في سماء سوريا بحثاً عن أهدافٍ داعشية محتملة للقصف، ووزير خارجية النظام يضع
شرطاً لا ثاني له، هو أن يتم كل عمل أمريكي في سوريا ب”التنسيق” مع
النظام…
السؤال هو: “ماذا لو
قالت الإدارة الأمريكية لا؟” فهل سيسقط النظام الأسدي الطائرات الأمريكية؟
بالتأكيد (كلا) فالأمريكان لا يخافون من ذلك ولا يتوقعونه أبداً، وهم واثقون من أن
هذا الذي يريد أن يصبح حليفاً لهم ليس إلا نظاماً يخوض في بحرٍ من دماء شعبه وهو
بحاجةٍ إلى من ينقذه من ورطته، وهو أضعف من أي يصبح حليفاً… ولكن لا بأس أن يلعب
دور “الجاسوس” و”جالب الأخبار” عن زعماء وشيفرات ومقرات
ومخابىء داعش وسواه، لأنه على علمٍ بوجودها وارتباطاتها، حيث أنه كان الداعم لداعش
في وجه كل قوى الثورة السورية، ويريد تبرئة نفسه من ذلك الآن، بعد أن تصرّف
“فرانكشتاين” على عكس ما كان يريده مبتكره.
وقفوا وراء قاطعي رأس الصحافي جيمس رايت فولي هم أنفسهم الذين حاولوا ولا يزالون يحاولون
تحطيم هيبة الولايات المتحدة الأمريكية كقوةٍ عظمى في العالم عامةً وفي الشرق
الأوسط خاصةً، ونظام الأسد في تكتيكاته الفاشلة لا يختلف عن نظام المالكي المطرود
من الحكم على الرغم من أن حزبه فاز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في العراق
فوزاً يؤهله لأن يشكّل حكومةً جديدة، فأرغمته الولايات المتحدة بالتنسيق مع إيران
على الذهاب إلى بيته مهزوماً مدحورا… والأمريكان مصممون على معرفة القتلة الكبار
في قضية هذا الصحافي وليس مجرّد من أمسك بالسكين وحزّ عنقه، وهذا يعني أن على نظام
دمشق الإسراع في الابتعاد عن موطن الشبهة قدر الإمكان، فدفع بكبير الدبلوماسيين
السوريين إلى “مسح الجوخ” و”غسل العتبة” بلغةٍ دبلوماسيةٍ
هادئة، مطالباً بالتنسيق بين الولايات المتحدة الأمريكية ونظام رئيسه، ومستعداً لحل الأزمة السورية، ولكن هذا يأتي متأخراً
جداً، بعد أن ظن النظام نفسه منتصراً في الحرب على الشعب السوري وأصابه الغرور
والكبر…
بعض خبراء السياسة والأمن
في الولايات المتحدة يقولون بأن لا بأس من تسخير جميع الأطراف في الشرق الأوسط من
أجل
القضاء على “الدولة الإسلامية!”، ولكن التحالف مع نظام الأسد سيكون ذا
مردودٍ سيءٍ جداً في المستقبل بالنسبة لواشنطن، ويعلم هؤلاء ماذا يقصدون. فإنقاذ
الأسد من قبل واشنطن يعني:
– إنجاح سياسة بوتين الروسي
في المنطقة وخلخلة التوازن فيها
– دعم إيران وحزب الله وبالتالي
تعريض الأمن الإسرائيلي مستقبلاً للخطر وكذلك المصالح الأمريكية
– إغضاب الشركاء والحلفاء
العرب في المنطقة وفي مقدمتهم العربية السعودية وقطر
– القضاء على ما تبقّى من مصداقية
الولايات المتحدة كدولة تقول بأنها مؤمنة بقيم الحرية والديموقراطية
– ضرب تطلعات الشعب السوري
المستقبلية وتحويل سوريا إلى بؤرةٍ واسعة لنمو مزيدٍ من المنظمات الإرهابية
– مساعدة نظامٍ مستبدٍ ومجرم
لارتكاب المزيد من المجازر والجرائم ضد الإنسانية، وهذا ستكون له تأثيرات سلبية
داخلية في الولايات المتحدة مستقبلاً لأن خصوم الديموقراطيين سيستغلون نقاط ضعف
أوباما بشكل سافر.
وعليه، فلن يكون بين الولايات
المتحدة ونظام الأسد سوى تبادل “معلومات عن المنظمات الإرهابية في سوريا
والعراق ومصادر تمويلها وشبكة اتصالاتها وهذا ما قد حدث باستمرار بين دمشق وواشنطن
عملياً عبر التاريخ الحديث، وفي مختلف المراحل، حتى من قبل هجمات القاعدة على
أمريكا في 9/11. وبهذا وحده لا يستطيع النظام إلحاق الهزيمة بالثورة السورية التي
تسجّل رغم غدر وخيانة داعش لها الكثير من النقاط الناجحة يوماً بعد يوم. فإذا كان
هدف
الثورة السورية، وهنا نجد دمشق وواشنطن غير متفقتين على هدف واحد.
وبالتأكيد، إن قدمت دمشق
لواشنطن ما لديها من معلومات بصدد المنظمات الإرهابية أو احتفظت بها لنفسها، فإن
ما يطمح إليه النظام من بناء علاقات مع واشنطن ليس إلا الاعتراف به كبديل عن
معارضة وطنية وديموقراطية، إلا أن الولايات المتحدة تعلم جيداً أن سبب نمو وتزايد
أحجام وفعاليات المنظمات الإرهابية في
المنطقة هو تردد إدارة أوباما في انهاء نظام الأسد، قبل ذبح الصحافي جيمس فولي، وكما
أن تشكيل حكومة عراقية جديدة سيكون في خدمة أهدافها في العراق، فإن القضاء على
نظام الأسد أو “الانقلاب” عليه سيكون أيضاً في خدمتها… وهذا قد يكون
السيناريو الجديد الذي سيترافق مع الإجهاز على “الدولة الإسلامية”…
ولذا يمكن القول بأن
النظام الاسدي يقترب من نهايته…