شروط الانتصار على الارهاب

صلاح بدرالدين

   من المقرر أن يعلن الرئيس الأمريكي اليوم برنامجه لمحاربة الإرهاب بعد قرارات اجتماع قمة حلف الناتو في – ويلز – ببريطانيا وانضمام أكثر من أربعين دولة حتى الآن الى هذا التحالف الدولي بحسب المصادر الأمريكية والذي قد يتوسع في الأيام القادمة دون أن نغفل واستنادا الى الدروس المستقاة المليئة بخيبات الأمل والاخفاقات من التجارب الأمريكية – الغربية – الدولية الماضية في محاربة منظمة – القاعدة – الإرهابية منذ عقود (يصادف اليوم الذكرى السنوية لهجمات أيلول – سبتمبر) .
 لم يعد سرا التفاوت الى درجة التناقض أحيانا بين مفهوم حركات الشعوب التحررية وثورات الربيع مؤخرا من جهة وفهم القوى العالمية والنظم الإقليمية من الجهة الأخرى ليس حول تعريف مكونات الإرهاب وقواه وأطرافه فحسب بل حيال طريقة مواجهته والوسائل المتبعة والشروط الواجبة توافرها في الجهة المؤهلة لمواجهة الإرهاب حقا وحقيقة .

      يعتبرخندق حركات الشعوب التحررية وقوى ثورات الربيع في المنطقة أن إرهاب تنظيمات الإسلام السياسي السنية منها والشيعية يضرب بأطنابه في طول منطقتنا وعرضها ومن بينها – داعش – و- القاعدة – و – حزب الله – إضافة الى الملحقات والتوابع من المسميات المتوزعة في سوريا والعراق وايران ولبنان واليمن وليبيا ومصر وتونس وغيرها ويرى أن إرهاب الدولة سبق ظهور تلك التنظيمات بل كان سببا في نشوئها ونموها مثل أنظمة الاستبداد في دمشق وطهران وحكومة المالكي في بغداد .
   أما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة فان خطابه السياسي يركز على – داعش – مستبعدا منظمات القاعدة وجناحها السوري – جبهة النصرة – وكذلك – حزب الله – وباقي المنظمات الإرهابية المنبثقة من الشيعية السياسية كما أنه لايضع على جدول أعماله وفي خانة الأعداء أطراف إرهاب الدولة مثل نظامي الأسد وآيات الله وشبيحتهما وأتباعهما بل هناك توقعات بإمكانية التعاون معهما بصور وأشكال معلنة وخفية .
  خندق الشعوب وفي المقدمة الشعب السوري الذي عانى الأمرين ومازال يتعرض الى القتل اليومي بالبراميل المتفجرة ومخططات الانقسام وجز الرقاب لايميز بين مختلف أنواع الإرهاب ويرى ضرورة استهداف إرهاب النظام وصنيعته – داعش – وكل جماعات الإسلام السياسي الأصولية التي لااختلاف يذكر بين متطرفيها ومعتدليها فهي من منبت استراتيجي واحد قد تتمايز تكتيكات أطرافها هنا وهناك أما التحالف الدولي فيرمي الى ابرام صفقات سريعة من أجل حملة عسكرية أسرع لمتطلبات استهلاكية محلية قد تكون انتخابية ومصالح اقتصادية خاصة لذلك لايبالي بالوقائع الصارخة ولايتوقف على حقائق ظروف المنطقة وخصوصياتها ويمضي قدما لاقتراف نفس الأخطاء الماضية ابان اعلان الحرب على – القاعدة – .
  خندق الشعوب وبحكم الخبرة والمعاناة يرى أن محاربة الإرهاب يشمل المواجهة الشاملة على الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وهو كل لايتجزأ ويبدأ باسقاط نظم الاستبداد التي أفرخت الإرهاب ورعته لا بمد يد التعاون اليها كما هو متوقع بشأن نظامي دمشق وطهران وأن أي خطأ يرتكب من جانب التحالف الدولي – الإقليمي خاصة بالذهاب بعيدا بالنسبة لنظام الأسد سيلحق الأذى بالشعب السوري وسيكون بمثابة – طوق نجاة – لنظام يلفظ أنفاسه الأخيرة الى جانب أن أي اعتماد على – المعارضات – في محاربة الإرهاب سيكون خاسرا والطريق الوحيد الأسلم هو دعم واسناد تشكيلات الجيش الحر والحراك الوطني الثوري العام لاعادة هيكلتها وقيامها بواجبها الوطني تجاه الشعب والوطن .
  هناك شروط  يجب توافرها في أي طرف وطني سوري عربيا كان أم كرديا أو من أي مكون آخر  ليكون مؤهلا لمواجهة الإرهاب بكل أوجهه ومنها : 1 – الايمان بمبادىء الثورة السورية وشعاراتها في اسقاط النظام وتفكيك سلطته وقاعدته والاتيان بنظام ديموقراطي برلماني يعتمد مبدأ : الدين لله والوطن للجميع . 2 – الايمان بتعددية الشعب السوري قوميا ودينيا ومذهبيا والحفاظ عليها بتعميق الشراكة وتلبية حقوق الجميع والعيش المشترك بضمانة دستورية وقانونية . 3 – الايمان بالعمل الجماعي وقبول الآخر المختلف ونبذ العنف وادانته وتحريمه في التنافس السياسي .

   كم هو مهم باعتماد هذه المبادئ من جانب التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب ولكن ؟.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…