سلمان إبراهيم الخليل
إن قيام الثورة السورية عام 2011ضد نظام
القمع والاستبداد كانت بلا شك حدثا ًتاريخياً مفصلياً ، رغم ابتعاد الثورة عن
مسارها بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاقتها ، لكن من الأكيد إنه سيترتب على ضوء
نتائجها أيا كانت مصير الشعب السوري برمته ، الذي يضم بين مكوناته الشعب الكردي ،
كإحدى القوميات الرئيسية في سوريا ، إن هذه الثورة أفرزت معها أوضاعاً ملائمة لحل
القضية الكردية ، وهي تسنح للمرة الأولى منذ نشوء الدولة السورية ، لأن الثورة
قامت من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والتخلص من الظلم والقمع والترهيب الذي
مارسه النظام الدموي تجاه شعبه على مدى نصف قرن ، والشعب الكردي عانى ما عانته
بقية المكونات ، بل يمكن القول إن معاناته كانت مزدوجة ،
القمع والاستبداد كانت بلا شك حدثا ًتاريخياً مفصلياً ، رغم ابتعاد الثورة عن
مسارها بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاقتها ، لكن من الأكيد إنه سيترتب على ضوء
نتائجها أيا كانت مصير الشعب السوري برمته ، الذي يضم بين مكوناته الشعب الكردي ،
كإحدى القوميات الرئيسية في سوريا ، إن هذه الثورة أفرزت معها أوضاعاً ملائمة لحل
القضية الكردية ، وهي تسنح للمرة الأولى منذ نشوء الدولة السورية ، لأن الثورة
قامت من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والتخلص من الظلم والقمع والترهيب الذي
مارسه النظام الدموي تجاه شعبه على مدى نصف قرن ، والشعب الكردي عانى ما عانته
بقية المكونات ، بل يمكن القول إن معاناته كانت مزدوجة ،
فهو من جهة عانى مثل بقية
الشعب السوري من الإقصاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، ومن جهة أخرى عانى أيضا
معاناة قومية تمثلت في سلبه حقوقه وخصوصيته القومية ومورست بحقه سياسات شوفينية
بهدف إنكار وجوده وصهره قومياً. لذلك تعتبر هذه الثورة الحدث التاريخي الأنسب
للكرد ، لأنها وفرت ظروف ما كنا نتوقعها ،من حيث فقدان النظام لكل مشروعيته
وشرعيته ، كما أن هذه الثورة بينت بأن سوريا بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يستند إلى
قيم الحرية والعدالة والتعددية و التشاركية ، باعتبار هذه القيم القاسم المشترك
لأي نظام ديمقراطي ، مما كان يفترض كرديا خلق الظروف الذاتية للمساهمة في عملية
التغيير واستثمارها لنيل الحقوق القومية والديمقراطية للكرد، وتفويت هكذا حدث هام
يعني ضياع حقوق الشعب الكردي المضطهد، عندها لن تغفر الأجيال الكردية القادمة
لقيادات هذه المرحلة وسيلعن التاريخ المتقاعسين لذلك كان المطلوب من الحركة
السياسية الكردية القيام بجملة من المهام ،التي لم تكن تقبل التأجيل والتسويف
والتراخي.أول هذه المهام :كان لابد من ترتيب البيت وتشكيل مرجعية سياسية ،تمثل
الإرادة العامة للكرد في سوريا وهو ما لم يتحقق بشكل فعلي ، رغم تشكيل
المجلس الوطني الكردي الذي ضم معظم الأحزاب المعروفة ، ومجلس غربي كردستان ومن ثم
تشكيل الهيئة الكردية العليا من هذين المجلسين وهو ما لاقى ترحيباً وتأييداً من
معظم الشعب الكردي ، لكن على أرض الواقع لم يحدث شيء من توحيد
الخطاب والرؤية الكردية الموحدة حول الحل الأمثل للقضية الكردية. ثاني
المهام التي كان يجب لأن تقوم بها الحركة السياسية الكردية هو إيجاد توافق
استراتيجي وطني مع المعارضة السورية حول شكل سوريا المستقبل وكيفية حل جميع
القضايا الداخلية ومن أهمها القضية الكردية .أما ثالث المهام: كانت يجب أن تكون
تنظيم المجتمع وخاصة الشباب الكردي ضمن مجالس ثورية وعسكرية أي تشكيل قوة عسكرية
كردية تتبع لمرجعية كردية وليس لجهة حزبية ، لها مهام دفاعية لحماية المناطق
الكردية .لكن الحركة السياسية الكردية لم تستطع تحقيق هذه المهام لعدة أسباب أ_كان
هناك خلاف جوهري وليس اختلاف بين المجلس الوطني الكردي ومجلس غربي كردستان حول
رؤيتهما إلى القضية الكردية وشكل سوريا المستقبل ،فمجلس غربي كردستان لا يتطرق في
رؤيته إلى الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي في سوريا حسب المواثيق الدولية
،ولا يذكر أيضاً إلغاء المشاريع والقوانين الاستثنائية المطبقة بحق الشعب الكردي
،مثل الحزام العربي وغيرها ، كما لا يطرح شعار الدولة الاتحادية في سوريا ،وهذه
الأهداف الثلاثة السابقة هي أهم ما تسعى إليها أحزاب المجلس الوطني الكردي
،وهنا نرى تباعد وخلاف كبير في الرؤى والأهداف بين المجلسين ،خصوصا إن مجلس غربي
كردستان يطرح مفهوم الأمة الديمقراطية الذي يعني حسب رؤيتهم هو تحول القوميات
الموجودة في سوريا إلى أمة ديمقراطية ضمن إطار الحقوق المتساوية ويقصد بها الحقوق
الفردية (المواطنة) أما حقوق الجماعات هم يقصدون حقوق مجموعات المجتمع المدني ،
فالأمة الديمقراطية تتحقق بقدر ما يصبح المواطن عضوا منظما في التجمعات المدنية (مؤسسات
المجتمع المدني) وهذا تجاهل وتغاضي واضح ومقصود عن الحقوق القومية للكرد ،وعندما
يتحدثون عن الدستور الديمقراطي فأنه يتم الحديث عن حقوق الفرد أيضاً ولا توجد
إشارة إلى حقوق الشعب الكردي والأقليات حيث تقول الفقرة المتعلقة بمبدأ الدستور
الديمقراطي في كتاب (المبادئ النظرية –الإدارة الذاتية الديمقراطية لغربي كردستان
الكتاب الأول تاريخ الطبع تشرين الأول 2011قامشلو) في الصفحة 16 ما يلي
“فالدساتير الديمقراطية هي تعبير حقيقي لتوافق الدولة مع المجتمع ولا يمكن
للفرد أن يحقق حريته ويضمن حقوقه إلا من خلال مجتمع ديمقراطي لأنه ليس
بمقدوره بمفرده حماية حقوقه في مواجهة قوى الدولة المتزايدة “كما هذه المشروع
عن الحل الديمقراطي فإنه يتخذ من دمقرطة المجتمع المدني أساساً له وهولا يهدف إلى
تقاسم السلطة وهذا المبدأ يتناقض مع ما يسعى إليه المجلس الوطني الكردي من حيث
ضرورة تحقيق مبدأ التمثيل النسبي لضمان مشاركة الكرد في مؤسسات الدولة وفق نسبتهم
إلى مجموع الشعب السوري وفي الصفحة 17 من الكتاب السابق نرى ما يلي “ومبدأ
الحل الديمقراطي يتناقض كليا مع الحلول الدولتية –السلطوية وهولا يهدف إلى تقاسم
السلطة من حيث المبدأ ،بل يحرص على أن يبقى بعيدا عن السلطة ، لأن السلطة
متناقضة مع الديمقراطية ” ويكمل في نهاية هذه الفقرة “فالميزة الأساسية
لمبدأ الحل الديمقراطي هو تحقيق الضمان الدستوري لخلق إمكانية التعايش السلمي بين
مؤسسات الدولة والمؤسسات الديمقراطية وتأمين الصفة الحقوقية المشروعة لهاتين
المؤسستين من دون المساس ببعضهم البعض” ثاني الأسباب التي ساهمت في عرقلة
ترتيب البيت الكردي :هو تشكيل الهيئة الكردية العليا في تموز عام 2012وفق صيغة
علاقة غير متكافئة بين المجلس الوطني الكردي ومجلس غربي كردستان لصالح الأخير الذي
أخذ حصة الأسد من هذا الإطار بالتالي هيمن على القرار الكردي إضافة إلى انه
استفاد من اسم الهيئة الكردية العليا الذي وفر له الغطاء السياسي والشرعية
للاستفراد بتشكيل نقابات (العمال_ المعلمين) وروابط واتحادات مهنية للأطباء
والمهندسين والمقاولين وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني تحت اسم الهيئة الكردية
العليا ،بينما المجلس الوطني الكردي لا يحرك ساكناً، لكن هذه العلاقة غير
المتكافئة يدل من خلال قراءة نقدية على عجز أحزاب المجلس الوطني الكردي على عدم
القدرة للارتقاء إلى مستوى الأحداث التاريخية الهامة ، والثورة السورية كانت أكبر
برهان ،فهذه الأحزاب لم تستطع استغلال الالتفاف الجماهيري الكبير حولها ولم تقدر
على تحويل الشعور المتنامي والوعي المتزايد لدى الشعب إلى نشاط جماعي فاعل، ،
وبقيت هذه الأحزاب وقياداتها في دائرة الجمود والركود ،وقد وصلت على ما يبدو إلى
سقف محدد وقيد من التفكير والتفسير والتحليل والتعليل ، ليس باستطاعتها تجاوزه ،
لتبقى في حدود الجامد والراكد ،مستخدمة لغة الترديد والتكرار القائمة على مخاطبة
العواطف واستثمار الشعور القومي والاستخدام النفعي لقضية شعبها ، هذه النوعية
تعاني من حالة تقهقر فكري ليس بمقدورها تمثل المعرفة وتوظيفها وإعادة إنتاجها
وتحويلها إلى برامج وآليات عمل،مما يؤدي إلى حالة من التخبط على الصعيد الميداني
وتقوقع حول الذات ، وعدم القدرة على تجاوز العقلية العشائرية والنزعة الحزبية
والمصلحة الشخصية السبب الثالث الذي ساهم في عدم لم الشمل الكردي هو عدم قدرة
الحركة السياسية الكردية على مواكبة التحولات التي مرت بها الثورة السورية خصوصا
عندما تحولت من ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة ،حيث كان على الحركة الكردية القيام
ببعض التكتيكات التي تتناسب مع ظروف العسكرة ، وذلك من خلال تنظيم الشباب الكردي
في قوة عسكرية ذات مهام دفاعية ، تابعة لمرجعية كردية ولها بعد وطني والتنسيق مع
مختلف مكونات المنطقة المتعايشة مع الكرد من أجل الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي
والعيش المشترك ، لكن هذا لم يحصل ولم يستطيع المجلس الوطني الكردي من بناء هذه
المؤسسات الأمنية والعسكرية ،وفرض هذه الحقيقة كأمر واقع على كافة الأطراف (النظام
_المعارضة الجماعات المسلحة وغيرها) رغم إن الظروف كانت سانحة والإمكانيات توافرت
،من حيث ضعف النظام وتخبطه في بداية الثورة، إضافة إلى الدعم الهائل للمجلس الوطني
من الشعب الكردي وكذلك من إقليم كردستان لكنه لم يستثمرها بل بقي ينتظر الحلول من
الآخرين . بينما مجلس غربي كردستان بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي استفاد من
الظروف وشكل قوات أمنية وعسكرية ، لكن هذه القوة بقيت تابعة لجهة حزبية، استخدمت
أحياناً كثيرة ،لقمع وترهيب خصوم الحزب من الأطراف الكردية .لذلك حتى لا نكون
تكراراً لتجاربنا السابقة ،وحتى لا نستعيد تراجيديا الإخفاقات الكردية ،في الأحداث
التاريخية الهامة ، وحتى لا نبقى جسراً للنظام وغيره، ممن الذين يسعون لتنفيذ
أجندات وأهداف بعيدة عن حقوق الكرد، لابد لنا من إستراتيجية جديدة الحركة السياسية
وجميع القوى المجتمعية الكردية قبل فوات الأوان .
الشعب السوري من الإقصاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، ومن جهة أخرى عانى أيضا
معاناة قومية تمثلت في سلبه حقوقه وخصوصيته القومية ومورست بحقه سياسات شوفينية
بهدف إنكار وجوده وصهره قومياً. لذلك تعتبر هذه الثورة الحدث التاريخي الأنسب
للكرد ، لأنها وفرت ظروف ما كنا نتوقعها ،من حيث فقدان النظام لكل مشروعيته
وشرعيته ، كما أن هذه الثورة بينت بأن سوريا بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد يستند إلى
قيم الحرية والعدالة والتعددية و التشاركية ، باعتبار هذه القيم القاسم المشترك
لأي نظام ديمقراطي ، مما كان يفترض كرديا خلق الظروف الذاتية للمساهمة في عملية
التغيير واستثمارها لنيل الحقوق القومية والديمقراطية للكرد، وتفويت هكذا حدث هام
يعني ضياع حقوق الشعب الكردي المضطهد، عندها لن تغفر الأجيال الكردية القادمة
لقيادات هذه المرحلة وسيلعن التاريخ المتقاعسين لذلك كان المطلوب من الحركة
السياسية الكردية القيام بجملة من المهام ،التي لم تكن تقبل التأجيل والتسويف
والتراخي.أول هذه المهام :كان لابد من ترتيب البيت وتشكيل مرجعية سياسية ،تمثل
الإرادة العامة للكرد في سوريا وهو ما لم يتحقق بشكل فعلي ، رغم تشكيل
المجلس الوطني الكردي الذي ضم معظم الأحزاب المعروفة ، ومجلس غربي كردستان ومن ثم
تشكيل الهيئة الكردية العليا من هذين المجلسين وهو ما لاقى ترحيباً وتأييداً من
معظم الشعب الكردي ، لكن على أرض الواقع لم يحدث شيء من توحيد
الخطاب والرؤية الكردية الموحدة حول الحل الأمثل للقضية الكردية. ثاني
المهام التي كان يجب لأن تقوم بها الحركة السياسية الكردية هو إيجاد توافق
استراتيجي وطني مع المعارضة السورية حول شكل سوريا المستقبل وكيفية حل جميع
القضايا الداخلية ومن أهمها القضية الكردية .أما ثالث المهام: كانت يجب أن تكون
تنظيم المجتمع وخاصة الشباب الكردي ضمن مجالس ثورية وعسكرية أي تشكيل قوة عسكرية
كردية تتبع لمرجعية كردية وليس لجهة حزبية ، لها مهام دفاعية لحماية المناطق
الكردية .لكن الحركة السياسية الكردية لم تستطع تحقيق هذه المهام لعدة أسباب أ_كان
هناك خلاف جوهري وليس اختلاف بين المجلس الوطني الكردي ومجلس غربي كردستان حول
رؤيتهما إلى القضية الكردية وشكل سوريا المستقبل ،فمجلس غربي كردستان لا يتطرق في
رؤيته إلى الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي في سوريا حسب المواثيق الدولية
،ولا يذكر أيضاً إلغاء المشاريع والقوانين الاستثنائية المطبقة بحق الشعب الكردي
،مثل الحزام العربي وغيرها ، كما لا يطرح شعار الدولة الاتحادية في سوريا ،وهذه
الأهداف الثلاثة السابقة هي أهم ما تسعى إليها أحزاب المجلس الوطني الكردي
،وهنا نرى تباعد وخلاف كبير في الرؤى والأهداف بين المجلسين ،خصوصا إن مجلس غربي
كردستان يطرح مفهوم الأمة الديمقراطية الذي يعني حسب رؤيتهم هو تحول القوميات
الموجودة في سوريا إلى أمة ديمقراطية ضمن إطار الحقوق المتساوية ويقصد بها الحقوق
الفردية (المواطنة) أما حقوق الجماعات هم يقصدون حقوق مجموعات المجتمع المدني ،
فالأمة الديمقراطية تتحقق بقدر ما يصبح المواطن عضوا منظما في التجمعات المدنية (مؤسسات
المجتمع المدني) وهذا تجاهل وتغاضي واضح ومقصود عن الحقوق القومية للكرد ،وعندما
يتحدثون عن الدستور الديمقراطي فأنه يتم الحديث عن حقوق الفرد أيضاً ولا توجد
إشارة إلى حقوق الشعب الكردي والأقليات حيث تقول الفقرة المتعلقة بمبدأ الدستور
الديمقراطي في كتاب (المبادئ النظرية –الإدارة الذاتية الديمقراطية لغربي كردستان
الكتاب الأول تاريخ الطبع تشرين الأول 2011قامشلو) في الصفحة 16 ما يلي
“فالدساتير الديمقراطية هي تعبير حقيقي لتوافق الدولة مع المجتمع ولا يمكن
للفرد أن يحقق حريته ويضمن حقوقه إلا من خلال مجتمع ديمقراطي لأنه ليس
بمقدوره بمفرده حماية حقوقه في مواجهة قوى الدولة المتزايدة “كما هذه المشروع
عن الحل الديمقراطي فإنه يتخذ من دمقرطة المجتمع المدني أساساً له وهولا يهدف إلى
تقاسم السلطة وهذا المبدأ يتناقض مع ما يسعى إليه المجلس الوطني الكردي من حيث
ضرورة تحقيق مبدأ التمثيل النسبي لضمان مشاركة الكرد في مؤسسات الدولة وفق نسبتهم
إلى مجموع الشعب السوري وفي الصفحة 17 من الكتاب السابق نرى ما يلي “ومبدأ
الحل الديمقراطي يتناقض كليا مع الحلول الدولتية –السلطوية وهولا يهدف إلى تقاسم
السلطة من حيث المبدأ ،بل يحرص على أن يبقى بعيدا عن السلطة ، لأن السلطة
متناقضة مع الديمقراطية ” ويكمل في نهاية هذه الفقرة “فالميزة الأساسية
لمبدأ الحل الديمقراطي هو تحقيق الضمان الدستوري لخلق إمكانية التعايش السلمي بين
مؤسسات الدولة والمؤسسات الديمقراطية وتأمين الصفة الحقوقية المشروعة لهاتين
المؤسستين من دون المساس ببعضهم البعض” ثاني الأسباب التي ساهمت في عرقلة
ترتيب البيت الكردي :هو تشكيل الهيئة الكردية العليا في تموز عام 2012وفق صيغة
علاقة غير متكافئة بين المجلس الوطني الكردي ومجلس غربي كردستان لصالح الأخير الذي
أخذ حصة الأسد من هذا الإطار بالتالي هيمن على القرار الكردي إضافة إلى انه
استفاد من اسم الهيئة الكردية العليا الذي وفر له الغطاء السياسي والشرعية
للاستفراد بتشكيل نقابات (العمال_ المعلمين) وروابط واتحادات مهنية للأطباء
والمهندسين والمقاولين وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني تحت اسم الهيئة الكردية
العليا ،بينما المجلس الوطني الكردي لا يحرك ساكناً، لكن هذه العلاقة غير
المتكافئة يدل من خلال قراءة نقدية على عجز أحزاب المجلس الوطني الكردي على عدم
القدرة للارتقاء إلى مستوى الأحداث التاريخية الهامة ، والثورة السورية كانت أكبر
برهان ،فهذه الأحزاب لم تستطع استغلال الالتفاف الجماهيري الكبير حولها ولم تقدر
على تحويل الشعور المتنامي والوعي المتزايد لدى الشعب إلى نشاط جماعي فاعل، ،
وبقيت هذه الأحزاب وقياداتها في دائرة الجمود والركود ،وقد وصلت على ما يبدو إلى
سقف محدد وقيد من التفكير والتفسير والتحليل والتعليل ، ليس باستطاعتها تجاوزه ،
لتبقى في حدود الجامد والراكد ،مستخدمة لغة الترديد والتكرار القائمة على مخاطبة
العواطف واستثمار الشعور القومي والاستخدام النفعي لقضية شعبها ، هذه النوعية
تعاني من حالة تقهقر فكري ليس بمقدورها تمثل المعرفة وتوظيفها وإعادة إنتاجها
وتحويلها إلى برامج وآليات عمل،مما يؤدي إلى حالة من التخبط على الصعيد الميداني
وتقوقع حول الذات ، وعدم القدرة على تجاوز العقلية العشائرية والنزعة الحزبية
والمصلحة الشخصية السبب الثالث الذي ساهم في عدم لم الشمل الكردي هو عدم قدرة
الحركة السياسية الكردية على مواكبة التحولات التي مرت بها الثورة السورية خصوصا
عندما تحولت من ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة ،حيث كان على الحركة الكردية القيام
ببعض التكتيكات التي تتناسب مع ظروف العسكرة ، وذلك من خلال تنظيم الشباب الكردي
في قوة عسكرية ذات مهام دفاعية ، تابعة لمرجعية كردية ولها بعد وطني والتنسيق مع
مختلف مكونات المنطقة المتعايشة مع الكرد من أجل الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي
والعيش المشترك ، لكن هذا لم يحصل ولم يستطيع المجلس الوطني الكردي من بناء هذه
المؤسسات الأمنية والعسكرية ،وفرض هذه الحقيقة كأمر واقع على كافة الأطراف (النظام
_المعارضة الجماعات المسلحة وغيرها) رغم إن الظروف كانت سانحة والإمكانيات توافرت
،من حيث ضعف النظام وتخبطه في بداية الثورة، إضافة إلى الدعم الهائل للمجلس الوطني
من الشعب الكردي وكذلك من إقليم كردستان لكنه لم يستثمرها بل بقي ينتظر الحلول من
الآخرين . بينما مجلس غربي كردستان بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي استفاد من
الظروف وشكل قوات أمنية وعسكرية ، لكن هذه القوة بقيت تابعة لجهة حزبية، استخدمت
أحياناً كثيرة ،لقمع وترهيب خصوم الحزب من الأطراف الكردية .لذلك حتى لا نكون
تكراراً لتجاربنا السابقة ،وحتى لا نستعيد تراجيديا الإخفاقات الكردية ،في الأحداث
التاريخية الهامة ، وحتى لا نبقى جسراً للنظام وغيره، ممن الذين يسعون لتنفيذ
أجندات وأهداف بعيدة عن حقوق الكرد، لابد لنا من إستراتيجية جديدة الحركة السياسية
وجميع القوى المجتمعية الكردية قبل فوات الأوان .