من
المهجرين والنازحين إلى ديارهم، أو إلى المناطق الآمنة نظراً للظروف المأساوية
في  مخيمات النازحين في كل الدول المحيطة
بسوريا ، كما ستسمح بوصل المساعدات الدولية إلى المنطقة وتوزيعها على السكان بيسر
وسهولة .

إن كل المعطيات والمؤشرات تدل على أن ظروف حل الأزمة
السورية لم تنضج بعد، وأن الحل السياسي وإن بدأت ملامحه تتبلور مع أولى الضربات
الجوية من قبل قوات التحالف العربي – الدولي لتنظيم داعش وكافة المنظمات
والمجموعات الإرهابية، وأن كرة الثلج لا بد أن تتدحرج رويدا رويدا نحو دمشق، ولكن
حل الأزمة السورية بتعقيداتها الداخلية والإقليمية والدولية التي باتت تهدد الأمن
والاستقرار العالمي لن تتم بالسهولة التي يتصورها البعض، فقد حول النظام هذا
الصراع ومنذ اليوم إلى صراع طائفي ومن ثم مذهبي وعرقي ومناطقي مما أدى إلى تشظي
المجتمع السوري، وتحول الصراع إلى صراع طائفي ومذهبي بامتياز، وانخراط منظمات
وجماعات وتيارات إرهابية طائفية فيها من كل حدب وصوب.

 ومن هنا
فالمنطقة الآمنة في هذه المرحلة ستوفر الأرضية للتعايش السلمي بين مكونات المنطقة
، وستتحول إلى أرضية للحل في المناطق الأخرى التي تقع خارج المنطقة الآمنة، أما
بالنسبة إلى الكرد والمناطق الكردية في سوريا فهناك تخوف جدي ومشروع من سعي
ومحاولات تركيا لفرض منطقة الحماية الآمنة تحت إشرافها المباشر، نظرا للعداء التاريخي
بين الدولة التركية والشعب الكردي في كافة أجزاء كردستان، ووقوف تركيا بالضد من
مصالح الشعب الكردي أينما كان، لذلك يتطلع الكرد إلى قيام المجتمع الدولي بواجباته
حيال هذا الشعب الذي يتعرض للإبادة الجماعية بشكل منظم ومنهجي وافراغ المناطق
الكردية خاصة في سوريا من أبنائها الكرد من خلال استهدافها من قبل المنظمات
الإرهابية التي تسعى لخلق تغيير ديموغرافي في المناطق الكردية.

لذلك هذه المنطقة إن تم الموافقة عليها أن تكون بقرار
دولي وبإشراف مباشر من قوى التحالف الدولي وخاصةً الدول الأوروبية والولايات
المتحدة الأمريكية لتوفير نوع من الأمان للكرد الذين اكتووا بنيران الأنظمة التي
تقتسم كردستان وخاصة تركيا. ولاسيما بعد نجاح تجربة فرض حظر الطيران وإنشاء
المنطقة الآمنة في كردستان العراق .     

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…

حوران حم واقع يصرخ بالفوضى في مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الحركة الكوردية في سوريا، تتوالى المبادرات التي تُعلن عن تشكيل وفود تفاوضية موسعة، تضم عشرات الأحزاب والتنظيمات، تحت مسمى التمثيل القومي. غير أن هذا التضخم في عدد المكونات لا يعكس بالضرورة تعددية سياسية صحية، بل يكشف عن حالة من التشتت والعجز عن إنتاج رؤية موحدة وفاعلة….