استراتيجية أوباما الهزيلة والقوية

د. محمود عباس

الهزيلة بالنسبة للكرد والإيزيديين….
غاب عنها الكرد كما كان يعتمد عليهم. ذكرهم مرة واحدة وكان البديل الحكومة العراقية.
رغم أن معظم القادة العسكريون يشددون على القوة الكردية، لكن بالظاهر هناك لوبي آخر غطى على الحضور الكردي، والسبب في كثيره يقع على الكرد ذاتهم وخلافاتهم، وعدم قدراتهم على خلق دبلوماسية مناسبة في المحافل الدولية على سوية ثقلهم على الأرض.
غاب عنها ذكر الإيزيديين ومأساتهم، وكان البديل الطائفة المسيحية واندرج الإيزيديون تحت خانة الإثنيات الأخرى.
فكثيرون من الكرد تحركوا لتقنين التدخل الإيزيدي كإثنية قائمة بذاتها، وأرادوهم أن يكونا مذكورين من خلال الأحزاب الكردية أو الإقليم الكردي كمجموعة كردية وشعب كردي عام يتعرض على الجونسايد. وهذه أثرت على خصوصيتهم كإثنية تتعرض إلى الجونسايد الديني أولا قبل أن يكون قوميا.
لم يتمكن الكرد في سوريا من إبراز ذاتهم كقوة معارضة يمكن أن يعتمد عليهم، ومن خلال ذلك بالإمكان الحصول على مساعدات عسكرية ودعم مادي ولوجستي متنوع، ولكن وللأسف لم يكن لهم تحرك يذكر لا بخصوصية حزبية، ولا كممثلون عن الشعب الكردي في غرب كردستان، كانت هناك اقتراحات من قبل المجلس الوطني الكردستاني سوريا، لبعض الشخصيات السياسية ذات النفوذ في الإدارة الأمريكية، لكن لم تكن هناك القوة التي بالإمكان عرضها كممثل مقبول عن الشعب ومرغوب من أمريكا. التشتت أخرجتهم من المعادلة، وتجاوزنا استراتيجية أوباما، وخططه في سوريا، وعلى الأغلب من الصعب إبراز الذات بعدما مرت المسيرة، وعليه ذكر البديل حتى ولو بشكل ضعيف، فكان البديل أقسام من المعارضة السورية العربية، علماً بأنه تبين ومن خلال كلمة الرئيس أوباما أن الاعتماد عليهم سوف لن يكون استراتيجيا، والبحث عن تشكيل قادم لا يزال في طور التخطيط له.
 الاستراتيجية بالنسبة لأمريكا ومصالحها وطمأنة الشعب الأمريكي، كانت قوية وبلهجة قاسية لم تقل صرامة عن لهجة الجمهوريين في السياسة الخارجية، رغم أن أشد الجمهوريين تطرفا (السناتور جان مكين) نقد الاستراتيجية بحدة، وألقى الكثير من اللوم وأسباب ظهور هذه التيارات المتطرفة على سياسة أوباما المرنة أو الهزيلة في العراق والشرق الوسط، ورغم هذا فإن الكلمة كانت صارمة بحق الإرهابيين، وأراد أن يعطي اطمئنان للشعب الأمريكي، خاصة وقد ألحق بكلمته جمل عديدة  أفتخر فيها بإنجازات الشعب الأمريكي الداخلية والخارجية وعظمته، وقدراتهم بالوقوف في وجه الإرهاب ورفع الشأن العالمي اقتصاديا وأمنا. جمل لم يكن لها داع سوى أنه كانت لتحريك مشاعر الشعب الأمريكي بالوقوف إلى جانبه واستراتيجيته حول حربه ضد داعش والمنظمات الإرهابية، كما وإنها قوية ودقيقة في عدم إعطاء باب مفتوح لنظام الأسد ليمرر من خلالها مفاهيمه أو ادعاءاته بأنه يحارب الإرهابيين، فكانت كلمته واضحة حول سلطة الأسد واستمراريته.
   والأهم في الاستراتيجية التي شملت ليس فقط وجود الإرهاب في سوريا والعراق بل شدد على ملاحقة داعش والمنظمات الإرهابية التي لها خطر على أمريكا ومصالحها في أي مكان في العالم. لا مهادنة وستكون هناك ملاحقة حتى النهاية….
والخاسر في هذه الاستراتيجية وفي الزمن القادم ككيان قومي وكوجود هم الكرد وكردستان القادمة، شعرت وكأن سياسة قديمة بحق الكرد ظهرت ثانية، سياسة بريطانيا وفرنسا الماضية، واليوم بيد أوباما، السياسة الإلغائية التي كانت جارية في بداية القرن الماضي، برزت من خلال إهمال مقنن للقضية الكردية وتحت غطاء شرعي إلى الساحة السياسية.
  وكما ذكرنا الكرد هم السبب في هذا، والسبب الثاني اللوبي القوي للدول العربية وتركيا. كما وعدم الثقة الدولية بالحركة السياسية الكردية والتي لا تزال لا تملك من الدبلوماسية سوى فتاتها، وتدعي الخوارق في السياسة والحنكة الدبلوماسية، والأهم صراعاتهم الذاتية أمام الهيئات الدولية، وخاصة عند غياب الطرف الكردي الآخر….
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….