تقليم أظافر إيران

صبري رسول  

 

ما تريدُه وتطلبه إيران لا تتوافق مع مصالح الولايات
المتّحدة التي تعثرتْ مشاريعُها في المنطقة لاصطدامه مع جدار المُمانعة الإيرانية
وأدواتها. 
إيران ترى نفسَها قوةً إقليمية ذات نفوذ كبير، تستطيع
تحريك أوراقها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، متى شاءت، ولديها القدرةُ على
منافسة القوى الكبرى في المنطقة، تركيا والسعودية ومصر، بل تتفوّق عليها، فغيابُ
مصر بعد ثورتها، والانكفاءُ التركي بداخلها، منحَاها فرصةً لمحاصرة السعودية؛ واشنطن
لا تتجاهل هذا الأمر، تريد لها قوةً مقصوصة الجناح، مجرّدة من أوراقها.
الولايات المتحدة تريد مقايضة المواقف الإيرانية بملفها
النّووي، لكنّها تسعى إلى الحفاظ على قوة نفوذها، في الملفات السّاخنة مع
الاستمرار في تطوير منشآتها النّووية، مما يجعلها القوة المرشحة وشريكة القوى
الغربية لترسيم خارطة سياسية جديدة للشرق الأوسط.
ما تقوم به إيران يتناقض مع المصالح الحيوية للولايات
المتحدة، التي تضغط عليها بقوة لجرّها إلى التحالف منفردةً لمحاربة «داعش» التنظيم
الإرهابي المُهَدِّد للمنطقة ومصالحها، والذي يشكّل خطراً على أمن الغرب نفسه، رغم
إفادة “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية” في تقريره السنوي إنّ
“مشاغل تنظيم الدولة الإسلامية على المدى القصير والمتوسط محلية وإقليمية
أكثر مما هي عالمية”.
ما تطلبه الولايات المتحدة من إيران لا يتوافق مع رؤية
الأخيرة لنفسها ولدورها في الملفات الإقليمية فهي ترى أنَّها «تتخذ القرارات في
المنطقة» كما قال قائد «الباسيج»، علي رضا نقدي، بينما تقوم إدارة أوباما بجملة من
الإجراءات لتقليص نفوذها وتقليم أظافرها في التوسّع والسيطرة. وإحداها إبعادُها من
التحالف الدولي ضد «داعش»، أو إبقاؤها «شكلياً».
والقضاء على هذا التنظيم الوحشي يتطلب عملاً جاداً
ومكلفاً وطويلاً، لأنه تعشعش في أوساط شعبية في سوريا والعراق، مستفيداً من الفراغ
الأمني والسياسي، ومن سياسات المالكي الحمقاء، وحشدَ كلِّ القوى الإقليمية والدولية،
لتجفيف مصادر قوته المالية، وتدمير وجوده كقوة تسيطر على الأرض في سوريا والعراق.
ومحاولة استبعاد طهران من التحالف الدولي ضد داعش سببُها
الأساسي هو مطالبة إيران إدراج النظام السوري فيه، كشريك أساسي، وتقديم الدعم له
كما هي الحال في العراق، لكنّ واشنطن لاتريدُ إنعاش النّظام.
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…