ابراهيم محمود
ما أيسر التداخل والتشابه بين الكُرد والبيض،
الكرد بصفتهم بيضاً فاسداً، لحظة النظر في مجمل ما يُكتب عنهم، أو يتردد حولهم، أو
يُستقرَأ مما يشاع عنهم هنا وهناك، أي من قبل الذين عاشوا ويعيشون معهم، ليس لأنهم
يُذمونهم هكذا، وإنما كما هو الممكن تلمسه ومعايشته عبرهم.
الكرد بصفتهم بيضاً فاسداً، لحظة النظر في مجمل ما يُكتب عنهم، أو يتردد حولهم، أو
يُستقرَأ مما يشاع عنهم هنا وهناك، أي من قبل الذين عاشوا ويعيشون معهم، ليس لأنهم
يُذمونهم هكذا، وإنما كما هو الممكن تلمسه ومعايشته عبرهم.
فالسهولة الملحوظة في معاملة الكردي، وحتى في
مصادقته، وفي إمكان إطالة العلاقة معه، وطريقة استجابته مع المحيطين به، وأهليته
لأن يتجاوب مع الآخرين من غير لغته وفي حالات مختلفة، بالقدر الذي قرّبه من هؤلاء في
محيطه الجغرافي” الكردستاني ” المجزّأ، وحببه إليهم، بالقدر الذي أظهروا
له النقيض على مستوى التقييم وردود الأفعال والتخيلات والكتابة حتى اليوم، إلى حد
إمكان القول باعتباره الكائن ” البيضي “، في تنوع مواصفاته
وتحولاته.
مصادقته، وفي إمكان إطالة العلاقة معه، وطريقة استجابته مع المحيطين به، وأهليته
لأن يتجاوب مع الآخرين من غير لغته وفي حالات مختلفة، بالقدر الذي قرّبه من هؤلاء في
محيطه الجغرافي” الكردستاني ” المجزّأ، وحببه إليهم، بالقدر الذي أظهروا
له النقيض على مستوى التقييم وردود الأفعال والتخيلات والكتابة حتى اليوم، إلى حد
إمكان القول باعتباره الكائن ” البيضي “، في تنوع مواصفاته
وتحولاته.
طبعاً، وللعلم، فإنه لا أحد يجهل البيض، وما
يكونه، سوى أن من الضرورة القول بأنه من بين أكثر ما عرفه الناس وألِفوه واعتادوه
في حياتهم اليومية والغذائية. ثمة سهولة في التعامل معه على المائدة، أو كوجبة
سريعة، أو ضمن زوادة المسافر، فهو إذاً قابل للأكل: نيئاً، ومسلوقاً، ومقلياً،
ومطبوخاً، ولعله جرّاء ذلك سريع العطب: التهشيم/ الكسر، قابل للفساد سريعاً
بالمقابل، وإصدار رائحة منفّرة، وما أسهل تذكر المثل الشائع ” فلان بيضته
فاسدة “، وربما بالعكس ” الديك
الفصيح في بيضته يصيح “، وأخيراً وثالثاً” كأن فلاناً يحمل بيضة “،
وهو لا يهدأ..
يكونه، سوى أن من الضرورة القول بأنه من بين أكثر ما عرفه الناس وألِفوه واعتادوه
في حياتهم اليومية والغذائية. ثمة سهولة في التعامل معه على المائدة، أو كوجبة
سريعة، أو ضمن زوادة المسافر، فهو إذاً قابل للأكل: نيئاً، ومسلوقاً، ومقلياً،
ومطبوخاً، ولعله جرّاء ذلك سريع العطب: التهشيم/ الكسر، قابل للفساد سريعاً
بالمقابل، وإصدار رائحة منفّرة، وما أسهل تذكر المثل الشائع ” فلان بيضته
فاسدة “، وربما بالعكس ” الديك
الفصيح في بيضته يصيح “، وأخيراً وثالثاً” كأن فلاناً يحمل بيضة “،
وهو لا يهدأ..
في وسع دارسي الانتروبولوجيا والسياسة
والاثنوغرافيا متابعة هذا الوجه ”
اللماح من العلاقة معه من جهة الذين يعرفونه عن قرب: عرباً وفرساً وتركاً، قبل كل
شيء، وكيفية تقييمه في كتاباتهم وأحاديثهم، كما هو الراهن، رغم القرب الشديد منه،
كما لو أن وضوحه الشديد، كما لو أن تجليه الدقيق من الداخل، كما لو أن تصريحه
الغالب بما هو عليه شكّل في أذهان الذين يتعاملون معه صورة أخرى، ضمن ثقافة يحتل
فيها موقعاً سلبياً: بيضي المقام: القيمة .
والاثنوغرافيا متابعة هذا الوجه ”
اللماح من العلاقة معه من جهة الذين يعرفونه عن قرب: عرباً وفرساً وتركاً، قبل كل
شيء، وكيفية تقييمه في كتاباتهم وأحاديثهم، كما هو الراهن، رغم القرب الشديد منه،
كما لو أن وضوحه الشديد، كما لو أن تجليه الدقيق من الداخل، كما لو أن تصريحه
الغالب بما هو عليه شكّل في أذهان الذين يتعاملون معه صورة أخرى، ضمن ثقافة يحتل
فيها موقعاً سلبياً: بيضي المقام: القيمة .
الكرد بصفتهم بيضاً فاسداً ترجمة سيئة
المقاصد بالتأكيد وعلى مستويات مختلفة: من الهرم الأعلى بداية، نزولاً إلى المعتبَر:
القاعدة” بين الثقافتين الرسمية والشعبية “، تعرّف بمجمل الذين يحرصون
إلى ” بيضَنتهم “: أي النظر إليهم باعتبارهم بيضاً، تعبيراً عن مسلكهم وحضورهم
في التاريخ والمجتمع، واستجابة لرغبات خاصة بالذين يريدونهم هكذا. إن المسألة لهي
مسألة : غذاء قيمي، إن جاز التعبير، مسألة القدرة على التحول، على هذا الانتقال من
وضعية لأخرى، ليس من باب كيل المديح، وإنما من باب مقاربته بأكثر من معنى:
المقاصد بالتأكيد وعلى مستويات مختلفة: من الهرم الأعلى بداية، نزولاً إلى المعتبَر:
القاعدة” بين الثقافتين الرسمية والشعبية “، تعرّف بمجمل الذين يحرصون
إلى ” بيضَنتهم “: أي النظر إليهم باعتبارهم بيضاً، تعبيراً عن مسلكهم وحضورهم
في التاريخ والمجتمع، واستجابة لرغبات خاصة بالذين يريدونهم هكذا. إن المسألة لهي
مسألة : غذاء قيمي، إن جاز التعبير، مسألة القدرة على التحول، على هذا الانتقال من
وضعية لأخرى، ليس من باب كيل المديح، وإنما من باب مقاربته بأكثر من معنى:
إذ ما الذي يجعل الكردي، وراهناً، وفي ضوء
الميديا وسهولة إمكان معرفة الآخر كثيراً، في مثل هذا المشهد المأسوي: ضحية الذين
جاوروه ووهبهم الكثير من أرضه وروحه، ضحية الذي تخلى حتى عن لغته بصورة ما،
وانتظر وينتظر الحد الأدنى من انفتاح
الآخر؟
الميديا وسهولة إمكان معرفة الآخر كثيراً، في مثل هذا المشهد المأسوي: ضحية الذين
جاوروه ووهبهم الكثير من أرضه وروحه، ضحية الذي تخلى حتى عن لغته بصورة ما،
وانتظر وينتظر الحد الأدنى من انفتاح
الآخر؟
ما الذي يبقي- حتى اللحظة- ذلك الكردي
مطارَداً، محلَّلاً في قتله وبأبشع الصور، وعلى أعلى مستوى فقهي في الجوار
الجغرافي، كما لو أنه العدو الوحيد الأوحد لمطارديه ؟
مطارَداً، محلَّلاً في قتله وبأبشع الصور، وعلى أعلى مستوى فقهي في الجوار
الجغرافي، كما لو أنه العدو الوحيد الأوحد لمطارديه ؟
ما الذي نمّط وينمط الكردي بهذا الشكل من
دونية القيمة، والريبية، والشبهة، سوى هذا التاريخ المدوَّن، والذي يحتفظ بأسوأ
اللقطات وأكثرها إثارة للتساؤلات عن ” الأخوة ” المضلّلة ؟
دونية القيمة، والريبية، والشبهة، سوى هذا التاريخ المدوَّن، والذي يحتفظ بأسوأ
اللقطات وأكثرها إثارة للتساؤلات عن ” الأخوة ” المضلّلة ؟
لعل المغري بالقول هنا والواجب التشديد عليه
هو أن اعتبار الكردي في مقام البيض الفاسد أو يحال إليه نسبَاً، ليس مشكلته طبعاً،
إذا ما برز ويبرز في خانة البيض، بقدر ما تكون مشكلة الذين تعاملوا ويتعاملون
معهم، وتشكلت صورة كهذه في رؤوسهم ونفوسهم، ترجمة تاريخية للتفاوت اللافت
بينهما،وفي حدود المعطيات التاريخية، على أكثر من مسار فكري ويومي.
هو أن اعتبار الكردي في مقام البيض الفاسد أو يحال إليه نسبَاً، ليس مشكلته طبعاً،
إذا ما برز ويبرز في خانة البيض، بقدر ما تكون مشكلة الذين تعاملوا ويتعاملون
معهم، وتشكلت صورة كهذه في رؤوسهم ونفوسهم، ترجمة تاريخية للتفاوت اللافت
بينهما،وفي حدود المعطيات التاريخية، على أكثر من مسار فكري ويومي.
التعريف، كما هو التوصيف، كما هو التوليف
بالكرد بصفتهم بيضاً فاسداً، يخرج الكرد هؤلاء من نطاق الحسي الفعلي، إلى سياق
الثقافة التي حافظت، ولما تزل تحافظ على طابعها السردي من خاصية الكراهية، وفوبيا
الكردية، واستحالة تركهم جانباً، أو العدول عن هذه الفكرة، أو التحرر من فكرة خلاف
المقصود، أو تعديل الصورة النمطية المزمنة، أو ربما، إيجاد البديل، لأن فراغاً
هائلاً ومريعاً سوف يعايَن بشكل لافت، وهو الفراغ الذي يضع هؤلاء الذين عايشوا
الكرد كما أرادوا توصيفهم أو إبقاءهم تاريخياً ونفسياً، في مواجهة خوفهم من أنفسهم،
ومن ثقافتهم، ومن مدوناتهم التاريخية وسياقات عقائدياتهم الكبرى: الدينية
والاجتماعية والنفسية والسياسية، وهي المواجهة التي تتطلب ليس شجاعة النظر في مرآة
الذات، ويا لها من مرآة استغرقها صدأ حقب تاريخية موجَّهة! إنما أهلية الاستعداد
لأن يصبحوا في مستوى ما عرّفوا بهم أنفسهم، وما يشددون عليه قيمياً، وفي الآن
الراهن.
بالكرد بصفتهم بيضاً فاسداً، يخرج الكرد هؤلاء من نطاق الحسي الفعلي، إلى سياق
الثقافة التي حافظت، ولما تزل تحافظ على طابعها السردي من خاصية الكراهية، وفوبيا
الكردية، واستحالة تركهم جانباً، أو العدول عن هذه الفكرة، أو التحرر من فكرة خلاف
المقصود، أو تعديل الصورة النمطية المزمنة، أو ربما، إيجاد البديل، لأن فراغاً
هائلاً ومريعاً سوف يعايَن بشكل لافت، وهو الفراغ الذي يضع هؤلاء الذين عايشوا
الكرد كما أرادوا توصيفهم أو إبقاءهم تاريخياً ونفسياً، في مواجهة خوفهم من أنفسهم،
ومن ثقافتهم، ومن مدوناتهم التاريخية وسياقات عقائدياتهم الكبرى: الدينية
والاجتماعية والنفسية والسياسية، وهي المواجهة التي تتطلب ليس شجاعة النظر في مرآة
الذات، ويا لها من مرآة استغرقها صدأ حقب تاريخية موجَّهة! إنما أهلية الاستعداد
لأن يصبحوا في مستوى ما عرّفوا بهم أنفسهم، وما يشددون عليه قيمياً، وفي الآن
الراهن.
التخلي عن فكرة: كون الكرد بيضاً فاسداًـ
يعادل ” في الحال ” الاستعداد لأن يتمرأوا صورهم النفسية ويشموا تلك
الرائحة التي سدوا أنوفهم بسببهم: رائحتهم هم، ليس بصفتهم البيض الفاسد، حتى لا
نقع في شرَك: الاستعجام: الاستكراد المعكوس، وإنما باعتبارهم جرَّدوا ويجرّدون
سواهم، والكرد في الواجهة، كما يُستباحون الآن كثيراً في عراء خالقهم، من تلك
القيمة التي حاولوا ويحاولون اتحاف العالم، أو زعم اتحافهم بها: الإنسانية،
ويلزمهم الكثير من أجل ذلك!
يعادل ” في الحال ” الاستعداد لأن يتمرأوا صورهم النفسية ويشموا تلك
الرائحة التي سدوا أنوفهم بسببهم: رائحتهم هم، ليس بصفتهم البيض الفاسد، حتى لا
نقع في شرَك: الاستعجام: الاستكراد المعكوس، وإنما باعتبارهم جرَّدوا ويجرّدون
سواهم، والكرد في الواجهة، كما يُستباحون الآن كثيراً في عراء خالقهم، من تلك
القيمة التي حاولوا ويحاولون اتحاف العالم، أو زعم اتحافهم بها: الإنسانية،
ويلزمهم الكثير من أجل ذلك!