أوسو
إنجلترا (الكاثوليكية) في القرن السادس عشر في كتاب (بناة الإنسانية ) بما أن
أرواح الكفرة سوف تحرق في جهنم أبداً ، فليس هناك أكثر شرعية من تقليد الانتقام
الإلهي بإحراقهم على الأرض.
الصليبية – التي استمرت أكثر من ثلاثة قرون ضد الإسلام والمسلمين- أبيدت الملايين
ودمرت القرى والمدن ، وهدمت المساجد والمعابد، وكانت تبقر بطون الحوامل لإخراج
الأجنة ثم حرقها بعد ذلك في ضوء الشموع والمشاعل شارلمان هو الذي فرض المسيحية بحد
السيف.
والملك (أولاف)
ذبح كل من رفض اعتناق المسيحية في النرويج ،قطع أيديهم وأرجلهم ونفاهم وشردهم ،
حتى انفردت المسيحية بالبلاد.
وفي الجبل الأسود بالبلقان قاد الأسقف الحاكم (دانيال بيتر وفتش
عملية ذبح غير المسيحيين ليلة عيد الميلاد.
وفي الحبشة قضى الملك سيف أرعد سنة(1342-1370م)بإعدام كل من أبى
الدخول في المسيحية أو نفيهم من البلاد.
ثم نجد أن المسيحية-وليس الإسلام-هي التي أبادت الهنود الحمر في
أمريكا.
ومن الذي أشعل الحروب العالمية ، لقد قتل في الحرب العالمية
الأولى عشرة ملايين وفي الثانية حوالي 70مليون.
وكم قتل من البشر بالقنابل الذرية التي ألقيت على (نجازاكي)
و(هيروشيما).
وترى المسيحية
في حربها الصليبية عندما حاصرت بيت المقدس وشددت الحصار ورأى أهلها أنهم مغلوبين
فطلبوا من قائد الحملة (طنكرد) الأمان على أنفسهم وأموالهم فأعطاهم الأمان على أن
يلجأوا إلى المسجد الأقصى رافعين راية الأمان فامتلاء المسجد الأقصى بالشيوخ
والأطفال والنساء ، وذبحوا كالنعاج وسالت دماءهم في المعبد حتى ارتفعت الدماء إلى
ركبة الفارس وعجت الشوارع بالجماجم المحطمة والأذرع والأرجل المقطعة والأجسام
المشوهة ، ويذكر المؤرخون أن الذين قتلوا في داخل المسجد الأقصى فقط سبعين ألفاً
ولا ينكر مؤرخو الفرنج هذه الفضائح.
لكنك إذا التفت إلى الجانب الإسلامي بعد 90 سنة من هذه المجزرة فتح
صلاح الدين بيت المقدس فماذا فعل لقد كان فيها ما يزيد على مائة ألف غربي بذل لهم
الأمان على أنفسهم وأموالهم
وعصرنا اليوم خير شاهد على ذلك ، فأين وصايا المسيح التي يدعونها
ويتشدقون بها!!.
ألم يقف (اللورد اللنبي) ممثل الحلفاء : إنجلترا ، وفرنسا ،
وإيطاليا ، ورومانيا ، وأميركا ، في بيت المقدس في سنة 1918 ، حين استولى عليه في
أخريات الحرب الكبرى الأولى قائلاً: (اليوم انتهت الحروب الصليبية ) ؟!.
وألم يقف الفرنسي (غورو) ممثل الحلفاء أيضاً – وقد دخل دمشق –
أمام قبر البطل المسلم الكوردي (صلاح الدين الأيوبي) قائلاً (لقد عدنا يا صلاح
الدين) ؟!!
وهل هدمت
الديار ، وسفكت الدماء ،واغتصبت الأعراض في البوسنة والهرسك إلا باسم الصليب ؟
بل أين هؤلاء مما حدث في الشيشان – ومازال يحدث -؟ وفي إفريقيا
؟واندونيسيا ؟ و…غيرها ؟ وهل يستطيع هؤلاء إنكار أن ما حدث في كوسوفا كان حربا
صليبية ؟ ألم يقل بوش فى حربه الأخيرة ستكون حربا صليبية.
ومثل هذه الفظائع لم يقع في جهاد المسلمين لأعدائهم فما كانوا
يقتلون النساء ولا الأطفال ولا الدهماء من الناس ، ويجدر أن نذكر بوصية الصديق حيث
قال لأسامة بن زيد وجنده:”لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ، ولا
تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة
، ولا تعزقوا نخلاً ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة
ولا بعيراً إلا للأكل.
وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم
له”
بل ما رأي
هؤلاء في الدول التي لم يدخلها مسلم مجاهد بسيفه ؟ وإنما انتشر فيها الإسلام
بوساطة العلماء والتجار والبحّارة كأندونيسيا ، والصين ، وبعض أقطار إفريقيا ،
وأوروبا وأمريكا ، فهل جرَّد المسلمون جيوشاً أرغمت هؤلاء على الإسلام ؟ ألا
فليسألوا أحرار الفكر الذين أسلموا من أوروبا وغيرها ، وسيجدون عندهم النبأ اليقين.
(نقلا عن موقع
المسيحية فى الميزان)
(حوار صريح بين
عبد الله وعبد المسيح .د/ عبد الودود شلبي ص(190- 197) بتصرف نقلا عن موقع موقع
بسمك اللهم للرد على النصارى تحت عنوان هل انتشر الإسلام بحد السيف).
(الشبكة
الإسلامية السيرة النبوية للشيح: محمد أبوشهبة ).
الشبهة السابعة
: من الذي أحرق مكتبة الاسكندرية ؟؟
من الاتهامات الشائعة التى يُرمى بها الإسلام والمسلمون هو إحراق عمرو
بن العاص لمكتبة الأسكندرية.
ويستشهدون ببعض
النصوص التى ذكرت فى بعض المراجع التاريخية التى كتبها بعض المؤرخين من المسلمين
والنصارى.
وحجتهم فى ذلك
ما كتبه عبد اللطيف البغدادى ( 1231 م ) فى كتابه “الإفادة والاعتبار فى
الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر” ، والمقريزى يكاد ينقل ما ذكره
البغدادى حرفياً ، وكذلك ابن القفطى ( 1248 م ) فى كتابه “أخيار العلماء
بأخبار الحكماء” ، وكذلك الكاتب النصرانى أبا الفرج الملطى ( 1277 م ) فى
كتابه “مختصر الدول”.
والجواب أنه:
– من المعروف
أن عمرو بن العاص قد فتح مصر عام 642 م، وقد تلاحظ من التواريخ أعلاه أن أول من
كتب عن هذا هو عبد اللطيف البغدادى بعد الفتح بزمن يبلغ تقريباً 600 عام.
أضف إلى ذلك أن
المؤرخين الذين سبقوه لم يشيروا إلى هذه التهمة أية إشارة مع أنهم قد تكلموا فى
كتبهم بإسهاب عن الفتح الإسلامي لمصر.
ومن هؤلاء
المؤرخين سعيد بن البطريق( 905 م ) تقريباً والطبرى واليعقوبى والبلاذرى وابن عبد
الحكم والكندى وغيرهم.
أضف إلى ذلك أن
الكتاب فى القرنين السابقين للفتح العربى لم يذكروا شيئاً عن وجود مكتبة عامة فى
الأسكندرية، وكذلك لم يشر إليها حنا النقيوس ولا إلى إحراقها مع أنه كتب عن الفتح
العربى.
– أكَّدَ لوبون جوستاف فى كتابه “حضارة العرب” المطبوع عام
1884 بباريس (صفحة 208 ):
أن المكتبة لم
تكن موجودة عند الفتح العربى ، إذ كانت قد أُحرِقَت عام 48 ق . م عند مجىء يوليوس
قيصر إلى الأسكندرية.
وهذا ما أكده
بطلر فى كتابه “فتح العرب لمصر” صفحة 303 – 307 وأضاف أن يوليوس قيصر
كان محصوراً سنة 48 ق . م فى حى البروكيون يحيط به المصريون من كل جانب تحت قيادة
أخيلاس ، فأحرق السفن التى فى الميناء لقطع خط الرجعة على يوليوس وقيل إن النيران
امتدت إلى المكتبة (يقصد هنا مكتبة المتحف أو المكتبة الأم) وأحرقت المكتبة
وأفنتها أو قد فنيت تماماً فى القرن الرابع الميلادى.
ويواصل بطلر
دفاعه قائلاً:
أما المكتبة
الوليدة التى قامت فى السيرابيوم فإنها كانت فى حجرات متصلة ببناء معبد السيرابيوم
وقد أحرق هذا المعبد فى عهد تيودوسيوس عام 391 م على يد المسيحيين الذين كان
يقودهم رئيسهم تيوفيلوس.
– أكَّدَ جيبون فى كتابه “إضمحلال وسقوط الإمبراطورية
الرومانية” الجزء التاسع (صفحة 275 ):
أن المكتبة قد
أُحرِقَت عام 387 – 395 م فى عهد تيودوسيوس.
وقد يدل على
صدق هذه الأقوال أن أحد الرحالة الرومان واسمه أورازيوس قد زار مصر فى أوائل القرن
الخامس الميلادى وكتب عنها سنة 416 م وذكر أنه لم يجد سوى رفوف خالية من الكتب فى
هذه المكتبة.
ذكر جرجى زيدان فى جزئه الثالث من كتابه التمدن الإسلامى (صفحة
42 – 43) نقلاً عن أبى الفرج الملطى (النصرانى) – وهذا مانقله المقريزى عنه بالحرف
– أن يوحنا النحوى صرَّح أن المكتبة كان بها على عهد بطولماوس فيلادلفوس أكثر من
120 50 كتاباً وأن هذه الكتب تم احراقها فى ستة أشهر بعد أن وزعت على أربعة آلاف
حمام.
– ويعترض فريق
من المؤرخين على رواية أبى الفرج لأسباب كثيرة لا يقرها العقل:
يوحنا النحوى قبل فتح العرب لمصر بحوالى 30 أو 40 سنة.
عمرو بن العاص على إحراق الكتب ثم يسلمها إلى الحمَّامات التى يقوم على خدمتها
نصارى مصر – مع العلم بوجود كتب ومقتنيات نفيسة فى هذه المكتبة؟
فى استطاعة أصحاب الحمامات أن يبيعونها ويتربحوا منها؟
فى استطاعة أحد الأثرياء من أمثال يوحنا النحوى أن يشتروها؟
الكتب تصنع من ورق الكاغد الذى لا يصلح لإيقاد النار.
المعروف أن المسلمين كانوا يعملون على نشر العلم منذ غزوة بدر، ولذلك كانوا
يطلقون سراح الأسير إذا قام بتعليم عشرة من المسلمين.
فى الحديث المنسوب ليوحنا النحوى لعمرو بن العاص حيث ذكر أن هذه الكتب نفيسة
ولا تُقدَّر بمال.
وما كان لعمرو بن العاص أن يحرقها لأنها مال يخص أقباط مصر ، والعهد
الذى أخذه عمرو على نفسه يقتضى حماية الأقباط وأموالهم.
بن العاص للمصريين فى الوجه القبلى ثمن ما أتلفه الرومان فى هجومهم الثانى على مصر
بسبب خطته التى كانت ترمى إلى سحب القوات الرومانية بعيداً عن الأسكندرية.
فيستبعد أن
يكون قد أتلف ممتلكاتهم وأموالهم إبراراً بعهده معهم.
الرسول عليه الصلاة والسلام مع عمر بن الخطاب رقوقا من الكتاب المقدس ولم
يأمره بحرقه أو التخلص منه.
كذلك سأل
الرسول عليه الصلاة والسلام اليهود عن قول التوراة فى الزناة
وقرأوا عليه من الكتاب الذى بأيديهم ، ولم يأمر أحداً بنزعه منهم أو حرقه.
10- على
الرغم من أن الكتاب المقدس به بعض النصوص التى يراها المسلم شركاً بيناً أو
كفراً صريحاً أو قذفاً لا مراء فيه فى حق الأنبياء ، وعلى الرغم أن البعض قد يفهم
النصوص التى تشير إلى زنا الأب ببناته ، أو زنا الحمى بكنته، إلا أنه لم يقم أحد
من المسلمين بحرق نسخة واحدة من الكتاب المقدس ولا توجد نصوص فى القرآن أو السنة
تحض على ذلك.
المأمون عام 830 م فى بغداد “بيت الحكمة” وهو عبارة عن مكتبة عامة
ودار علم ومكتب ترجمة، ويُعد بيت الحكمة أعظم صرح ثقافى نشأ بعد مكتبة الأسكندرية.
فيستبعد على
مسلم أُمِرَ بالعلم والقراءة والبحث والتدبر أن يحرق كتاباً للعلم.
الكثيرين من المسلمين بدراسة اللغات الأجنبية وترجمة كتب بعض مشاهير العلوم فى
العصر الأغريقى، وإرسال العلماء من المسلمين (على نفقاتهم الخاصة) التجار إلى بلاد
الهند وبيزنطة للبحث عن كتب العلم وشرائها.
أنقل بعضاً
منهم من كتاب “شمس العرب [أصل الترجمة شمس الله] تسطع على الغرب”
للكاتبة زيجريد هونكه مثل:
كان العلماء
المسلمين حريصين على اقتناء كتب العلم اليونانية والرومانية ودراسة ما فيها.
ومن أمثال ذلك
رجل العلم العظيم موسى بن شاكر وأولاده الثلاث محمد وأحمد وحسن فى عصر الخليفة
المأمون.
وقد برعوا فى
علم الفلك ودراسة طبقات الجو والرياضة.
كانوا يرسلون
أتباعهم إلى بلاد البيزنطيين على نفقاتهم لشراء الكتب وترجمتها والاستفادة من
علومهم. ولو كان فى الإسلام نص ينهى عن ذلك لما اقترفوا إثم البحث عن العلم وترجمة
الكتب وتعليم الغرب.
ألم يحرص
العلماء أمثال الخوارزمى على اقتناء كتب العلم الهندية وغيرها.
فقد كان على
علم بكتب بطلميوس عن جداول الحساب والجبر وهو من قام بتصحيحها.
ألم يترجم ثابت
بن قرة لبنى موسى عدداً كبيراً من الأعمال الفلكية والرياضية والطبية
لأبولونيوس
وأرشميدس وإقليدس وتيودوسيوس وأرستوطاليس وأفلاطون وجالينوس وأبوقراط وبطلميوس.
كما أنه صحح
ترجمات حنين بن اسحق وولده ثم شرع فى وضع مؤلفات ضخمة له، فوضع 150 مؤلفاً مسلماً و
10 مؤلفات باللغة السريانية فى الفلك والرياضيات والطب.
فهذا نموذجاً
من النماذج المشرقة فى صفحات علم المسلمين وتقديسهم للعلم.
فهل يصدق أحد
العقلاء أن المسلمين قاموا بإحراق مكتبة عظيمة مثل مكتبة الأسكندرية ثم بعد ذلك
يتكبد علماؤهم مشقة البحث عن مؤلفات لنفس العلماء الذين حُرِقت كتبهم؟!!!
فهل قابل الغرب
هذا بالشكر؟
فقد طمسوا
الهوية الإسلامية حتى لا يظهر الإسلام متلألأً وسط الظلام الذى فرضه قساوسة
وأساقفة وباباوات الدين النصرانى على كل من أتى بحقيقة علمية تخالف الكتاب المقدس
وتُظهر جهل من ألَّفوه.
فقد أسموْ
الخوارزمى “ألجوريزموس” Algorizmus وأسموْ ابن سينا “أريستوفوليس” Aristofolis أو Avicienne وأسموْ ابن
رشد “أفيروس” Averoes
ونختتم هذا
الرد بقول ألدوميلى Aldo Mieli فى كتابه القيِّم:
“العلم
عند العرب (مسلمين)”:
“فى
القرن الأول من خلافة العباسيين [بداية القرن الثامن] كان المترجمون (من الأغريقية
إلى السريانية ، ومن السريانية إلى العربية) هم الذين يحتلون المرتبة الأولى – على
وجه الخصوص – من النشاط العلمى” وكان من بين هؤلاء العلماء والمترجمين نصارى
ويهود احتضنتهم قصور الخلافة نفسها.
فلا يُعقل أن
نحرق كتبهم ونبيد علومهم ثم نحتضن علماءهم.
ومن أمثال
هؤلاء العلماء تيوفيل بن توما الرهاوى وهو مسيحى مارونى توفى
عام 785 م، وجرجس بن جبريل بن بختيشوع المتوفى عام 771 م ، وكذلك أبى يحيى البطريق
المتوفى عام 800 م ، (صفحة 184 من شمس العرب تشرق على الغرب).
( نقلا عن شبكة
بن مريم الإسلامية )
الشبهة الثامنة
: يحتج النصارى وأتباعهم من الشرقيين ببعض الحجج الواهية على صحة ما هم عليه:
– منها أنهم
قالوا: إن القرآن الكريم ورد بأن عيسى عليه السلام روح الله تعالى وكلمته ، وهو
اعتقادنا.
والجواب من
وجوه أحدها: أن من المحال أن يكون المراد الروح والكلمة على
ما تدعيه النصارى ، وكيف يليق بأدنى العقلاء أن يصف عيسى عليه السلام بصفة ،
وينادي بها على رؤوس الأشهاد ، ويطبق بها الآفاق ، ثم يكفر من اعتقد تلك الصفة في
عيسى عليه السلام ويأمر بقتالهم وقتلهم وسفك دمائهم وسبي ذراريهم ، وسلب أموالهم ،
وهذا برهان قاطع على أن المراد على غير ما فهمه النصارى.
ثانيها: أن
الروح اسم الريح الذي بين الخافقين يقال لها:
ريح وروح لغتان
، وكذلك في الجمع رياح وأرواح ، واسم لجبريل عليه السلام وهو المسمى بروح القدس ،
والروح اسم للنفس المقومة للجسم الحيواني ، والكلمة اسم للفظة المفيدة من الأصوات.
وتطلق الكلمة
على الحروف الدالة على اللفظة من الأصوات ، ولهذا يقال:
هذه الكلمة خط
حسن ومكتوبة بالحبر ، وإذا كانت الروح والكلمة لهما معان عديدة فعلى أيهما يحمل
هذا اللفظ؟ وحمل النصراني اللفظ على معتقده تحكم بمجرد الهوى المحض.
وثالثهما :وهو
الجواب بحسب الاعتقاد لا بحسب الإلزام ، أن معنى الروح المذكور في القرآن الكريم
في حق عيسى عليه السلام هو الروح الذي بمعنى النفس المقوم لبدن الإنسان ، ومعنى
نفخ الله تعالى في عيسى عليه السلام من روحه أنه خلق روحا نفخها فيه ، فإن جميع
أرواح الناس يصدق أنها روح الله ، وروح كل حيوان هي روح الله تعالى ، فإن الإضافة
في لسان العرب تصدق حقيقة بأدنى الملابسة ، كقول أحد حاملي الخشبة لآخر : شل طرفك
يريد طرف الخشبة ، فجعله طرفا ، للحامل ، ويقول :
طلع كوكب زيد
إذا كان نجم عند طلوعه يسري بالليل ، ونسبة الكوكب إليه نسبة المقارنة فقط ، فكيف
لا يضاف كل روح إلى الله تعالى، وهو خالقها ومدبرها في جميع أحوالها ؟ وكذلك يقول
بعض الفضلاء لما سئل عن هذه الآية فقال : نفخ الله تعالى في عيسى عليه السلام روحا
من أرواحه ، أي جميع أرواح الحيوان أرواحه ، وأما تخصيص عيسى عليه السلام ، وعلو
منزلته بذكر الإضافة إليه ، يقال : كما قال تعالى : {وما أنزلنا
على عبدنا}{إن عبادى ليس لك عليهم سلطان}مع أن الجميع عبيده ، وإنما التخصيص لبيان
منزلة المخصص ، وأما الكلمة فمعناها أن الله تعالى إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون
، فما من موجود إلا وهو منسوب إلى كلمة كن ، فلما أوجد الله تعالى عيسى عليه
السلام قال له : كن في بطن أمك فكان ، وتخصيصه بذلك للشرف كما تقدم ، فهذا معنى
معقول متصور ليس فيه شئ كما يعتقده النصارى من أن صفة من صفات الله حلت في ناسوت
المسيح عليه السلام ، وكيف يمكن في العقل أن تفارق الصفة الموصوف ، بل لو قيل
لأحدنا :
إن علمك أو
حياتك انتقلت لزيد لأنكر ذلك كل عاقل ، بل الذي يمكن أن يوجد في الغير مثل الصفة ،
وأما أنها هي في نفسها تتحرك من محل إلى محل فمحال لأن الحركات من صفات الأجسام ،
والصفة ليست جسما ، فإن كانت النصارى تعتقد أن الأجسام صفات ، والصفات أجسام ، وأن
أحكام المختلفات وإن تباينت شئ واحد سقطت مكالمتهم ، وذلك هو الظن بهم ، بل يقطع
بأنهم أبعد من ذلك عن موارد العقل ومدارك النظر ، وبالجملة فهذه كلمات عربية في
كتاب عربي ، فمن كان يعرف لسان العرب حق معرفته في إضافة وتعريفاته وتخصيصاته ،
وتعميماته ، وإطلاقاته وتقييداته ، وسائر أنواع استعمالاته فليتحدث فيه ويستدل له
، ومن ليس كذلك فليقلد أهله العلماء به ، ويترك الخوض فيما لا يعنيه ولا يعرفه .
– ومنها : أنهم
قالوا في الكتاب العزيز إنه : {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين
كفروا إلى يوم القيمة}.
24-8-2014