لا بديل عن وحدة الصف الكردي

  افتتاحية صوت الأكراد *

يوماً بعد يوم يزداد الوضع تعقيداً في ظلِّ ربيعٍ عربي تحول بين ليلةٍ وضحاها إلى شتاءٍ هائج, لا يدري أحد نتائج عواصفه, فما إن تحركت الشـعوب في المنطقة لتحصل بعد عقود من الظلم والاستبداد على حريتها وكرامتها حتى انقلبت الآية لتحول ربيعها إلى جحيم لا يطاق , وما تشهده ليبيا واليمن … دليل واضح على ذلك .

وفي سـوريا أيضاً كانت ثورة الحرية والكرامـة والتي سرعان ما تخلى عنها الأصدقاء وركـب أمواجها المتسلقون وأجهضها المتآمرون من فحواها, فكان كل هذا الدمار والخراب والقتل والتشريد , والتي أدخلت المنطقة برمتها في دوامة من الخطر العظيم , والكارثة التي لا يعرف نهايتها متى ستكون ولا أين ستخمد أوارها .
العراق الجـار بدأ يلتهب , وكذلك الجار الآخر لبنان بدأ بالغليان , الجميع بدا عليه الخوف والقلق من هذا الذي يحدث بطريقة غير منطقية تثير الدهشة والريبـة في الوقت عينه , فتنظيم هلامي كداعش كيف يستطيع التوغل من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب بسرعة تعجز أكبر الجيوش الجرارة على ذلك , وهو التنظيم الذي لا يملك سوى القليل من الأعضـاء والبسيط من السلاح , ولماذا هذا الغض للنظر على تحركاته من قبل الحكومات المأزومة بهذه الطريقة المريبة فعلاً, فأرتال سياراته المليئة بعناصره يسهل إبادتها ولا أحد يفعل ذلك …
ثم يستيقظ الكرد في العراق ليجدوا العديد من مناطقهم تحت سيطرة هذا التنظيم الذي أوقف جميع عملياته وتوجه صوب إقليم كردستان العراق, وذلك جنباً إلى جنب مع هجومه المتكرر على المناطق الكرديـة في سوريا من عفرين إلى الجزيرة مروراً بكوباني وتل أبيض … إن ذلك يبعث بالعديد من الرسائل الخطيرة للشعب الكردي مفادها بأن أحلامهم التي باتت قاب قوسين أو أدنى هناك من سيفشلها مهما كلف الثمن , حتى لو كان هذا الثمن الوقوف إلى جانب منظمة إرهابية , وليس ببعيد عن هذا جاء تصريح المكتب الإعلامي للائتلاف السوري المعارض والذي تهجم فيه على قوات وحدات الحماية الشعبية الكردية في حربها ضد هذه المنظمة الإرهابية “داعش” في مدينة الحسكة في الوقت الذي تهنئ فيه عشائر دير الزور بتصديها لداعش الذي يعتبرونها تنظيماً إرهابياً, وإنا دلَّ ذلك على شيء فإنما يدل على العقلية العنصرية الشوفينية لدى العديد من أقطاب المعارضة السورية تجاه الشعب الكردي  .
وعليه فإن ما جرى ويجري في المناطق الكردية في سوريا والعراق ، وما يرافقها من مواقف من بعض الأطراف إنما يعتبر ناقوس خطر يدق ليوقظ الشعب الكردي وحركته السياسية في سوريا ، ليتنبهوا لحقيقة ما يجري من حولهم , وليثبت للجميع وفي مقدمتها الحركة الوطنية الكردية في سوريا بمختلف مكوناتها أنه لا بديل في ظل هذه الأوضاع عن وحدة الصف الكردي والوقوف جنباً إلى جنب في وجه هذه الحملة البربرية على شعبنا الكردي .
وهنا فإننا في الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا ( البارتي ) نكرر دعوتنا للجميع بأن يعملوا فوراً على تنفيذ جميع الاتفاقيات المبرمة بين المجلسين الكرديين ( المجلس الوطني الكردي ومجلس الشعب في غرب كردستان )  وفي مقدمتها اتفاقية أربيل والتي تعتبر حجر الأساس لانتصار الكرد في هذه المرحلة التاريخية العصيبة , والتي لا بد فيها لنا جميعاً التحلي باليقظة والحس العالي بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا , و بذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق أهداف شعبنا الكردي وذلك يكون دون شك بنبذ الأنا الشخصية والحزبية جانباً بكل معنى الكلمة , وإلا فإن ربيعنا أيضاً قد يتحول إلى هباب تذروه الرياح .
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…